لافروف في طهران: “خدمات” روسية على طاولة ترامب-بوتين
تقدير موقف، مركز تقدم للسياسات
تقديم: ترتبط زيارة وزير الخارجية الروسي إلى طهران بأجواء الانفراج في علاقات موسكو وواشنطن والاستعدادات الراهنة لقمّة بين الرئيسين، الروسي والأميركي. ويتساءل المراقبون عما إذا كان هذا التقارب والمقايضات التي ستجري لإنجاحه قد يؤثّر على علاقات روسيا وإيران وعلى الدور الذي تلعبه موسكو مع طهران. وتتخوّف أوساط إيرانية من تحوّلات روسية قد تطال تحالف روسيا وإيران في المستقبل القريب.
– في 25 فبراير 2025، أجرى وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، زيارة إلى طهران، وصفت بالسريعة، بعد زيارة قام بها إلى أنقرة وقبل زيارة إلى جدة في السعودية. وقال لافروف، في مؤتمر صحفي مشترك مع وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي في طهران، إن لدى بلاده مستوى ممتازا من الحوار السياسي مع إيران، مشددا على أن الحل الأفضل لمسألة الملف النووي “هو المسار الدبلوماسي وليس القوة”.
– رجّحت مصادر سياسية إيرانية أن لافروف قدم تقريرا عن محادثاته مع نظيره الأميركي للجانب الإيراني، تشمل المطالب الأميركية من إيران، وكذلك توقعات واشنطن من موسكو بشأن علاقاتها مع طهران.
– تكشف بعض المصادر أن مسألة إيران قد أُثيرت داخل اجتماع مع نظرائه الامريكيين في 18 من فبراير، لا سيما قضية احتمالات التفاوض بين واشنطن وطهران، وأن لافروف أثار هذه المسألة في طهران لاستطلاع موقف القيادة الإيرانية ليكون مادة على طاولة المحادثات بين ترامب وبوتين.
– تعتقد مصادر روسية أن موسكو تتموضع لتقديم “الخدمات” لإدارة ترامب بشأن الأزمة مع إيران، وأن زيارة الوزير الروسي لإيران هي جزء من تحضيرات القمّة التي ستعقد بين الرئيس الأميركي، ونظيره الروسي في السعودية، برعاية وليّ عهد المملكة، الأمير محمد بن سلمان. ويعتقد أن زيارة لافروف السريعة والمختصرة هدفها جمع معلومات سريعة تكون جاهزة على طاولة الزعيمين.
– اعتبر مراقبون أن تصريح وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، في المؤتمر الصحفي المشترك الذي جمعه مع نظيره الروسي، يوفّر معطى بشأن الرسالة التي تودّ إيران إرسالها علنا إلى القمّة الروسية الأميركية، من دون نفي أن يكون هناك مواقف أخرى ليست للإعلان العام ويحملها لافروف إلى القمّة العتيدة.
– تعتقد مصادر إيرانية مراقبة أن ترامب يسعى إلى مقايضة موقفه الجديد حيال الحرب في أوكرانيا، لا سيما اعتماده “الحلّ الروسي” لإنهاء النزاع، مع جهود ومواقف روسية حيال المسألة الإيرانية بما في ذلك ابتعاد موسكو عن الحلف مع طهران وممارسة ضغوط على إيران للقبول بمفاوضات تفضي إلى اتفاق يبعد الخيار العسكري الذي تلوح به إسرائيل وقد يلقى دعما من إدارة ترامب في واشنطن.
– في 25 فبراير، قالت صحيفة “تلغراف” البريطانية إن إيران وضعت أنظمة الدفاع حول مواقعها النووية في حالة تأهب قصوى وسط مخاوف من هجوم محتمل من إسرائيل والولايات المتحدة. وقال أحد المصادر لتلغراف “إنهم (السلطات الإيرانية) ينتظرون الهجوم، ويتوقعونه كل ليلة، وكل شيء في حالة تأهب قصوى، حتى في المواقع التي لا يعرف أحد عنها”.
– يتخوف باحثون في طهران من إمكانية “بيع” روسيا إيران على منوال “بيع” ترامب أوكرانيا. ويعتبرون أن تراجع نفوذ روسيا في سوريا وسماحها بسقوط نظام بشّار الأسد، تكشف براغماتية روسية قد لا تجد مانعا في خسارة إيران مقابل كسب حربها في أوكرانيا.
– تعزز آراء إيرانية هذا التخوف بالإشارة الى أنه لا مصلحة لروسيا على المستوى الاستراتيجي بأن تكون إيران قوية تمتلك أسلحة نووية، وأنها لا شك ستدعم جهود ترامب لمنع إيران من حيازة أسلحة دمار شامل، من خلال قيام موسكو بإقناع طهران بمقايضة سلامة النظام وبقائه باتفاق يمنع إيران من امتلاك السلاح النووي.
– لم تستبعد مصادر إيرانية مراقبة إمكانية اتساع الهوة بين موسكو وطهران إذا مارست الأخيرة ضغوطا لصالح واشنطن
– بالمقابل ترى مصادر روسية مراقبة أن ملف إيران من أوراق القوة التي يمكّن لبوتين أن يستخدمها على طاولة مباحثاته مع ترامب، وأن لا مصلحة لموسكو في إضعاف هذه الورقة، بل المشاركة مع واشنطن في إنتاج صفقة جديدة مع طهران.
– يرى مراقبون في طهران أنه رغم أن الروس لا يرحبون بخفض التوتر بين إيران والولايات المتحدة، لكنهم لا يريدون كذلك احتدام التوتر بينهما، وأن زيارة لافروف تأتي في “ظروف حساسة” حيث بلغ ملف المفاوضات بين طهران وواشنطن طريقا مسدودا، ويمكن للوساطة الروسية أن تضعه مجددا على السكة الصحيحة”.
– في 10 فبراير، هاجم الرئيس الإيراني، مسعود بزشكيان، الولايات المتحدة بأشد العبارات، متهماً خصوم بلاده بالسعي لتركيعها وترسيخ فكرة ضعف إيران بهدف توجيه ضربة عسكرية. وانتقد بزشكيان، مذكرة وقَّعها الرئيس الأميركي دونالد ترمب، لإعادة استراتيجية «الضغوط القصوى» على إيران بما في ذلك تشديد العقوبات النفطية.
– في 4 فبراير، وقّع ترامب على أمر رئاسي لتنفيذ سياسة “الضغط الأقصى” ضد إيران يفرض مجددًا عقوبات صارمة على إيران. وقد ردت إيران في 7 فبراير، من خلال تصريح للمرشد، علي خامنئي، قال فيه: “لن تُحل أي مشكلة في البلاد من خلال التفاوض مع الولايات المتحدة”.
– تقرّ مراجع سياسة أن موضوع تطبيع العلاقات بين واشنطن وموسكو وتداعياته على مستقبل العلاقات بين إيران وروسيا احتلت حيزا كبيرا من قراءة الأوساط الإيرانية لزيارة لافروف إلى طهران، لكنهم يرون مع ذلك أن سقوط نظام بشار الأسد، الحليف السابق لكل من موسكو وطهران، يفرض عليهما إعادة ضبط الاستراتيجيات بشأن التعامل مع سوريا الجديدة وضمان مصالحهما هناك.
خلاصة:
**تأتي زيارة وزير الخارجية الروسي إلى طهران في إطار التحضير للقمّة المقبلة بين الرئيسين، الروسي والأميركي، في السعودية، وهي متأثّرة بالاجتماع الذي عقده الوزير الروسي مع نظيره الأميركي ووفد أميركي في الرياض.
**تعتبر مصادر روسية مراقبة أن موسكو ممكن أن تقدم “خدمات” لإدارة ترامب في ملف إيران، مقابل تنازلات الرئيس الأميركي في مسألة الحرب في أوكرانيا.
**لا تستبعد مصادر إيرانية ابتعاد موسكو عن الحلف مع طهران إذا ما حققت قمة ترامب-بوتين تحوّلا استراتيجيا تستفيد منه روسيا. ولا تستبعد في هذا السياق أن تنأى موسكو بنفسها إذا ما ارتفع منسوب التوتّر بين إيران وتحالف أميركا-إسرائيل.
**ترى مصادر طهران أن موسكو لا تريد إيران قوية وستشجع جهود وضغوط ترامب لمنع إيران من امتلاك أسلحة نووية.
**مقابل توقيع ترامب أمرا تنفيذيا لممارسة الضغوط القصوى على إيران ورفض المرشد التفاوض مع واشنطن، قد تلعب روسيا دور الوساطة لضبط علاقة واشنطن-طهران ووضعها على سكة منضبطة.
**ترى مصادر إيران أن فقدان روسيا وإيران نفوذهما في سوريا من شأنه دفع البلدين للاهتداء إلى استراتيجية مشتركة لضمان مصالحهما.
**تعتقد مصادر روسية أن ملف إيران من أوراق القوة التي يمكّن لبوتين أن يستخدمها على طاولة مباحثاته مع ترامب وأن لا مصلحة لموسكو في إضعاف هذه الورقة، بل المشاركة مع واشنطن في إنتاج صفقة جديدة مع طهران.