وزير خارجية إيران في العراق: المهمة والرسائل وأدوار بغداد المطلوبة
تقدير موقف، مركز تقدم للسياسات
تقديم: يتابع المراقبون باهتمام رحلات وزير الخارجية الإيراني إلى عواصم المنطقة لاستنتاج الخطّ البياني لمواقف طهران وتحوّلاتها المحتملة عشيّة ردّ إسرائيلي عسكري محتمل ضد إيران. وبعد ما أثارته زيارته لبيروت من ردود فعل، توقّف المراقبون عند ما حمله الوزير عراقجي إلى بغداد وما تعنيه هذه الزيارة في بلد يُعتبر حديقة خلفية للجمهورية الإسلامية، وميدانا محتملا من ميادين أي حرب محتملة ضد إيران.
نرصد الحدث فيما أُعلن من مواقف وفي قراءة للمعطيات والخلفيات التالية من داخل العراق:
– زار وزير الخارجية، عباس عراقجي، بغداد، الأحد 13 أكتوبر 2024. وقال من هناك “إن إيران لا تريد الحرب ولا تريد الاستفزازات، لكنها على استعداد تام لمواجهة أي حرب أو أي استفزاز”.
– أضاف أن زيارته لبغداد تأتي بهدف “التشاور مع الحكومة العراقية لإبعاد المنطقة عن أي شبح أو كارثة حربية”، موضحاً أن “بلاده تقدر عالياً مواقف الحكومة العراقية والمرجعية الدينية والشعب العراقي في رفضهم الحرب في غزة ولبنان، ومساعيهم الداعمة للشعبين”.
– يعتقد خبراء في الشؤون الإيرانية أن محطات وزير الخارجية العراقي في عواصم المنطقة تختلف عن زيارة الوزير أو أي مسؤول إيراني إلى بيروت وبغداد، وأن العراق ولبنان، لكونهما، من خلال نفوذ حزب الله في لبنان و “الإطار التنسيقي” الشيعي في العراق، جزء من “محور المقاومة”، لهما أدوار مباشرة في الصراع الجاري حاليا بين إيران وإسرائيل.
– يضيف الخبراء أن الوزير الإيراني وبعده رئيس البرلمان الإيراني سعيا في زيارتهما إلى بيروت إلى دعم حزب الله واستنهاض دوره العسكري وحمايته من أي تدابير خلفية قد تقدم عليها الحكومة والطبقة السياسية في بيروت. بالمقابل فإن زيارة الوزير إلى بغداد هدفها استطلاع جهوزية “الإطار” والفصائل الولائية في حال توسّعت الحرب ضد إيران.
– يرى مراقبون أن إيران تسعى أيضا إلى استخدام حكومة بغداد برئاسة، محمد شيّاع السوداني، لبعث رسائل إلى الولايات المتحدة تفوّض بغداد لعب دور لدى المجتمع الدولي لخفض التصعيد.
– كان لافتا أن رسائل الوزير من بغداد ركّزت على تعزيز التنسيق العراقي الإيراني حول وقف او احتواء التصعيد ومنع نشوب حرب إقليمية واسعة، بما يرسل من بغداد رسائل سلم وتهدئة لم يرسلها من بيروت التي أصرّ فيها على ربط وقف إطلاق النار في لبنان بوقفه في غزًة.
– عبّر بالمقابل وزير الخارجية العراقي، فؤاد حسين، عن رسالة مطلوبة إيرانيا تصدر من بغداد باتجاه الولايات المتحدة مفادها “عدم سماح العراق باستخدام أجوائه لضرب إيران”.
– أشار الوزير الإيراني من أن الحرب الإسرائيلية، التي انتقلت من غزّة إلى لبنان ستنتقل إلى دول أخرى، ما حمل تحذيرا لكل العراقيين من مغبة سقوط بلدهم داخل ميدان العمليات الحربية الإسرائيلية.
– أشار “الإطار التنسيقي” الشيعي، وهو أكبر تكتل سياسي في حكومة السوداني، إلى جهود تنسيق مشتركة تقوم بها بغداد مع طهران لوقف التصعيد. فيما أعتبر مراقبون عراقيون أن نفوذ “الإطار” في العراق رهن استمرار نفوذ إيران في المنطقة، وأنه قلق من تطوّرات متعلقة بالردّ الإسرائيلي المرتقب وتأثيراته على نفوذ إيران العام.
– يعتبر هؤلاء أن تعيين السوداني، مرشح “الإطار” الشيعي، رئيسا للحكومة، كان بناءً على تقاطعات إيرانية أميركية، وأن السوداني طوّر علاقاته مع واشنطن محافظا على توازن في العلاقة مع طهران، ما يمنح بغداد ورئيس حكومتها دورا متقدّما في التواصل مع واشنطن وعواصم غربية أخرى، منها باريس التي نظّمت معها قمّتي بغداد للتعاون والشراكة عامي 2022 و 2024.
– يرى مراقبون أن مستقبل العلاقة بين العراق والولايات المتحدة ومستقبل طبيعة ومدة الحضور العسكري الأميركي في العراق عوامل ستتأثّر بموقف واشنطن من مستويات الردّ الذي قد يتحوّل إلى حرب بين إسرائيل وإيران. كما أن هذا الحضور العسكري الأميركي في العراق سيكون هدفا منطقيا مباشرا من قبل إيران وفصائلها العراقية في حال باتت الحرب من دون خطوط حمر.
– أكد وزير الخارجية العراقي، فؤاد حسين، عزم حكومته إبقاء بلاده خارج إطار الحروب، مؤكداً أن قرار الحرب والسلم خاضع للدولة العراقية، رافضاً استخدام الأراضي العراقية لاستهداف دول الجوار.
– قالت معلومات إن الجانب العراقي يثير مع ضيوف بغداد الإيرانيين، وأُثير الأمر أيضا مع عراقجي، مسألة ضرورة أن تمارس طهران ضغوطا جديّة على الفصائل الموالية لها في العراق لضبطها وجعلها أكثر إنصاتا لسياسات الحكومة وأجنداتها.
– ترى بغداد في هذا الصدد أن حرج الحكومة من تصرفات الفصائل يضعف موقفها أمام المجتمع الدولي، ما من شأنه إضعاف دورها لخفض التصعيد في العلاقة مع الدول الكبرى المعنيّة.
– بالمقابل تقرّ المصادر بتعقّد علاقات القوى السياسية في العراق وخلافاتها البينية، حتى داخل “الإطار” نفسه، لكنها تؤكد أن القوى الشيعية مجمعة على التأكيد على وحدة ساحتي العراق وإيران، وأن العراق لن يقف محايدا في حال تعرّض إيران لحرب شاملة.
– تؤكد مصادر مقرّبة من السوداني أن الحكومة مدركة أن العراق سيكون جزءا من الحرب ضد إيران وقد يكون مسرّحا أساسيا لها، ما يدفع بغداد والسوداني إلى لعب دور -حيوي بالنسبة لأمن العراق واستقراره- في التواصل مع واشنطن والمجتمع الدولي لخفض التصعيد أو وضع قواعد اشتباك منضبطة.
خلاصةّ:
**تسعى إيران، من خلال زيارة وزير خارجيتها إلى بغداد، إلى استنهاض الحلفاء واستطلاع جهوزية الفصائل الولائية في العراق للمشاركة في أي حرب قد تتعرّض لها إيران.
**تستخدم إيران علاقاتها مع حكومة محمد شياع السوداني في العراق لبعث رسائل نحو الولايات المتحدة، وحثّ بغداد على لعب دور أكبر لضبط الحرب وخفض التصعيد.
**تخشى بغداد من تحوّل العراق إلى ساحة من ساحات الحرب في حال صارت شاملة ضد إيران. ولبغداد مصلحة في تجنّب هذا الاحتمال، من خلال جهودها لدى الولايات المتحدة.
**يعتبر “الإطار التنسيقي” والفصائل الموالية في العراق أن استمرار نفوذها في العراق منذ سقوط نظام صدام حسين، رهن بقاء إيران قوية في المنطقة، ما يدفعها إلى المشاركة في الحرب في حال تعرّض إيران إلى الحرب.
**تعوّل بغداد وطهران على إدراك واشنطن لحساسية وضع القوات الأميركية في العراق، في حال نشبت حرب ضد إيران، لدفع الولايات المتحدة إلى خفض التصعيد وضبط الردّ الذي تستعد له إسرائيل ضد إيران.