هجوم صاروخي روسي لافت على كييف: رسائل موسكو عشيّة قمّة الناتو
تقدير موقف، مركز تقدم للسياسات
تقديم:
توقف المراقبون عند دلالات الهجوم الصاروخي الروسي المكثّف على العاصمة الأوكرانية كييف بعد فترة من الهدوء النسبي. أتى الهجوم بعد زيارة قام بها رئيس الوزراء الهنغاري فيكتور أوربان إلى كييف وموسكو وحديثه عن السلام ووقف إطلاق النار، وبعد لقاء جمع الرئيسين التركي والروسي ودعم موسكو لـ “منصة سلام” دعا إليها وزير الخارجية التركي. وأتى الهجوم عشيّة قمّة حلف الناتو التي تُعقد في واشنطن. فأي الرسائل من خلال الحدث وما هي خلفياته وتداعياته؟
لرصد هذا التطوّر نتوقف عند النقاط التالية:
– شنّت روسيا الاثنين 8 يوليو 2024 هجوما واسعا على مناطق في أوكرانيا باستخدام 38 صاروخا، أعلن سلاح الجو الأوكراني عن تدمير 30 صاروخاً منها. وأدى الهجوم إلى مقتل 38 شخصا، منهم 28 في العاصمة كييف، إضافة إلى 200 من الجرحى.
– استهدفت الصواريخ على العاصمة الأوكرانية 7 أحياء أدت إلى تدمير واسع، وطالت، وفق مصادر أوكرانية، مستشفيين، منهم واحد للأطفال. وجاء الهجوم بعد فترة هدوء نسبي في كييف وهو الأعنف منذ هجوم يناير الماضي. رد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف بالقول، إن مستشفى الأطفال أصيب بصاروخ أطلقته أوكرانيا وليس روسيا.
– يعتبر الهجوم، وفق تقديرات، تصعيدا روسيا له دلالات ورسائل عدّة. وقد حصل الهجوم أثناء تواجد الرئيس الأوكراني فلوديمير زيلينسكي خارج البلاد، في بولندا حيث وقّع اتفاقية أمنية مع وارسو. وكما يأتي الهجوم عشيّة قمّة لحلف الناتو تعقد في واشنطن (9-11 يوليو) في مناسبة الذكرى 75 لتأسيس الحلف.
– نقلت “الغارديان” عن ميخائيلو بودولياك، مستشار الرئاسة الأوكرانية، أن “الهجوم متعمّد بالكامل، تم تصميمه والموافقة عليه من قبل (الرئيس الروسي فلاديمير) بوتين عشية قمة الناتو” معتبرا أنها، “صفعة على وجه التحالف”.
– جرى الهجوم بعد مطالب عبّر عنها رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان بوقف إطلاق النار خلال زيارات قام بها إلى كل من كييف (2 يوليو) ثم موسكو (6 يوليو). وجرى متزامنا مع قمّة بين أوربان والزعيم الصيني شي جين بينغ الذي طالب بدوره (الإثنين 8 يوليو)، بوقف لإطلاق النار في أوكرانيا واستئناف مفاوضات السلام.
– أثار الهجوم تساؤلات حول وضع الدفاعات الجوية الأوكرانية وعدم قدرتها على ردّ الهجمات الروسية وتراجع فعاليتها في التعامل مع الصواريخ الروسية التي ضربت بشكل فعال في الأشهر الأخيرة بنى تحتية ومطارات عسكرية وغيرها من الأهداف الاستراتيجية.
– ندّد الرئيس الأميركي جو بايدن في يوم الهجوم، الاثنين 8 يوليو، بالضربات الجوية الروسية، متعهّداً اتّخاذ إجراءات جديدة لتعزيز الدفاعات الجوية لكييف. وأوضح أنّه سيلتقي هذا الأسبوع زيلينسكي (قمة الناتو) “لتوضيح أنّ دعمنا لأوكرانيا لا يتزعزع”.
– لاحظت مجلة فورين بوليسي أنه من الممكن أن تكون قمة الناتو هي الأخيرة تحت رعاية الإدارة الحالية للبيت الأبيض، وأنه يجب اغتنام اللحظة لإحراز تقدم في عضوية أوكرانيا في حلف شمال الأطلسي لاستباق احتمالات أي تغيير في البيت الأبيض. هذا وقد كشفت CNN أن النسخة النهائية من بيان الناتو التي تشير إلى أن انضمام أوكرانيا “الذي لا رجعة فيه” إلى حلف شمال الأطلسي سيكون “إشارة مهمة إلى كييف وموسكو”.
– تتحدث مصادر دفاعية عن خطط لإرسال دول الناتو منظومات دفاع جوي، لكن أوكرانيا ما زالت تعتبر أن ما هو مقترح غير كاف.
– عبّرت روسيا ( الإثنين 8 يوليو)، عن تأييدها لمقترح تركيا إنشاء منصة سلام لحل الأزمة الأوكرانية وإنهاء الحرب المستمرة للعام الثالث. -كان وزير الخارجية التركي، حقان فيدان، قال، في معرض تناوله للأزمة الروسية – الأوكرانية، أمام الاجتماع غير الرسمي لوزراء خارجية منظمة الدول التركية في مدينة شوشه في أذربيجان ( السبت 6 يوليو)، إنه “يجب إنشاء منصة سلام تمنع تعميق الاستقطاب، ويكون فيها مستوى عالٍ من المشاركة والتمثيل، وتعطي الدبلوماسية أولوية”.
– كانت موسكو وجهت، الأسبوع الماضي، رسائل متناقضة عقب لقاء الرئيسين التركي رجب طيب إردوغان، والروسي بوتين، على هامش قمة “منظمة شنغهاي للتنمية” في آستانة (3 يوليو)، إذ أعلن المتحدث باسم الكرملين أن اردوغان لا يمكنه القيام بدور الوساطة بين روسيا وأوكرانيا، فيما أكد بوتين في اليوم التالي أن “اتفاقيات إسطنبول لعام 2022 تظل مطروحة على الطاولة، ويمكن أن تكون بمثابة أساس لمفاوضات السلام مع أوكرانيا”.
خلاصة:
**يعتقد أن روسيا عملت على تصعيد الهجمات العسكرية لبعث رسائل إلى “الناتو” عشية قمّته في واشنطن بعدم الحسم في مسألة عضوية أوكرانيا في الحلف وترك الأمور معلّقة.
**ويعتقد أن بعث موسكو رسائل الرغبة في التفاوض والسلم بموازاة التصعيد العسكري، هدفها التلويح للحلف الأطلسي بخيار يوقف الحرب في أوكرانيا، وأن خطّتها للسلم ما زالت أقل تكلفة للغرب من ضمّ أوكرانيا للناتو.
**ما زالت روسيا تدعو إلى اتفاق ينهي الحرب تقبل بموجبه كييف بـ “الوقائع على الأرض”، أي ضمّ موسكو 4 أقاليم أوكرانية إلى السيادة الروسية.
**يهدف التصعيد العسكري إلى التلويح لدول الناتو بقدرة روسيا على الحرب مقابل فشل الميزانيات الغربية في إحداث أي فرق منذ بداية الحرب في اكتوبر 2022. وتثير مسألة الكلفة واستنزاف الموارد المالية والعسكرية جدلا داخل دول الناتو بما في ذلك في الولايات المتحدة بين بايدن ومنافسه ترامب.