قراءة في الانتخابات الإيرانية:
إصلاحي واحد مقابل مرشحين محافظين:
تقدير موقف: مركز تقدم للسياسات
تقديم: قد لا تحسم الدورة الأولى من الانتخابات الرئاسية الإيرانية، الجمعة 28 يونيو، الجدل بشأن هوية الشخصية التي ستخلف الرئيس الراحل إبراهيم رئيسي. غير أن الأمر سيفتح الباب أمام تأمل لإعادة تشكيل السلطة على خلفية جدل صامت بشأن خلافة المرشد علي خامنئي، وما ينتظر البلاد من استحقاقات خارجية في قلب التوتّر في الشرق الأوسط، وعشية الانتخابات الرئاسية الأميركية. تكفي مراقبة حجج المرشحين لاستنتاج ما لا يُعترف به بشأن حقيقة وصعوبة المشاكل التي تعاني منها البلاد. فماذا تكشف الانتخابات وما الذي يمكن استشرافه؟
– مراقبة الحدث تستدعي الاطلاع على المعطيات والملاحظات التالية:
–
– أربعة مرشحين (بعد انسحاب اثنين)، هم من بين 80 قدموا طلبات ترشيح، يتنافسون على الانتخابات المفترض أنه يحقّ لـ 61 مليونا المشاركة فيها. غير أن استطلاعات الرأي تتوقع مشاركة نسبة 44 بالمئة، علما أن هذه النسبة وصلت إلى 49 بالمئة في الانتخابات التي فاز بها رئيسي عام 2021 وكانت أدنى مستوى مشاركة منذ قيام الجمهورية الإسلامية.
– ترجح الاستطلاعات أن تكون المنافسة جدّية بين 3 مرشحين: الرئيس المحافظ للبرلمان محمد باقر قاليباف، والمحافظ المتشدّد سعيد جليلي، والنائب الإصلاحي مسعود بزشكيان. ويمثل المرشح الأخير التيار الإصلاحي فيما يتنافس قاليباف وجليلي القريبين من المرشد علي خامنئي والحرس الثوري على تمثيل التيار المتشدّد في البلاد.
– تحذّر أوساط المحافظين من احتمال فوز مرشح التيار الإصلاحي في حال لم يتوحّد المحافظون على مرشح واحد. وتنصح هذه الأوساط بانسحاب كل المرشحين المحافظين لصالح مرشح واحد تنصبّ عليه الأصوات. ويعتبر هؤلاء أن هذا التشتت كان وراء فوز حسن روحاني في انتخابات عام 2013.
– أعلن روحاني، دعمه للمرشح الإصلاحي مسعود بزشكيان. وأشار إلى ضرورة التصويت لشخص “مصمّم على إزالة كل العقوبات عن الشعب الإيراني، وتوقيع الاتفاق بشجاعة، وإحياء الاتفاق النووي وحل مشكلات البنوك”. كما أعلن رئيس البرلمان الأسبق علي أكبر ناطق نوري دعمه للمرشح الإصلاحي.
– من جهته أعلن الرئيس الإصلاحي الأسبق محمد خاتمي دعمه أيضا لبزشكيان. وقال في رسالة عبر الفيديو: “الآن فرصة، وآمل أن تتيح سماع صوت الأغلبية”. وكان وزير الخارجية الأسبق محمد جواد ظريف قد أثار جدلاً بسبب هجومه على خطاب المرشحين المحافظين، وذلك بعد انضمامه إلى حملة بزشكيان. بالمقابل دعا المرشد الإيراني، علي خامنئي، المرشحين لانتخابات الرئاسة إلى عدم اختيار مسؤولين “محبين لأميركا” أو الذين ينحرفون عن مبادئ الثورة،
– كشفت المناظرات بين المرشحين عن المشكلة الاقتصادية بصفتها الشاغل الأول للإيرانيين. كما أن الوعود بمحاربة الفساد كشفت وجود آفة متجذّرة لم يستطع الرؤساء السابقين اجتثاثها. وعلى الرغم من المكابرة التي يعبّر عنها النظام الإيراني وتباهيه بالقدرة على الالتفاف على العقوبات، تبارى المتنافسون على الوعد في القدرة على تعامل أفضل مع هذا الواقع، فيما ركّز المرشح الإصلاحي على هدف التخلّص من كافة العقوبات.
– تتحدث التقارير الدولية عن أن قطاع النفط وراء تمكن الاقتصاد الإيراني من تسجيل نمو بنسبة 5.7 بالمئة ومن غير هذا القطاع لانهار اقتصاد البلاد. ويلفت المراقبون إلى إنتاج 3.5 مليون برميل يوميا يصدر منها 1.7 مليونا معظمها إلى الصين. ويصل معدل البطالة وفق البنك الدولي إلى 7.6 بالمئة، فيما انخفضت قيمة الريال الإيراني إلى النصف (600 ألفا مقابل الدولار).
– كشف استطلاع أُجري الأحد الماضي بأن أصوات الإصلاحي بزشكيان تشهد مساراً تصاعدياً، وارتفعت من 19.8 في المئة إلى 24.4 في المئة، في حين تراجعت أصوات كل من جليلي من 26.2 في المئة إلى 24 في المئة، وقاليباف من 19 في المئة إلى 14.7 في المئة.
– في حال انسحاب جليلي، فإن نسبة 48 في المئة ستذهب إلى قاليباف، ويحصد بزشكيان 7.9 في المئة منها. وفي حال انسحاب قاليباف، فإن 33.3 في المئة من أصواته ستضاف إلى جليلي، وستذهب 19.4 في المئة إلى بزشكيان.
– كتلة الأصوليين الناخبة تضم ما بين 15 و 18 مليون صوت أي ما بين 25 إلى 30 بالمئة من إجمالي الأصوات، وهي الأصوات التي حصل عليها رئيسي في انتخابات 2017 و 2021. بالمقابل فإن الأصوات الثابتة للإصلاحيين تشكل نسبة 15 بالمئة فقط، لكن هناك أصواتا صامتة عددها 15 مليونا ونسبتها 25 بالمئة تشارك في حالات خاصة فقط، وتكون مشاركتها في سلة الإصلاحيين دائما كما حدث بانتخابات 2013 و 2017 التي أدت إلى فوز روحاني.
– إذا لم يحصل أي مرشح على 50 بالمئة من الأصوات، بالإضافة إلى صوت واحد من جميع الأصوات التي تم الإدلاء بها، بما يشمل البطاقات التي لم يختر أصحابها أيا من المرشحين، فسيتم إجراء جولة ثانية بين المرشحين اللذين حصلا على أكبر عدد من الأصوات.
خلاصة:
**رغم سعيّ المؤسسة المحافظة على اختيار رئيس للجمهورية يكون الأكثر ولاء للمرشد علي خامنئي، غير أن الأمر يحتاج إلى وضع حدّ لتعدد المرشحين المحافظين لصالح مرشح واحد يمكنه مواجهة مرشح التيار الإصلاحي.
**تكشف برامج المرشحين والمناظرات الانتخابية اعترافا بوجود أزمة اقتصادية بسبب سوء الأداء وتفاقم الفساد من جهة وبسبب العقوبات الأميركية الموجعة. ويركّز المرشح الإصلاحي وداعميه على هدف التخلّص من العقوبات وإعادة الوصل مع المؤسسات الدولية.
**رفع نسبة المشاركة في الانتخابات ودعم شخصيات سياسية وسطية وإصلاحية للمرشح الإصلاحي قد تمكّنه من الفوز خصوصا أن هناك تعويل على الأصوات الصامتة التي عادة ما تقترع لصالح المرشح المعتدل.