ورشة عمل حول الازمة الراهنة في شرق السودان


باحثون : الشرق هو كعب اخيل الثورة السودانية ويقف على برميل بارود

في اطار عمل مركز تقدم للسياسات حول الوضع في السودان ، وسلسلة الندوات وورش العمل مع مختلف القوى السودانية ، عقد المركز ورشة عمل مع عدد من الباحثين حول الوضع في شرق السودان ، بعد مسلسل الاحداث الدامية التي حصلت في كسلا وبورتسودان ، وذلك للوقوف العلمي على خارطة القوى الاجتماعية والسياسية والعوامل المؤثرة في مشهد الشرق ، ولا نبالغ في المصادقة على استخلاص لاحد ابرز المثقفين السودانيين وهو الحاج وراق وقوامه ” ان الثورة الشعبية في السودان لا يمكنها الاكتمال والوصول الى السلام والعدالة والدولة الوطنية ، الا اذا حلت مشاكل الشرق “.

قدم الباحثون الرئيسيون أوراق عمل وفتح النقاش الذي اغني المداخلات من قبل المشاركين، وهم الأساتذة : محمد جميل – صحفي وباحث ، مبارك أردول – السياسي والباحث ، الدكتور عبدالناصر الفكي – المحاضر في جامعة أفريقيا العالمية في الخرطوم ، إبراهيم إدريس – مدير دار آدال للدراسات والثقافة والنشر ، عبد الرحمن هرفا – الجبهة الشعبية المتحدة

تناول الباحثون عددا من القضايا الجوهرية، تختصر في ان اقليم الشرق ظل يعاني من ثالوث مزمن امتد منذ الاستقلال الى اليوم ، الجهل والفقر والمرض ، وهو منطقة جيوسياسية تحاذي دولا عاشت فترات طويلة من الفوضى والحروب الاهلية ، نتج عنها موجات نزوح كبرى نظرا للتداخل الثقافي والعرقي بين شرق السودان ووكل من ارتريا واثيوبيا ، لتضيف إشكاليات هوياتية لا زالت ماثلة الى يومنا ، أضيفت لتنوع اثني وقبلي معقد ، وتحول الميناء الرئيسي في البلاد الى عامل جذب إضافي لعمالة وافدة من غرب وشرق ووسط السودان . وأشارت أوراق الباحثين الى حقيقة انه وعلى الرغم غنى منطقة الشرق السوداني بالمعادن والموارد الطبيعية ووقوعها على شاطئ البحر الاحمر الا انها عانت من التهميش والإهمال التنموي، بلغ ذروته مع انقلاب البشير الترابي عام ١٩٨٩. حيث مارس نظام الانقاذ سياسة تفتيت كل البنى الاجتماعية والسياسية، واستقطب بعض القوى لتوقع معه ما عرف باتفاقية اسمرة عام ٢٠٠٦، لكنها لم تنهي حالة الإهمال، وانما فاقمت المشكلات الاجتماعية والاقتصادية.

بعد ثورة ديسمبر، تباينت اراء الباحثين حول أسباب الفراغ السياسي الذي تعانيه مناطق الشرق، ومسؤولية حكومة الخرطوم وحاضنتها السياسية قوى الحرية والتغيير في إعادة الاعتبار لقوى اجتماعية تقليدية من النظار والعمد والقبائلية على حساب هياكل سياسية كان لها دور كبير في الثورة منذ ثمانينات القرن الماضي. أشار المتحدثون الى ان الازمة الحالية في الشرق والفتنة المخططة يديرها رجال النظام القديم الذين يديرون المؤسسات الحكومية المدنية والعسكرية.

اتفق الباحثون في مداخلاتهم على ان حل مشكلة الشرق ممكنة واقعيا اذا انتقلت الحكومة الى الأرض لمعالجة جذرية لمشاكل توزيع الأراضي وحيازتها بشكل عادل ، وإيجاد حلول عاجلة لبطالة الشباب ، ومشاريع تنموية حقيقية ، وبسط هيبة الدولة ومؤسساتها . ودون حلول جذرية للمشكلات المتوارثة فان الشرق سيظل الخاصرة الرخوة للثورة والانتقال المدني والسلمي للسلطة ،ولا يستبعد العودة لدورة عنف جديدة ، مع استمرار تعبئة قبلية جاهلة .في ختام الندوة تحدث منسق وحدة الشؤون الافريقية في المركز علي هندي ، عن استمرار ورش عمل وندوات حول شرق السودان الشهرين القادمين ، على أن تصدر أوراق ونقاشات الندوات الكترونيا على صفحة المركز وفي كتيب يصدر في ديسمبر القادم ، ونوه الهندي الى ان المركز سيعمل على عقد مؤتمر موسع للباحثين والاكاديميين والسياسيين في شرق السودان حينما تسمح ظروف المنطقة .

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.