هل وصلت الشراكة مع الصهيونية الدينية الى نهايتها

تقدير موقف، مركز تقدم للسياسات

تقديم: أسقط رئيس القوة اليهودية بن غفير مشروع قانون “الحاخامية البلدية” عن جدول اعمال الكنيست الاثنين 8 يوليو، وقرر أرييه درعي رئيس حزب شاس الحريدي انسحاب اعضاء كتلته من اعمال جلسة الكنيست واللجوء الى المرجعيات الدينية لاتخاذ قرار حول مصير الائتلاف الحاكم. كما عبر رئيس حزب شاس عن خيبة امله من نتنياهو الذي لم يف بالتزاماته تجاه شاس، كما وصرّح موشي غفني رئيس كتلة يهود التوراة بأن الامور تتجه نحو حل الائتلاف والانتقال الى انتخابات جديد للكنيست.
بن غفير يتهم شاس باليسارية ويعيب عليها تأييدها لاتفاقات أوسلو، وبأنها مع الصفقة حاليا “بخلاف موقف جمهورها”، وفي المقابل تتهم شاس بن غفير بالولدنة وجنون العظمة وبالأساس بأنه “ليس يمينا” وانما يتاجر بالشعارات.
يؤيد حزبا شاس ويهود التوراة صفقة تبادل الاسرى ووقف إطلاق النار في غزة، وذلك بما يتماشى مع موقف هذين الحزبين السياسي في معارضة الحرب المفتوحة وتوسيع الجبهات. وهناك عامل ذاتي وهو ان اتساع نطاق الحرب وتواصلها سيدفعان الى تعاظم الضغط الشعبي نحو تجنيد الشباب الحريدي في الجيش على حساب المدارس التوراتية الدينية.
قراءة:
– كشف درعي عن ان التوتر الاكبر منذ تشكيل الحكومة الحالية 12/2022 والذي قد يسقطها، هو بين التيارين الديني-الحريدي (شاس ويهود التوراه) وبين الصهيونية الدينية والكهانية (بقيادة بن غفير وسموتريتش)
.
– كان واضحا ومنذ عدة أشهر بأن حكومة نتنياهو لن تتفكك بسبب الحرب على غزة مباشرة، وانما على محور علاقة الدين والدولة وصراعات داخل الائتلاف الحاكم. بدءا من قانون الحاخامية البلدية المعنية به شاس، وتجنيد الحريديم ووقف تمويل المدارس الدينية للحزبين، وفي المقابل تخوف حركة شاس من انزياح جمهورها الشاب نحو القوة اليهودية بقيادة بن غفير، وعملية الصهينة الحاصلة في صفوف شباب حزب يهود التوراة الاشكنازي وميلهم نحو الصهيونية الدينية، هذه العوامل مجتمعة، تشكل عصب التوتر داخل الائتلاف الحاكم لدرجة تهديد استمراريته، وقد تسرّع اجراء انتخابات في اواخر العام الحالي أو أوائل العام القادم.
– يبدو ان تيار المتدينين بحزبيه، شاس ويهود التوراة، ينحو نحو فك الشراكة مع نتنياهو والليكود، وهناك اصطفافات سياسية من اليمين والمركز التي تسعى لتشكيل بدائل لحكومة نتنياهو. ويظهر أن الشراكة في الحكم مع الصهيونية الدينية والكهانية قد بلغت نهاية طريقها.
– يسعى التيار الحريدي الى توثيق التعاون مع حزب المعسكر الرسمي (غانتس) ووزير الامن غالنت الذي يبدو ان لا مستقبل له في الليكود، كما تظهر تفاهمات مع قوى مرشحة لتشكيل معسكر اليمين المناويء لنتنياهو وحصريا مع رئيس اليمين الرسمي (ساعر). كل ذلك من اجل استبعاد امكانية إقصاء الاحزاب الحريدية كما حدث في حكومة لبيد – بنيت.
– خطوة الحريديم وحصريا شاس هي مرحلة متقدمة نحو تفكيك الائتلاف الحاكم وعدم الالتزام بالشراكة مع نتنياهو او الليكود في الانتخابات القادمة، واعتبار الليكود لم يفِ بالتزاماته الائتلافية تجاه الأحزاب الدينية.
– تعميق الصراع مع حزب القوة اليهودية (بن غفير) والمعني بدوره بهذا الصراع، هو مسعى داخلي ايضا في التيارين ضمن الصراع على استقطاب جمهور الهدف الانتخابي ومن جهة شاس ضمان استمرار منظوماتها الدينية من مدارس (يشيفاه) وحاخامية بلدية.
– الصراع ينتقل الى صفوف حزب الليكود وكتلته البرلمانية، وتتعالى الاصوات المطالبة لنتنياهو ان يحزم الموقف من بن غفير وبأن الاخير بات عقبة امام استمرار حكم الليكود. وباتت احتمالية تمرد داخل الحزب الحاكم وانزياح عدد منهم الى جانب غالنت ورئيس لجنة الخارجية والامن مما سيفقد نتنياهو الغالبية الحاكمة.
– تفيد معظم التقديرات بأن الصراع داخل الائتلاف الحاكم هو صراع جوهري سوف يتسع نطاقه. ومن شأن هذا المسار ان يتسارع بعد عطلة الكنيست في الخريف القادم، حيث سيجري النقاش على ميزانية الدولة في خضم الازمة الاقتصادية والمالية العميقة جدا وغير القابلة للجسر، ويعني عدم اقرارها سقوط الحكومة قانونيا، وعندها متوقع انتخابات في الربع الاول من العام 2025.
– قد يجد نتنياهو ضالته بإعلان انتخابات ويتهرب من استحقاقات الصفقة حيث يتهمه أريه درعي بتعطيلها وذلك بالخضوع الى اقصى اليمين والى قناعاته الشخصية، كما يعبر عن خيبة امله من نتنياهو في ادارة الحكومة والصراعات داخل الائتلاف التي أفلتت من يديه. في المقابل هناك من يرى فرصة لنتنياهو في الالتزام بالصفقة وإبرامها، حيث يشكل مثل هذا الموقف انقاذا لحكومته اذ أكد رئيس المعارضة لبيد وعلنا، عن التزام حزبه بتوفير شبكة امان لاستمرار الحكومة في حال تنفيذ الصفقة.
للخلاصة:
• الصراع داخل الائتلاف الحاكم، حقيقي وجوهري وليس بجديد، لكنه انكشف وقد يسقط نتنياهو، ويعكس صراعا أعمق داخل معسكر اليمين وحصريا بين الصهيونية الدينة والحرديم، ومن الصعوبة بمكان جسره.
• الشراكة التاريخية بين حزبي المتدينين الحرديم والليكود باتت هشة، خاصة انه هناك بدائل امام هذا التيار سواء مع غانتس او الكتلة اليمينية في طور التبلور.
• ليس من الواضح ما يضمره نتنياهو الا انه يجد نفسه في حالة من الأريحية السياسية الحزبية، وبخلاف ذلك تحت ضغط المؤسسة الامنية والادارة الامريكية وواقع حرب الاستنزاف في غزة ومخاطر الحرب شمالا.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.