هل تمّ وضع إخراج لرد إيراني “منضبط” على غارة دمشق؟

د. محمد قواص، مركز تقدم للسياسات

تقدير موقف.

تقديم: تتضارب السيناريوهات بشأن شكل الردّ الذي ستنفّذه طهران انتقاما من قيام إسرائيل بشنّ غارة على قنصلية إيران في دمشق في الأول من أبريل الجاري. وفيما تتدافع التقارير السياسية والعسكرية بشأن حجم الضربة وردود الفعل المتوقّعة، فإن تواصلا جرى بين طهران وواشنطن لمواكبة الردّ المتوقّع وضبط تداعياتها.
يأخذ الحدث بعدا دراماتيكيا وفق النقاط التالية:
– منعت السفارة الأميركية على موقعها الإلكتروني موظفي الحكومة الأميركية وأفراد أسرهم من السفر لأغراض شخصية خارج مناطق تل أبيب الكبرى (بما في ذلك هرتسليا ونتانيا وبن يهودا) والقدس وبئر السبع حتى إشعار آخر.
– التقى رئيس القيادة المركزية الأمريكية (CENTCOM) الجنرال مايكل كوريلا،الخميس، في تل أبيب مع رئيس أركان الجيش الإسرائيلي هرتسي هاليفي “لتنسيق الاستعدادات لهجوم إيراني محتمل ضد إسرائيل”. كان من المقرر أصلاً أن تركز زيارة كوريلا على الجهود الأمريكية لبناء ميناء عائم قبالة غزة المتوقع أن يبدأ تشغيله في غضون ثلاثة أسابيع تقريبًا. وذكر موقع “أكسيوس” قبل وصول كوريلا أن مسؤولين أمريكيين وإسرائيليين من مختلف الأجهزة الأمنية كانوا على اتصال خلال الأيام القليلة الماضية.
– تحدثت تقارير في إسرائيل عن سيناريوهات مختلفة، بما في ذلك هجوم مباشر من قبل إيران عبر الصواريخ أو الطائرات بدون طيار أو هجمات من قبل وكلاء إيران – أي حزب الله في لبنان، أو الحوثيين المتمركزين في اليمن، أو الميليشيات في سوريا والعراق. وفي الأيام الأخيرة، تكهن خبراء إسرائيليون بأن إيران قد تستهدف بعثة إسرائيلية أو منشآت أمنية في الخارج.
– نقلت صحيفة وول ستريت جورنال، الخميس، عن مسؤول أميركي مطلع ان “تقارير المخابرات الأميركية تشير إلى ضربة انتقامية إيرانية ربما على الأراضي الإسرائيلية بدلاً من المصالح الإسرائيلية في أماكن أخرى”.
– ذكرت صحيفة “يديعوت أحرونوت”، الجمعة، أن الموساد والجيش الإسرائيلي صادقا على خطة لشن هجوم على إيران إن قصفت إسرائيل من أراضيها بشكل مباشر.
– نقلت وكالة “رويترز” عن مصادر إيرانية قولها، “إن طهران نقلت لواشنطن رسالة مفادها أنها سترد على الهجوم الإسرائيلي على سفارتها في سوريا على نحو يستهدف تجنب تصعيد كبير، وأنها لن تتعجل. ونقلت رويترز عن مصدر، “إن وزير الخارجية الإيراني، حسين أمير عبد اللهيان، نقل رسالة إيران إلى واشنطن في أثناء زيارة له الأحد لسلطنة عمان، التي كثيراً ما توسطت بين طهران وواشنطن”. وأردفت بأن طهران طلبت أيضاً ضمانات، بألا تتدخل الولايات المتحدة إذا نفذت إيران هجوماً منضبطاً على إسرائيل، وهو مطلب رفضته الولايات المتحدة في ردها عبر عُمان.
– وكالة “تسنيم” الإيرانية نقلت عن المرشد علي خامنئي قوله إن “الكيان الخبيث أخطأ في الهجوم على قنصليتنا، ويجب أن يُعاقب، وسينال العقاب”. ونقلت وكالة “تسنيم” عن يحيي رحيم صفوي، مستشار خامنئي، أن “جميع سفارات إسرائيل لم تعد آمنة”، وفق ما نقلته “تسنيم” كذلك.
– تحدث صحف أميركية عن تواصل بريت ماكغورك، كبير مسؤولي البيت الأبيض لشؤون سياسة الشرق الأوسط، مع وزراء خارجية المملكة العربية السعودية وقطر والإمارات العربية المتحدة يوم الأربعاء في محاولة عبر قناة خلفية لإقناع إيران بوقف التصعيد مع إسرائيل.
– ذكرت صحيفة إنترسبت يوم الأربعاء أن الحكومة الإيرانية حذرت مسؤولين أمريكيين من أن القوات الأمريكية في المنطقة ستعتبر أهدافًا إذا جاء الجيش الأمريكي للدفاع عن إسرائيل ضد أي هجوم انتقامي.
– بعض الترجيحات تتحدث عن إمكانية استهداف قواعد للجيش الإسرائيلي في أريتريا. تمتلك إسرائيل عددا من القواعد العسكرية في ارخبيل “دهلك” التي استأجرتها من إريتريا منذ عام 1995، حيث تتواجد قوات بحرية وجوية اسرائيلية في جزيرتي «حاليب وفاطمة» ضمن هذا الأرخبيل كما أن لإسرائيل قواعد عسكرية في كل من جزيرتي «سنتيان وديميرا» تستخدمان في العمل المخابراتي.
خلاصة:
**الأرجح أن تنسيقا يجري بين طهران وواشنطن لإخراج ردّ إيراني لا يستدعي ردا إسرائيليا ولا تدخلا أميركيا.
**تقوم سلطنة عمان بنقل الرسائل بين إيران والولايات المتحدة، كما أن واشنطن تتواصل مع عواصم متعددة في المنطقة لضبط ردود الفعل الإيرانية.
**يجري تنسيق عسكري بين واشنطن وتل أبيب يقوم به الجنرال مايكل كوريلا للتأكد من التزام إسرائيل عسكريا بالتفاهمات الإيرانية الأميركية بشأن الرد المحتمل.
**عملت إيران على تفعيل حملة تهويل وتصعيد لأغراض الاستهلاك المحلي وإحداث حالة هلع في إسرائيل والمنطقة. غير أن رسالة إيران إلى الولايات المتحدة من خلال عُمان تعبّر عن الموقف الرسمي المتجرّد من أي لهجة شعبوية دعائية.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.