تحركات أمريكية وسعودية لإيقاف الحرب في السودان

محاولات روسيا وإيران للتمدد في ساحل البحر الأحمر تحيي مبادرة جدة

ذوالنون سليمان

تقدير موقف، مركز تقدم للسياسات

تقديم:
استمعت لجنة الشؤون الخارجية بمجلس الشيوخ الأمريكي إلى شهادة المبعوث الخاص للسودان توم بيرييلو حول مسار الحرب في السودان ومخاطرها علي الوضع الإنساني ، وخططه حول سبل إنجاح مفاوضات جدة وإنهاء التدخلات الخارجية في السودان ، وعلى ذات الصعيد، أجرى وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان الأربعاء اتصالين بكل من رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان وقائد الدعم السريع محمد حمدان دقلو، وذكرت الخارجية السعودية في بيانها إن بن فرحان ناقش مع القائدين العسكريين تداعيات الأوضاع الحالية وانعكاساتها على الشعب السوداني وحثهما على تجنيب السودانيين مزيداً من الدمار.
تحليل:
– مؤشرات استمرارية الحرب بين الجيش وقوات الدعم السريع في السودان دفعت الأطراف الإقليمية والدولية لتنشيط مبادراتها الهادفة لاحتواء الأزمة، خصوصا بعد تزايد المخاوف الدولية من تطورها لحرب أهلية شاملة تعقد الأوضاع الإنسانية أكثر، وتحول المنطقة لجغرافيا صراع إقليمي ونزاع دولي بفضل موقع السودان الحيوي وموارده الطبيعية، يتمظهر ذلك في التقارب الايراني الروسي مع حكومة البرهان ومحاولاتهما استقلال احتياجاته اللوجستية وتوظيفها من أجل تمديد نفوذهم بسواحل البحر الأحمر والقرن الافريقي.
– شدد المبعوث الأمريكي على أنه يعمل مع الأطراف الآخرين على أن تكون مفاوضات جدة، في الأسابيع المقبلة، هي الأخيرة والتي ستنجح في وقف الحرب في السودان وضرورة بداية محادثات السلام، وتحذيره من خطورة تحوّل السودان إلى مصدر تهديد للمنطقة والعالم أجمع نظرا لكبر مساحته وموقعه الجغرافي وتعداده السكاني، وتداخل العديد من المجموعات العرقية مع دول جوار التي تعاني من هشاشة أمنية وتصدعات مماثلة، تزيد من قابلية انتقال الصراع اليها.
– علي الرغم من تأكيدات الرياض على ضرورة أن تكون هذه الجولة هي الجولة الأخيرة من المحادثات حتى لا تصل الحرب إلى نقطة اللاعودة، إلا أن تحركات طرفي الصراع لا تبشر باقتراب الوصول لاتفاق سلام، حيث يواصل الطرفان حشدهم العسكري واستعداهم لخوض حروب مدن جديدة تتيح لهم فرض اجندة انتصاراتهم، وهو ما جعل المبعوث الأمريكي الخاص في شهادته أمام الكونجرس يهاجم قائدي الجيش والدعم السريع، ويتهمهما بالقتال من أجل السلطة وافتقارهما للشجاعة الكافية لإيقاف الحرب التي يتحكمان بها.
– تعتمد الإدارة الامريكية في إستراتيجيتها لإنهاء الحرب في السودان مع السعودية على بناء تحالف قوي من الشركاء لتحقيق السلام، يساعد في إجبار أطراف الصراع على إنهائها، ويفرض المزيد من العقوبات على الأفراد والمؤسسات التي تمول الحرب، ويخلق مشاركة لأطراف جديدة في محادثات السلام، مثل دولة الإمارات وجمهورية مصر والاتحاد الأفريقي، بالإضافة لوضع تصور جديد لعملية السلام .
– تستند استراتيجية السلام على جعل الهدف من مفاوضات منبر جدة في إيقاف الحرب ووضع البلاد في مسار التحول الديمقراطي الصحيح وليس حل جميع مشكلات السودان، مع ترك مناقشة هوية السودان السياسية في إطار العملية المدنية في المستقبل وليس في سياق المفاوضات الراهنة، في إشارة لموقف قوي الثورة السودانية وقوات الدعم السريع من مشاركة عناصر النظام القديم الإسلامية وشركائهم في العملية السياسية .
خلاصة:

• فرضت توجهات البرهان الخارجية على طرفي مبادرة جدة لسلام السودان إعادة تفعيل المنبر وذلك من أجل قطع الطريق أمام التحركات الروسية والإيرانية الرامية لإيجاد موطئ قدم لها في السودان وتعزيز نفوذها في منطقة البحر الأحمر الذي أصبح مسرح رئيسي لصراع المحاور والأقطاب من خلال استغلالهما للحرب في السودان , التواجد الإيراني والروسي الملموس في بورتسودان يصعب مهمة شركاء منبر جدة في إنجاز عملية سلمية تتجاوز قوي الحرب في السودان , التي تراهن علي الصراع الدولي في المنطقة وتقايض عدم تواجدها في السلطة بالفوضى الشاملة , وتضع الجميع أمام خياري التسليم بوجودها أو رؤية دولة فاشلة في بلد بحجم السودان , يشكل أهمية إستراتيجية لجميع الأطراف .
• بات السودانيون على إدراك افضل بعد كارثة الحرب الإنسانية وانفراط عقد الدولة، والدخول الفاعل لقوى النظام القديم والحركة الإسلامية في ميادين الحرب، بان فترة انتقالية وحكومة مستقلين من خارج اطار المحاصصة الحزبية، وخروج القوى المسلحة جميعا من العملية السياسية، وان لا شرعية لاي طرف سياسي من خارج صندوق الاقتراع، هي المدخل لحل الصراع الدموي في البلاد. ربما يفتح افاقا لنجاح منبر جدة.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.