ماذا يعني تعيين الشيخ نعيم قاسم أمينا عاما لحزب الله؟

د. محمد قواص، مركز تقدم للسياسات
تقدير موقف.
تقديم: بعد الإعلان عن تعيين الشيخ نعيم قاسم أمينا عاما لحزب الله، نشطت التحليلات لتفسير مصدر هذا القرار، وخلفيات اختيار هذه الشخصية بالذات، وما يعنيه ذلك بالنسبة للحزب والاستحقاقات التي تنتظره. وفيما راج تداول أسماء أخرى لخلافة السيّد حسن نصر الله، فإن للعودة إلى تعيين نائبه زعيما جديدا للحزب ما يطرح أسئلة ويلقي الضوء على الظروف التي تحكم قرارات طهران في هذا الصدد.
نقرأ هذا الحدث الطارئ من خلال رصد للمعطيات والخلفيات المتوفّرة التالية:
– في 29 اكتوبر 2024، أعلن حزب الله عن انتخاب الشيخ نعيم قاسم أمينا عاما جديدا للحزب بعد أسابيع من اغتيال الأمين العام الراحل، السيّد حسن نصر الله، في 27 سبتمبر 2024. •على الرغم من أن قاسم كان يشغل منصب نائب الأمين للحزب منذ عام 1991، أي قبل انتخاب نصر الله أمينا عاما في فبراير 1992، إلا أن الخبراء في شؤون الحزب تحدثوا عن أسماء أخرى مرشحة لخلافة نصر الله.
– قتلت إسرائيل أحد أبرز هؤلاء المرشحين، السيّد هاشم صفي الدين، في قصف مكثّف استهدف مكان وجوده في الضاحية، في 4 اكتوبر 2024، وبقي مصيره غامضا حتى أعلنت إسرائيل التأكد من مقتلة في 22 من نفس الشهر، ونعاه الحزب في اليوم التالي.
– جرى تداول أسماء بارزة أخرى مثل السيّد ابراهيم أمين السيّد، رئيس المجلس السياسي للحزب، الذي قيل إنه لم يبدِ رغبة في تبوأ هذا المنصب وأنه متقدم في السنّ. وانسحبت مسألة السنّ أيضا على الشيخ محمد يزبك، رئيس الهيئة الشرعية في الحزب، إضافة إلى أسباب صحيّة مانعة.
– منذ استحداث منصب الأمين العام درج أن يكون شاغله رجل دين، من الشيخ صبحي الطفيلي إلى السيّد حسن نصر الله. ويُعتقد أن من أسباب تعيين قاسم هو لكونه رجل دين، وندرة خيارات دينية، وربما قيادية، أخرى بعض حملة الاغتيالات التي نفّذتها إسرائيل ضد القيادات العليا للحزب.
– بعد تجربة الشيخ صبحي الطفيلي، الأمين العام الأول للحزب، الذي انتخب عام 1989، في سعيه لأخذ مسافة عن إيران، باتت زعامة الحزب مرتبطة بمدى الولاء لإيران. بعد اغتيال خلفه، السيّد عباس الموسوي عام 1992، تمّ انتخاب السيّد حسن نصر الله أمينا عاما على الرغم من أنه لم يكن أكثر الشخصيات المتوقعة والقيادية في الحزب.
– عُرف عن نصر الله قبل ذلك ولاءه الكامل لإيران، ودعوته الشهيرة قبل تعيينه في المنصب لقيام دولة إسلامية في لبنان تكون تابعة لجمهورية الوليّ الفقيه في إيران. بمعنى أن الولاء لإيران هو محدد مفصلي لاختيار زعيم الحزب
– عُرف عن الشيخ نعيم قاسم هذا الولاء، وكان شديد التردد على إيران، وتحدّثت تقارير قبل سنوات أنه الأقرب إلى إيران. ولعب دوّر المنظّر لحزب الله وعلاقته بنظرية ولاية الفقيه كمدرسة فقهية تميّز الحزب عن مدارس فقهية أخرى.
– على الرغم من استخدام بيان الحزب تعبير “انتخاب” في الإعلان عن تعيين الشيخ نعيم قاسم، فإنه من المستبعد أن يكون مجلس شورى الحزب قد تمكّن من الانعقاد في ظروف الحرب الحالية الضاغطة على أمن الشخصيات القيادية للحزب.
– ترجّح مصادر أن تعيين قاسم صدر من طهران، لا سيما بعد أن تولّت إيران، من خلال زيارتي، وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي ورئيس مجلي الشورى الإسلامي، محمد باقر قاليباف، إلى لبنان وإصدارهم مواقف بالنيابة عن الحزب، ناهيك من تعيين الدبلوماسي، محمد رضا شيباني، ممثلا لإيران بعد نقل السفير الإيراني في بيروت إلى العلاج بعد إصابته في تفجيرات البيجر.
– مثّل قاسم حزب الله بعد اغتيال نصر الله في التعبير عن مواقف الحزب، في عدّة إطلالات، مسجلة أعلن في إحداها تفويض، رئيس مجلس النواب زعيم حركة أمل، نبيه بري، التفاوض باسم الحزب.
– يتميّز قاسم بأنه شخصية معروفة للرأي العام والإعلام (حتى الدولي) والطبقة السياسية في لبنان على عكس قيادات أخرى كانت معدومة أو قليلة الظهور.
– يرى مراقبون، مع ذلك، أن زعامته ستكون دائما موضع شكّ في ظل شعبية محدودة له لدى جمهور الحزب، بالنظر إلى التجربة الطويلة والصفات الكاريزماتية التي كان يتمتع بها نصر الله.
– يرى بعض الخبراء أن إيران استعجلت تعيين قاسم بعد أيام على نعيّ صفي الدين في سعيّ لإعادة ترتيب الهيكل التنظيمي للحزب وتحضيره لمواجهة استحقاقات مقبلة بشأن موقعه وهامش مناورته في ظل تحوّلات، قد تكون إيران جزءا من ترتيبها، لتنفيذ القرار الأممي رقم 1701، واحتمال إثارة مسألة مصير سلاحه.
– لا تستبعد أوساط قريبة من الحزب أن يكون تعيين قاسم هو إجراء مؤقت بانتظار ما ستسفر عنه الحرب وخيارات إيران نفسها بعد الحرب في لبنان.
– تتحدث بعض التقارير أن قاسم قد غادر لبنان قبل أسابيع على متن نفس الطائرة الإيرانية التي أقلت وزير الخارجية، عباس عراقجي، من بيروت. وإذا ما صحت هذه التقارير فإن الأمر يصعّب من إمكانات قيام إسرائيل باستهدافه كما فعلت ضد القيادات الأخرى.
خلاصة:
**يأتي تعيين الشيخ نعيم قاسم أمينا عاما لحزب الله لإنهاء حالة فراغ في هذا المنصب إثر اغتيال السيّد حسن نصر الله. وتمّ الإعلان عن هذا التعيين بعد أيام من التأكد من مقتل السيّد هاشم صفي، الذي كان المرشّح الأبرز لهذا المنصب، في غارة اسرائيلية استهدفته قبل أسابيع.
**يعتقد أن الأمر جرى بتعيين مصدره إيران التي تتولى مباشرة إدارة الشؤون السياسية والعسكرية للحزب، ولم يتم بالانتخاب من قبل مجلس شورى الحزب لتعذّر ذلك في الظروف الراهنة.
**يرى خبراء أن تعيين قاسم جاء بسبب عدم وجود بدائل أفضل، ولتاريخه داخل الحزب، ومعرفته بالملفات، ولكونه رجل دين موال لإيران ولنظرية ولاية فقيه، ولضرورة وجود شخصية قيادية تمثل الحزب لمواجهة الاستحقاقات المقبلة.
**يؤكد عارفون في شؤون حزب الله، بأن التجربة الأخيرة أثبتت انتماء الحزب التنظيمي إلى القيادة في إيران وأن تعيين قاسم هو إجراء إيراني سيقوم من خلاله الامين العام الجديد بالتعبير عن توجّهات طهران وقراراتها.
**ترجّح بعض التقارير مغادرة قاسم لبنان ووجوده في إيران ما يصعّب إمكانية استهدافه من قبل إسرائيل.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.