قراءة في مخرجات لقاء القوي السياسية السودانية في الدوحة
ذوالنون سليمان، مركز تقدم للسياسات
تقديم :
نظم مركز دراسات النزاع والعمل الانساني القطري، لقاءا تفاكريا للقوي السياسية السودانية في الدوحة ، حول ازمة الانتقال والتحول الديمقراطي في السودان .
يهدف اللقاء الي تشكيل حكومة جديدة تنهي حالة الاستقطاب الحاد ومؤشرات العنف التي بدأت تتصاعد بين أطراف أزمة الانتقال وذلك عن طريق التوفيق بين الفاعلين السياسيين من القوي الثورية والأطراف المؤثرة في العملية السياسية حول مشروع وطني جديد..
الأطراف المشاركة:
اعتمد اللقاء على مجموعات سياسية تتمثل في أطراف تحالف قوي الحرية والتغيير المجلس المركزي ولجان المقاومة الداعمة لها والمؤتمر الشعبي – جماعة الترابي – وممثلين لمنظمات المجتمع المدني وأكاديميين وباحثين.
أهم نقاط مخرجات لقاء الدوحة:
– إبعاد المؤسسة العسكرية بميليشياتها المختلفة من المشهد السياسي وبناء جيش وطني واحد بعقيدة جديدة.
– إعادة النظر في اتفاقية سلام جوبا وإيقاف العمل بها أو دراسة خيارات بالغائها بشكل جزئي.
– إنهاء اختطاف الدولة السودانية وتدخلات دول الإقليم الي جانب وقف التدخل والنفوذ الروسي عبر مجموعة فاغنر .
– تكوين ودعم واستخدام أدوات إعلامية وفنية لدعم اهداف الثورة ومخرجات اللقاء.
خطوات اللقاء المقترحة:
– توحيد القوي السياسية المؤيدة والمناصرة للتحول المدني.
– تشكيل لجنة لتجميع الوثائق التي قدمت في جهود توحيد قوي التحول الديمقراطي واستخلاص المشتركات كمدخل لتوحيد هذه القوى.
– خلق آلية من كافة القطاعات وأصحاب المصلحة لترويج الرؤية وتوفير السند الشعبي لها .
التحليل:
– طبيعة التوصيات في الورقة تبين الهدف من المبادرة والتي تتعلق بعودة الدولة السودانية عبر نظام سياسي محدد ينهي الفراغ ” الممتلئ بالوكلاء ” بحسب توصيف الورقة ، بمعني عدم أستغلال الفراغ الدستوري في خلق واقع أقتصادي وعسكري في المنطقة يتعارض مع مصالح أصحاب المبادرة ،طالبت الورقة أيضا بحسم تعدد الجيوش بمعنى إيجاد وضعية دستورية لتفكيك الدعم السريع وانهاء نفوذه السياسي ، لم تشر التوصيات من قريب أو من بعيد لاستبعاد مشاركة الإسلاميين في السلطة أو عزل عناصر النظام القديم من المشاركة في العملية السياسية واكتفت بتعميم مصطلح القوي المدنية مما يعني القبول ضمنيا بتواجد حليفهم التاريخي في المشهد السياسي السوداني .
– عودة الاهتمام القطري مؤخراً بالشأن السوداني بعد سقوط نظام البشير ومحاولتها صناعة واقع سياسي جديد في السودان بعد اكتفائها بدور المراقب اثناء الثورة وحكومة الفترة الانتقالية ، لا ينفصل عن المخاوف الامريكية من تنامي النفوذ الروسي في أفريقيا و السودان عبر مساعدة قوات الدعم السريع ووصول الأوضاع الأمنية والاقتصادية لحافة الهاوية ، الأمر الذي قد يؤدي لتصدع الدولة ويهدد المنطقة بأكملها بعدم الاستقرار الأمني، ما يوفر بيئة خصبة للارهاب والفوضى والجرائم العابرة للحدود ، أيضا هنالك حضور للتنافس الخليجي الداخلي وسباق النفوذ والتأثير الدولي الذي يتعدى أزمة مصادر الطاقة لفضاءات أستثمارية جديدة تعزز الدور القطري المتعاظم في السياسة الدولية والاقتصاد العالمي.
-تلعب دولة قطر أدوار اقليمية ايجابية في بؤر التوتر لصالح التحالف الغربي بقيادة الولايات المتحدة والناتو ،وتقدم لهم اختراقات نوعية ومعالجات تحقق مصالحهم وتقوي في ذات الوقت اعتمادهم عليها بما يوفر لها الحماية المسبقة من السيناريوهات التي تستهدفها، أدوار إيجابية مثلما حدث افغانستان وتشاد والان في السودان.
فرص نجاح الدور القطري في الأزمة:
التواجد التاريخي لقطر في السياسة السودانية قديم ، يتمظهر عبر علاقاتها مع نظام الإنقاذ بتوجهاته الإسلامية الصارخة ومنظماتها الإنسانية الناشطة في معسكرات النزوح واللجوء وأزمات الكوارث ،واعتمادها على المؤسسات ومراكز أبحاث متخصصة تهتم بالشأن السوداني ،كل هذه العناصر بلإضافة الي أخري ، تعزز فرص نجاح معقولة للدور القطري في السودان خصوصا مع أستعداد القوي السياسية الفطري لتقبل مساهمات الخارج في الحل ازماتها السياسية.
تستفيد قطر أيضًا من علاقاتها السابقة مع النظام والجماعات الاسلامية في توفير الدعم والسند الشعبي لمبادرتها، وستوظف علاقاتها السابقة بأطراف العملية السياسية في دارفور وشرق السودان إبان تبنيها مفاوضات السلام في عهد نظام البشير ودعمها المادي الكبير للمشاريع التنموية وبرامج التوطين في الترويج للمبادرة ونجاحها .
تقديرات:
بعد الانتهاء من بلورة المبادرة وترتيب القوي المدنية السودانية من المتوقع ان تقوم القوى المشاركة بالتوقيع على إعلان سياسي مدعوم من الإسلاميين بصورة غير مباشرة ومحل قبول من العسكريين، وذلك لتشكيل حكومة انتقالية مؤقتة برعاية اقتصادية قطرية وضمانات امريكية دولية تؤمن الاستقرار في الاقليم وفق رؤية التحالف الدولي الجديد. لكن المخاطر ستظل محدقة باي اتفاق خاصة وانه لن يجد قبولا شاملا من الشارع السوداني المنتفض والقوى العسكرية والسياسية التي وقعت على اتفاق السلام في جوبا ، والتي لا تقبل ان يعاد فتح الاتفاق للنقاش والتعديل ، بما ينتقص من حقوقها وتامين مناطقها التي نكبت بالحروب طيلة العقود الثلاثة الماضية .