ورشة عمل اثيوبية

تجسير الهوة بين اثيوبيا والعالم العربية مهمة مشتركة

عقد “مركز تقدم للسياسات” في لندن ورشة عمل شارك فيها عدد من الاكاديميين والسياسيين الاثيوبيين، في اطار برنامج المركز لتعزيز علاقة اثيوبيا بالعالم العربي، بعد التوتر الذي طرأ على العلاقات مع الجوار العربي في اعقاب تعثر مفاوضات سد النهضة بين السودان ومصر واثيوبيا والاشكالات الفنية والقانونية لاقتسام مياه النيل الأزرق بشكل لا يؤثر على شريان المياه الرئيسي للحياة في مصر والسودان ويضمن في ذات الوقت حصول اثيوبيا على الطاقة التي تحتاجها لبناء نهضة صناعية وزراعية. ولثقة المركز بأهمية اثيوبيا للأمن القومي العربي خاصة في ظل رئاسة الدكتور ابي احمد للحكومة التي شهدت العلاقات مع العالم العربي في سنتي حكمة انعطافه جذرية.

في هذا السياق، أطلق المركز برنامج السار الدبلوماسي الثالث، الذي يختص بمنظمات المجتمع المدني والدبلوماسية الناعمة في المنطقتين العربية والاثيوبية، يشتمل على عقد اللقاءات وورش العمل مع النخب الاثيوبية والعربية ، وكانت الورشة الاولى لاستكشاف افاق وممكنات العمل كانت باستضافة مجموعة من الاكاديميين والسياسيين الأثيوبيين ممن لديهم الحضور في الوسط الاجتماعي والثقافي والاكاديمي وكذا التأثير على صانع القرار في اثيوبيا في ورشة عمل عقدت عبر تقنية الزووم.

قدم الباحثون اوراقا استعرضت سياسة الحكومات المتعاقبة على حكم اثيوبيا تجاه العالم العربي والانتكاسات التاريخية التي رافقت هذه العلاقة التي تعود الى مئات السنين ، وكيف ان هذه العلاقة المتأرجحة حالت دون بناء جسور صداقة بناءة ودائمة .تحدث في الندوة كلا من البروفسور برهاني منجيستو وهو محاضر في جامعة فرجينيا في الولايات المتحدة الامريكية، والدكتور زنبي بيني المحاضر في جامعة ميسيسيبي الامريكية وكان من ضمن الوفد الذي صاحب رئيس الوزراء ابي احمد في احتفالية جائزة نوبل، الي جانب كلا من السيدة وسنش ديبيلا والسيد سلمون جبرسلاسي وهما عضوان بارزان في حركة بناء الامة الذي يسعي الي اعادة الثقة في بناء الوحدة الوطنية.

تناول الباحثون اسباب تصاعد مشاعر الكراهية ضد اثيوبيا لدي دول الجوار وكيف انعكس ذلك على الشعوب. نوه الباحثون الى الإرث التاريخي للعلاقة والتي تعود الى عهد النبي محمد عندما ارسل بعثته الاولى الى ملك الحبشة النجاشي ، والذي توج بانتشار الإسلام في تلك البلاد التي تعد موطنا للكنسية المسيحية القبطية ، ويتعايش اليوم سكان اثيوبيا المسلمين والذين يصل عددهم الي 45 من بالمئة من تعداد السكان مع إخوانهم من القوميات والأديان الأخرى ، ولهذا يعتبر الاثيوبيين انفسهم شركاء في الإرث الإسلامي ، وتم التنويه الى ارتباط الكنسية القبطية وشقيتها المصرية ، وخلصوا الى ان هناك العديد من المشتركات التي تسمح بتجديد العلاقة المثمرة بين اثيوبيا ومصر وبقية دول الجوار العربي .

تطرق الباحثون الى اهمال الحكومات الاثيوبية ولأسباب تاريخية للعلاقة مع العرب ومسؤولية الاعلام الاثيوبي في ترسيخ صورة سلبية عن اثيوبيا لدي الشعوب العربية. من جانبه أشار محمد مشارقة مدير المركز الى أهمية البعد الثقافي في التعريف بتراث وثقافة الجانبين، مشيرا الى جهل العالم العربي بأدب وفنون وحضارة الشعوب الاثيوبية ، وهي مسؤولية يتحملها السياسيون والنخب الثقافية .

اتفق الباحثون على ان قضية النيل ظلت محور الخلافات وسوء الفهم منذ منتصف ستينات القرن الماضي، حين اندرجت اثيوبيا ابان حكم هيلاسيلاسي في المحور الغربي المعادي للقومية العربية وحكومة عبد الناصر، وان استمرار سوء الفهم حول سد النهضة يتحمل مسؤوليته الجانبان المصري والاثيوبي، لان الخلاف يتعدى مصر الى بقية الشعوب العربية، حيث تم تظهير الازمة وكان اثيوبيا تريد حرمان مصر من حقوقها المائية في النيل الأزرق. اتفق المشاركون على أهمية العمل بالمسارات الدبلوماسية المختلفة

من اجل توفير مناخ إيجابي وتعايشي تفرضه اقدار الجغرافيا وحسن الجوار، فاستقرار اثيوبيا وتقدمها الاقتصادي يعزز فرص التعاون المشترك والازدهار لعموم المنطقة، ونوه المشاركون الى ان تغيير طبيعة النظام السياسي والاقتصادي في اثيوبيا يفتح قنوات التعاون الاقتصادي والاستثمار في المجالات المختلفة في سوق يتعدى سكانه المائة وعشرة ملايين نسمة.

في ختام اعمال الورشة، شكر المشاركون إدارة مركز تقدم على المبادرة لتجسير الهوة بين اثيوبيا والعالم العربي، وتم الاتفاق على تشكيل نواة فريق عمل من الباحثين المشاركين من خلال وحدة الدراسات الافريقية في المركز، تكون مهمته هي عقد المزيد من ورش العمل تستضيف مجموعة من الاكاديميين والمختصين في المجالات المختلفة، بهدف التعريف بوجهات النظر المستقلة للأثيوبيين، كما اتفق ان يعمل المركز على تنظيم مؤتمر حوار مصري اثيوبي ، واثيوبي عربي في الفترة القادمة

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.