هل اسرائيل معنية بصفقة تبادل الأسرى؟

تقدير موقف : مركز تقدم للسياسات
بعد شهر ونصف على الحرب في غزة ، باتت اسرائيل في ورطة عدوانها وبدأت تتسع دائرة الاصوات التي تقول بأنها تقود الى المجهول. يتضح أيضا ان حكومة الحرب تتقدم نحو صفقة تبادل الاسرى وهي منقسمة على ذاتها بين موقف يمثله غانتس وايزنكوت من المعسكر الرسمي، وبين غالنت وقادة الجيش، بينما لم يحسم نتنياهو موقفه بعد. ويبقى الضغط الامريكي باتجاه هدنة لبضعة ايام وإطلاق سراح ما يمكن تحريره من خلال صفقة تبادل جزئية حاليا.
هناك عاملان ضاغطان وقد يحسما الامور نحو انجاز صفقة تليها صفقات وهدن؛ وهما الحراك الشعبي الواسع الذي تقف في مركزه عائلات الرهائن والاسرى الاسرائيليين في غزة، والعامل الاخر هو تراكم الثمن اسرائيليا وعلى ثلاثة مستويات مدمجة وهي، البشري الحربي والاقتصادي والاجتماعي. وبات يعترف الجيش بوجود معارك ضارية رغم ان الحرب على غزة ليست حربا متكافئة بأي شكل من الاشكال، وبدأت تصدر تقديرات بأن اسرائيل غير قادرة على حسم تحقيق اهداف الحرب بقوتها الذاتية ، نظرا للأهداف التي باتت واضحة عسكريا وعملياتيا وهي تسطيح كل قطاع غزة وجنوبه كما شماله الى حين القضاء على قيادة حماس واستعادة المخطوفين وفقا للجيش، مقابل غموض في الاهداف السياسية وخلاف جوهري بشأنها، مما حسم امر الحكومة حاليا بالتركيز على الحرب على غزة والامتناع عن توسيع الجبهات، مع امكانية محدودة للغاية لتدحرج الامور نحو تصعيد القتال في الجبهة الشمالية مع لبنان.
من يتابع الاصوات الصادرة عن عائلات الرهائن الإسرائيليين يتيقن من تعالي اصوات اليأس وانعدام الثقة بأن مجريات الحرب قد تقود الى اعادة افراد عائلاتهم دونما صفقة والعودة الى صيغة “الكل مقابل الكل”. لقد أصبحوا على قناعة بأن اولويات الجيش والعملية الحربية لا تتماشى مع اولوية انقاذ ذويهم. انهم يشاهدون اجتماعات المجلس الوزاري المصغر للشؤون الامنية والذي بات مسرح صراعات لقوى سياسية وأمنية مأزومة ، مما دفع رؤساء الجيش والشاباك والموساد الى ترك الجلسة احتجاجا يوم 19/11.
وللتوضيح، فقد باتت هناك ثلاثة أطر حكومية؛ كابينيت الحرب المقلص، والكابنيت الحكومي (اللجنة الوزارية للشؤون الامنية والسياسية) والحكومة بكامل هيئتها. في حين تتفاوت توازنات القوى في كل هيئة وبشكل جوهري.
ورطات الحالة:
• لا اكتراث اسرائيليا بتاتا بشأن الكارثة الانسانية في غزة، في المقابل كلما ازدادت خسائر الجيش فإنه يسعى الى المزيد من القوة وتوسيع عملياته مما يتسبب بالمزيد من الثمن، وكلما طال امد الحرب يتفاقم العبء الاقتصادي الاجتماعي على المجتمع وحصريا على النازحين من جهة وعلى جنود الاحتياط (360 ألفا) المنخرطين في الحرب الذين بدأت تتسع حلقة المطالبة بتحرير ولو جزئي لقسم منهم. مما يدفع نحو تقصير امد الحرب.
• كلما تقدمت الامور باتجاه انجاز صفقة تبادل جزئية فإنها تخلق حالة خلافية داخل عائلات الرهائن يعززها الاعلام الاسرائيلي، كلما تعمقت الازمة الاخلاقية السياسية للدولة امام مطلب تحرير الجميع. وهذا يتنافى مع موقف الجيش نحو التصعيد وتوسيع نطاق الحرب.
• تتآكل ثقة الاسرائيليين برواية الناطق باسم الجيش وهو المرجعية الاسرائيلية الوحيدة للمعلومات، وإشغاله للراي العام في تفاصيل لا تهم المجتمع ولا دراية له فيها وبصدقيتها مثل روايته بشأن مستشفيي الشفاء والرنتيسي. كما ان سعيه والرقابة العسكرية الى عدم بث اشرطة الفيديو المتعلقة بالرهائن والتي ينشرها الناطق باسم كتائب القسام ودعوة المجتمع الاسرائيلي الى عدم مشاهدتها، تأتي بنتائج عكسية وحصريا لدى العائلات وانصارهم.
• يتعالى صوت خطاب “الوحدة” بين نتنياهو وغانتس وغالنت، بينما على المستوى السياسي عادت الصراعات لتكون على أشدها وتنبئ باحتمالية تعمق التصدع الداخلي، ويبدو انه بات الخيار الوحيد لدى الائتلاف الحاكم للحفاظ على حكمه وتغيير وجهة التحولات الناقمة عليه في المجتمع الاسرائيلي، حتى وان كان ذلك ضمن التنازل عن عودة الرهائن والاسرى الى ذويهم.
خلاصة:
– باتت صفقة تبادل جزئية مقابل هدنة لأيام وادخال مساعدات انسانية الى غزة، بمثابة المحطة الاهم في سير امور الحرب على غزة، لكن ذلك سيكون وفقا للمنظور السياسي الاسرائيلي انتصارا لحماس وإخفاقا في تحقيق اهداف الحرب، لأن سلسلة من الهدن لأيام قد تجعل مواصلة الحرب متعثّرة.
– لا تستطيع الحكومة التهرب من الصفقة مع العلم انها ستعمق الانقسام الإسرائيلي
– قد يكون مصير نتنياهو السياسي على المحك إسرائيليا، الا انه لا يمكن التعويل على أن نزوله من الحلبة السياسية سيعني نهاية الحرب.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.