هجوم للمعارضة المدعومة من تركيا شمال غرب سوريا
تقدير موقف، مركز تقدم للسياسات
تقديم: شنّت فصائل تابعة للمعارضة السورية المدعومة من تركيا هجوما عسكريا واسعا على مناطق يسيطر عليها النظام في ريف حلب الغربي، وتساءل المراقبون حول مغزى هذا التحرك العسكري وتوقيته، وحول أجندة تركيا من ورائه في ظل التطوّرات المتعلّقة بوقف الحرب في لبنان وما ينتظر سوريا من تحوّلات.
نرصد الحدث باستعراض المعطيات والخلفيات التالية:
• في 27 نوفمبر 2024 تحدثت انباء عن قيام فصائل معارضة سورية، من بينها هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقاً) بالسيطرة على عدة قرى بريف حلب الغربي، وذلك بعد من ساعات من إعلان عملية عسكرية ضد قوات النظام السوري.
• في 26 نوفمبر، تحدثت أنباء عن مقتل أربعة أشخاص وإصابة 14 آخرين،، نتيجة قصف للقوات الحكومية طال مدينة أريحا بريف إدلب شمال غربي سوريا، وسط تصعيد حكومي على عدد من المدن والبلدات الأخرى.
• قالت مصادر المعارضة إن الفصائل تمكنت بعد معارك عنيفة استمرت لساعات من السيطرة على قرى “قبتان الجبل وحور وجبل الشيخ عقيل وبسرطون وبالا ونقاط المداجن وتلة الدبابات” شرق مدينة دارة عزة غرب حلب.أضافت أن الفصائل تمكنت من “الاستيلاء على ثلاث دبابات والعديد من العربات المدرعة إضافة إلى تدمير أخرى، وقتل وإصابة ما يزيد عن 35 عنصراً من قوات الحكومة السورية والقوات الإيرانية الرديفة”، وفقاً للمصادر.
• نحدثت الأنباء عن أن القوات الحكومية أرسلت “تعزيزات عسكرية ضخمة” إلى ريف حلب الغربي، وان معركة كبرى تستهدف حلب يجري الاستعداد لها ، هدفها خلط الأوراق في شمال غرب سوريا. ويعني ذلك أن تركيا تستبق التطوّرات في سوريا ووصول دونالد ترامب إلى البيت الأبيض في يناير 2025 لفرض أمر واقع ميداني جديد.
• تلفت مصادر عسكرية إلى خطورة اللعب في التوازنات الحالية في منطقة حلب وريفها حيث يتوزع النفوذ فيها على النظام السوري وتركيا وإيران وروسيا. وتمتلك هذه الدول ميليشيات موالية لها، يضاف إليها تواجد لميليشيات قوات سوريا الديمقراطية (قسد) ذات الأغلبية الكردية في بعض الأحياء.
• قالت مصادر مقربة من النظام السوري إن تركيا تدعم هذا الهجوم معتبرة أن أنقرة لجأت إلى الخيار العسكري بعد “الفشل في إحراز أيّ تقدّم سياسي في تحسين العلاقات مع الدولة السورية”. وأشارت إلى أنّ “الجانب التركي يسعى عبر هذا الدعم للضغط على الدولة السورية من أجل الدخول في مفاوضات جديدة لتطبيع العلاقات مع أنقرة”.
• في 27 نوفمبر، أفادت تقارير بأن تركيا دفعت بتعزيزات عسكرية مكثفة إلى منطقة “درع الفرات”، الخاضعة لسيطرة قواتها وفصائل “الجيش الوطني السوري” الموالي لها في حلب، إلى جانب نقاطها في إدلب.
• قالت المعلومات إن رتلا عسكريا تابعا للقوات التركية دخل من معبر السلامة الحدودي في شمال حلب إلى النقاط التركية المنتشرة في منطقة “درع الفرات”، ضم شاحنات محملة بأسلحة ثقيلة ودبابات وآليات إلى النقطة التركية على أطراف بلدة مريمين شمال حلب.
• في 26 نوفمبر، استبعد وزير الدفاع التركي يشار غولر شن عملية عسكرية موسعة تستهدف مواقع “قسد” في شمال سوريا سبق أن لوّح بها الرئيس رجب طيب إردوغان أكثر من مرة في الأسابيع القليلة الماضية.
• في 25 نوفمبر، قُتل ما لا يقل عن 15 مقاتلا سوريا معارضا بعد تسلل لقوات “قسد” إلى مواقع لقوات “حركة التحرير والبناء” الموالية لتركيا على محور الدغلباش في ريف حلب”.
• في 3 نوفمبر 2024، عبّر وزير الخارجية التركي، حقان فيدان، عن موقف ملتبس بشأن مقاربة أنقرة للعلاقة مع دمشق. وقال في تصريحات صحفية إن اتصالات بلاده مع النظام السوري وحوار دمشق مع المعارضة السورية “قضيتان منفصلتان”، وأنه “يجب أن يكون الحوار الحقيقي مع المعارضة السورية، رغبتنا هي أن يتوصل الأسد إلى اتفاق مع معارضيه”.
• أضاف فيدان أن تركيا تريد أن ترى حكومة الرئيس السوري، بشار الأسد، تنشئ إطاراً سياسياً مع المعارضة يمكنهما الاتفاق عليه في بيئة خالية من الصراع، ومن المهم أن توفر الحكومة بيئة آمنة ومستقرة لشعبها، إلى جانب المعارضة.
• قالت مصادر معارضة إن الخيار العسكري جاء نتيجة الانسداد السياسي الذي يسببه النظام السوري من خلال تعطيل اللجنة الدستورية، وعدم تطبيق القرارات الدولية، وعدم وجود أي حلّ لقضايا الشعب السوري، ومواصلة النظام الاعتماد على الخيار العسكري والأمني.
• تحدثت هذه المصادر عن ازدياد عمليات قوات النظام ضد ريف أدلب وريف حلب الغربي، وعن قصف مكثّف يطال هذه المناطق من خطوط تماس يسيطر عليها في سراقب في تلة العيس في ريف حلب الجنوبي.
• يقول مراقبون إن لتوقيت الهجوم الذي تشنّه المعارضة رسائل سياسية مصدرها تركيا، لكن الهجوم هو استباقي لردّ خطط يعدها تحالف النظام وإيران لتوسيع نفوذه وهيمنته العسكرية في المنطقة. بما يعني ان عملية المعارضة لا تهدف إلى توسيع نفوذها، بل ردّ خطط مضادة قيّد الإعداد.
خلاصة
**يكشف هجوم فصائل المعارضة السورية الموالية لأنقرة وإرسال تركيا تعزيزات عسكرية إلى شمال غرب سوريا عن تدهور عسكري خطير لها توقيته وأجندته.
**تتحدث أوساط المعارضة عن ردّ على هجوم كانت قوات كردية قد شنّته ضد أحد الفصائل السورية الموالية لتركيا، فيما تكشف مصادر أخرى عن أن الهجوم استباقي لإفشال هجوم كانت تعده قوات النظام والميليشيات الموالية لطهران ضد مواقع المعارضة.
**يلفت خبراء أن المعركة تدور في منطقة حلب، حيث تمتلك تركيا وروسيا وإيران والنظام السوري والأكراد، المدعومين من الولايات المتحدة، نفوذا ومواقع عسكرية.
**يعتقد أن أنقرة تسعى لفرض أمر واقع يستبق وصول ترامب إلى البيت الأبيض ويعزز وجود أنقرة داخل أي تحوّلات تطال سوريا.