واشنطن تدفع بمسار تطبيع بين لبنان وإسرائيل: الوقائع والاحتمالات

تقدير موقف، مركز تقدم للسياسات

تقديم: تقاطعت معطيات أميركية وإسرائيلية تفيد بتحضيرات في واشنطن وتل أبيب لتحويل المفاوضات العسكرية بين لبنان وإسرائيل بشأن النزاعات الحدودية إلى مستوى دبلوماسي يهدف إلى تطبيع العلاقات بين البلدين. فما هي تطوّرات هذا الأمر، وكيف تتحرك واشنطن وتل أبيب في هذا المسار، وما احتمالات نجاح ومعوقات هذا الاحتمال؟

– في 12 مارس 2025، نقلت صحف إسرائيلية عن “مسؤول إسرائيلي كبير” أن إسرائيل تتخذ خطوات نحو التطبيع المحتمل مع لبنان، حيث سيحلّ الممثلون الدبلوماسيون محل المسؤولين العسكريين في محادثات المفاوضات القادمة.
– أكد المصدر أن هذه المحادثات تهدف إلى الانتقال إلى مسار سياسي دبلوماسي، وأن الاجتماع القادم سيضم ممثلا دبلوماسيا إسرائيليا بدلا من مسؤول في الجيش الإسرائيلي، مما يمثل زيادة فورية في أهمية المحادثات، وفق التقييم الإسرائيلي.
– ترى مصادر إسرائيلية أن إسرائيل أفرجت عن 5 سجناء لبنانيين، حتى يتمكن الرئيس اللبناني الجديد، جوزيف عون، من الظهور للرأي العام اللبناني بأنه قادر على تحقيق نتائج للبلاد دون صراع عسكري يدمر لبنان، مما قد يمهد الطريق للتطبيع في المستقبل بين البلدين.
– في 11 مارس، اعلنت المبعوثة الاميركية الخاصة بلبنان، مورغان أورتاغوس، بانه سيتم الافراج عن 5 اسرى لبنانيين لدى اسرائيل. واشادت بعمل الرئيس اللبناني. وذكرت بأن الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، يرى بان السلام وتنفيذ القرارات السياسية والدبلوماسية هي التي تحل مشكلة الحدود. واردفت: “أطلقنا مجموعات عمل دبلوماسية ستعمل على حلّ المشكلات بين لبنان وإسرائيل، كالخط الازرق وغيره، وإنني متفائلة باتفاق لحل قضية النقاط الخمس”.
•⁠ ⁠فيما اعتًبر تبريرا لتواصل الغارات الإسرائيلية على لبنان، أكدت اورتاغوس بان تدمير ترسانة حزب الله جنوب الليطاني جزء من الاتفاق (1701)، و “نعمل على بناء قدرات الجيش اللبناني كي يكون الحاكم الوحيد”. واردفت بانه “بقيادة الرئيس عون ورئيس الحكومة نواف سلام نحاول إرساء مستقبل جديد للبنان، وتركيزنا اليوم التوصل الى اتفاق دبلوماسي بشأن النقاط الخمس وإطلاق الأسرى”.
– في 11 مارس، نقل موقع أكسيوس الإميركي عن مسؤول في البيت الأبيض قوله إن لبنان وإسرائيل اتفقا على حلّ ما تبقى من مشكلات بشأن الحدود بينهما بوساطة أميركية. وأضاف أن إسرائيل أفرجت عن 5 أسرى لبنانيين كجزء من التفاهمات، وأن إدارة ترامب‏ تتوسط بين إسرائيل ولبنان منذ عدة أسابيع، وأشار إلى أن هذه الوساطة تهدف لتعزيز وقف إطلاق النار في لبنان والتوصل لاتفاق بشأن الخطوات التالية.
– توقف المراقبون عند إعلان أورتاغوس عن تشكيل “مجموعات عمل دبلوماسية”، واعتبروه تطوّرا مفاجئا، وقد يحمِل في طياته منحى يناقش مستقبل العلاقات اللبنانية مع إسرائيل. ولفتوا إلى أن الملفات التي أثارتها أورتاغوس بشأن ترسيم الحدود، هي قضايا تقنية يتولاها عادة مندوبون عسكريون، وأن كافة المفاوضات السابقة جرت في إطار عسكري بحت بالتعاون مع الوسيط الأميركي والأمم المتحدة. واعتبروا أن تشكيل مجموعة عمل دبلوماسية تهدف إلى إعطاء المفاوضات طابعا سياسيا بما في ذلك تفحّص إمكانيات التطبيع.
– في 11 مارس، أعلن مكتب رئاسة الوزراء الإسرائيلية الاتفاق على تشكيل ثلاث مجموعات عمل مشتركة مع لبنان وفرنسا والولايات المتحدة، بهدف مناقشة قضايا تتعلق بترسيم “الخط الأزرق”، والمواقع الخمس التي يسيطر عليها الجيش الإسرائيلي، بالإضافة إلى ملف المحتجزين اللبنانيين. وفي خطوة وُصفت بأنها بادرة حسن نية تجاه الرئيس اللبناني الجديد.
– في 12مارس، كتبت جريدة الأخبار القريبة من حزب الله، في تعليق على مساعي التطبيع، أنه “لا توجد في لبنان قوة قادرة على القيام بهذه المهمة، ومن المفيد هنا تذكير من يجب تذكيره، بأن الرئيس عون نفسه قال للأميركيين بعد الحرب إنه ليس عليهم أن ينتظروا منه القيام بما عجزت أميركا وإسرائيل عن القيام به ضد حزب الله”.
– في 12 مارس، نقل عن مصادر الرئاسة اللبنانية قولها إن “تشكيل اللجان الـ 3 المكلفة حل النقاط العالقة مع إسرائيل يأتي استكمالا لتطبيق القرار 1701، وهذه اللجان ليست منفصلة عن القرار 1701 ولن تخوض مفاوضات مباشرة بين لبنان وإسرائيل”. أضافت المصادر أن “كل ما يحكى عن كون هذه اللجان مقدمة للتطبيع معلومات عارية من الصحة واللجان ستهتم بالمسائل العالقة وهي قضايا الحدود والنقاط المتنازع عليها منذ عام 2006”.
– تقول مصادر أميركية مراقبة إن واشنطن تتحرى احتمال تغيير موقف لبنان تحت ضغوط أميركية، نظراً لاعتماده على المساعدات الأميركية للجيش اللبناني، ولدور إدارة ترامب التاريخي في التوسّط لإبرام اتّفاقات أبراهام.
•⁠ ⁠ترجّح المصادر أن سياسة التصعيد مع إيران لحضّها على المفاوضات في شأن برنامجها النووي ستكون لها انعكاسات على الوضع في لبنان.
•⁠ ⁠في 26 فبراير، أعرب مبعوث الرئيس الأميركي إلى الشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، عن تفاؤله بجهود إقناع السعودية للانضمام لاتفاقيات التطبيع مع إسرائيل. وقال إنه يعتقد أن هناك “إمكانية لانضمام سوريا ولبنان للتطبيع مع إسرائيل” بعد الضربات القوية التي تعرضت لها القوى المدعومة من إيران هناك، في إشارة إلى حزب الله وسقوط نظام بشار الأسد.

خلاصة:

**تسعى الولايات المتحدة إلى توسيع اتفاقات أبراهام لتشمل تطبيعا للعلاقات بين إسرائيل لبنان، مستغلة التحوّلات التي حصلت في المنطقة بعد حرب “طوفان الأقصى” منذ اكتوبر 2023.
**تستغل واشنطن ضعف النفوذ الإيراني في المنطقة، والضربات التي تعرّض لها حزب الله في لبنان وسقوط نظام الأسد في سوريا، للتسويق لتفاهمات سياسية، تتجاوز المفاوضات التقنية العسكرية المتعلقة بالنزاع الحدودي بين لبنان إسرائيل.
**إعلان واشنطن عن تشكيل مجموعة عمل دبلوماسية لمناقشة النزاعات اللبنانية الإسرائيلية، يشير إلى نقل المفاوضات إلى مستويات سياسية بدل اقتصارها على الإطار التقني العسكري البحت. بالمقابل نفت مصادر رئاسية لبنانية أن تكون هذه اللجان الدبلوماسية معنيّة بمناقشة أي تطبيع بين لبنان وإسرائيل.
**بدأت إسرائيل تروّج بأن محادثاتها مع لبنان بشأن الحدود هدفها التطبيع وأن إفراجها عن أسرى لبنانيين تهدف إلى تقوية موقع الرئيس اللبناني جوزيف عون لجهة إثبات أن الدبلوماسية أكثر نجاعة من المواجهة المسلحة مع إسرائيل.
**تضع الولايات المتحدة مسألة توسيع اتفاقات أبراهام كهدف يشمل بشكل أساسي السعودية لينسحب الأمر على سوريا ولبنان. وتعوّل واشنطن على استخدام نفوذها على لبنان ودعمها لمؤسساتها للحصول على مرونة لبنانية في هذا الشأن.
**تفتح واشنطن ملف التطبيع بين لبنان وإسرائيل رغم علمها بعدم جاهزية لبنان بسبب نعقّد منظومته السياسية من التجاوب مع الأمر. ويعتقد أن إدارة ترامب تسوّق جدية دفعها بملف التطبيع بديلا عن أي تفاهمات تقنية مؤقتة بين إسرائيل ولبنان (ينسحب الامر على سوريا لاحقا).
**ترى مصادر مراقبة في واشنطن أن تصعيد الضغوط على إيران، وأي اتفاق مع طهران سيؤثر على وضع لبنان وإمكانات تمرير اتفاقات تطبيع مع إسرائيل.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.