نتنياهو يعطل كل مسارات الحلول ويبقي الباب مفتوحا لحرب إقليمية.
هوكستاين يحصد الفشل من زيارته لتل ابيب
تقدير موقف، مركز تقدم للسياسات
بالاستناد الى وكالة رويترز يعزو موقع واينت الفشل الى طبيعة المقترح الامريكي “غير الواقعي”، وكذلك لأن اسرائيل تصرّ على الإبقاء على امكانية العمل العسكري “وفقا للحاجة بما فيه خلال فترة وقف إطلاق النار”. كما يحذر الموقع من أن الامور قد تتدحرج نحو حرب تمتد لشهور عديدة ما لم تطرح الولايات المتحدة مقترحا معقولا يلتقي مع رؤية كل الاطراف.
– توقف الاعلام العبري عند الموقف اللبناني الرسمي وتقديراته بدوره ان الجولة الاخيرة للمبعوث الامريكي قد فشلت. ترى القناة 12 الاسرائيلية بأن المؤشر الاوضح لفشل مهمة هوكستاين هو الغاء رحلته الى بيروت بعد زيارته الى تل ابيب. كما توقف عند تسويغات كل من رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي ورئيس البرلمان نبيه بري بأن لبنان مصر على تطبيق قرار مجلس الامن 1701 في العام 2006 بوصفه الإطار الوحيد للحل. كما يرى المسؤولان اللبنانيان بأن اسرائيل تصر على الحصول على التزام امريكي يتيح لها حرية التدخل العسكري برا وبحرا وجوا، ويتيح لها العمل العسكري خلال فترة وقف إطلاق النار، بما يعني ان اسرائيل تقوم بتفويت كل الفرص للحل، وتقوم بمحاولة تكثيف الحرب وتوسيع نطاقها اعتقادا منها بأن ذلك سيغير من موقف لبنان وفرض تغيير جوهري على تفسير القرار 1701.
– التحليلات الاسرائيلية رأت ان تل ابيب تتفاوض مع الولايات المتحدة وليس مع لبنان، وتسعى الى تجنيد الموقف الامريكي لصالحها، كما لو كان لبنان دولة من دون سيادة، وان اسرائيل حسمت الحرب لصالحها.
– تتسع الاصوات الاسرائيلية الداعية الى استغلال الفرصة التي وفرتها الحرب من اجل ايجاد مخرج سياسي، فقد اتهم رئيس الاركان ووزير الامن السابق شاؤول موفاز حكومة نتنياهو بأنها تريد “المناورة العسكرية” اي الحرب هدفا بحد ذاته، دونما مناورة سياسية او خارطة طريق للخروج من الحرب، وكرر اتهامه لنتنياهو بأنه غير معني بعودة المحتجزين من غزة بقدر اهمامه باستمرار الحرب، التي “يدفع فيها خيرة ابنائنا الثمن بحياتهم” مشيرا الى حجم الخسائر البشرية في الجيش والتي تذهب ثمنا لنزوات سياسية. كما اشار موفاز الاقسى في انتقاده منذ بدء الحرب، الى ان القرار بإجلاء السكان الاسرائيليين من البلدات الحدودية مع لبنان كان قرارا كارثيا اتخذته هذه الحكومة ومع الوقت تحول الى ازمة استراتيجية.
– في المقابل يرى العديد من المحللين العسكريين والسياسيين بأنه كلما تواصلت الحرب وابتعدت احتمالات الحسم على إثر تفجيرات اجهزة الاتصال واغتيال قيادات حزب الله العسكرية والسياسية، فإن اسرائيل بدأت تدخل في ورطة، لكون حزب الله لم ينهار من داخله بل يثبت تماسكا وقدرة على استعادة زمام الامور ويفرض تحديا اكثر خطرا، كما يخلق معادلات ردع قائمة على العمل العسكري المكثف والمتبادل، على الرغم من عدم التكافؤ الجوهري بين الطرفين. تؤكد هذه التقديرات بأن هذا التحول يعني حربا طويلة وبعيدة عن الحسم وهو ما لا تريده اسرائيل.
– كما تتسع الاصوات التي بدأت تشير الى الثمن البشري الهائل في الجيش بين قتيل وجريح حيث سقط 88 اسرائيليا في الشهر الماضي، كما اشار رئيس المعارضة لبيد الى المعطيات بشأن الاصابات في صفوف الجيش والتي بلغت 12 ألف إصابة جسدية بين الجنود منذ بداية الحرب، دون ان يشمل ذلك الاصابات النفسية العميقة التي تطال الالاف.
– رغم الثمن الباهظ للحرب على لبنان فلا تزال غالبية يهودية تؤيد مواصلة الحرب في لبنان وغزة، الا انها ليست غالبية حاسمة، بل تشير الى التصدع العميق في المجتمع الاسرائيلي.
– اقرت الحكومة يوم الجمعة 1/11 مشروع ميزانية الدولة للعامين 2025 و2026. على الرغم من كشف مشروع الميزانية وبشكل أولي عن تكاليف الحرب، الا ان اقرار الحكومة للميزانية يعني ان الائتلاف الحاكم متوافق على دعمها وتمريرها في الكنيست، مما يعني ان حكومة نتنياهو تواصل عملها ولا خطر عليها ما لم تحدث مفاجأة جوهرية وهو امر مستبعد. تمرير الميزانية يعني ان نتنياهو وهو صاحب القول الفصل قد تجاوز معظم الضغوطات الداخلية والخارجية على السواء، خاصة من طرف ادارة بايدن قبيل الانتخابات الامريكية.
– قد يكون نتنياهو في ضيق سياسي نتاج ضغوطات خارجية في حال انتخاب كامالا هاريس، الا انه وبحسب تقديرات وازنة في الاعلام يخشى أيضا إعادة انتخاب ترامب، الذي لا يدعم صراحة الحرب على غزة ولا على لبنان بالضرورة ولا حربا اقليمية تدفع ثمنها الولايات المتحدة ومصالحها في العالم العربي، تحد من حرية الحركة والتأثير التي رافقت مشروع “ًصفقة القرن” والاتفاقات الإبراهيمية.
– في هذا الظرف لا تزال احتمالات ضربة اسرائيلية ثانية لإيران قائمة وبقوة، خاصة وأن القادة الاسرائيليون يكررون التأكيدات بأن المجال الجوي الايراني بات متاحا للضربات الاسرائيلية بعد “القضاء على الدفاعات الجوية الايرانية”، مما يفتح الباب للتشكيك في مبالغة الحديث عن هجوم إيراني محتمل وقريب على إسرائيل، وبعض المصادر تنسب هذه التقديرات الى “مصادر امريكية”. كما لا يستبعد التحليل، ان التهديدات المتصاعدة لإيران تندرج في باب رسم حدود المفاوضات الخاصة بالجبهة الشمالية.
للخلاصة:
• الفشل الامريكي في فرض تسوية وصفقة في غزة على نتنياهوهو نتاج الموقف الامريكي بذاته، وقد فتح المجال لإشعال الحرب في الجبهة الشمالية، والاحتمالات الخطرة لتوسعها لحرب إقليمية. خاصة بعد فشل “الصفقة الجزئية” لوقف إطلاق النار لايام معدودة في غزة بهدف تمرير الصفقة الامريكية الإسرائيلية في لبنان.
• حرب الابادة على غزة لم تتوقف ولا يبدو انها ستتوقف قريبا، كما ان فك الارتباط بين الجبهات رغم اعتباره هدفا استراتيجيا اسرائيليا الا انه لا يزال بعيدا عن الحسم.
• يمكن اعتبار التصعيد الحربي المتبادل بين اسرائيل وحزب الله بمثابة مسعى حربي وبقوة النيران لرسم حدود اية تفاهمات لبنانية اسرائيلية لاحقا.
* التقدير بان التصعيد العسكري الحالي سوف يتواصل ويتكثف في الاسابيع القادمة ولا بشائر بانفراجة قريبة قبل مطلع العام المقبل