قبيل جلسة المفاوضات الأمريكية الإيرانية :

قراءة في مسار تصعيد مبرمج

تقدير موقف: مركز تقدم للسياسات

تقديم: بدأ التصعيد قبل أيام من عقد الجلسة السادسة للمفاوضات الأميركية الإيرانية مهندسا ومحسوبا ومتعدد الأوجه والمستويات، لوضع قواعد جديدة للتفاوض بما في ذلك تكثيف الضغوط المتعددة المصادرة لإحداث اختراق ينهي حالة الجمود المعرقلة للتوصل إلى اتفاق.

في المعطيات:

-منذ أوائل يونيو 2025، وخصوصا منذ العاشر منه، ظهرت مؤشرات متتابعة تكشف تصعيدا أميركيا ضد إيران يأخذ طابعا عسكريا قبل أيام من الجلسة السادسة للمفاوضات مع إيران التي ستعقد في مسقط في 15 يونيو.
-أظهرت تقارير أميركية وجود معلومات عن استعدادات إسرائيلية لتوجيه ضربة عسكرية ضد البرنامج النووي الإيراني.
-نشرت تقارير عن إجراء مناقلات وتدابير احترازية طالت الأصول العسكرية والممثليات الدبلوماسية الأميركية في المنطقة (لاسيما في العراق).
-تحدث الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلنسكي عن نقل واشنطن ذخائر أميركية من أوكرانيا إلى الشرق الأوسط.
-أصدر مجلس المحافظين للوكالة الدولية للطاقة الذرية قرار إدانة نادر ضد إيران هو الأول منذ عقدين.
-صدرت تعليمات بتحريك قاذفات B2 صوب قاعدة “دييغو غارسيا” بالمحيط الهادي.
-تأكيد مصادر روسية تحليق طائرات أميركية للتزوّد بالوقود في أجواء العراق
-ثبات كافة المواقف الأميركية الصادرة عن كافة المستويات بفرض “صفر تخصيب” على إيران.
-يُعتقد أن اتفاقا جرى بين ترامب ونتنياهو أثناء المكالمة الهاتفية التي جرت بينهما في 9 يونيو على ترتيب سيناريو التصعيد التهويلي الذي ظهر منذ 11 يونيو.
-تقول مصادر أميركية إن ترامب يود الاستفادة من ورقة إسرائيل التي تعلن منذ أسابيع وضع خطط استعدادا لتوجيه ضربة عسكرية موجعة للبرنامج النووي في إيران من أجل تصليب الأوراق الأميركية على طاولة الجلسة السادسة في مسقط من المفاوضات.
-هذا التطوّر يعني أن ترامب أعاد تعويم “الخيار الإسرائيلي” الذي قيل قبل ذلك أنه كان وراء إقالة ترامب لبعض موظفي الإدارة، بما في ذلك مستشار الأمن القومي مايك والتز.
-لاحظت هذه المصادر أن منابر الصحافة الأميركية الكبرى، وليست المنابر الإسرائيلية، هي التي نقلت عن “مسؤول أميركي” أن إسرائيل تتحضر لتوجيه ضربة عسكرية ضد إيران، ما أوحى برضى واشنطن عن الأمر وعدم وجود مانع من إدارة ترامب.
-أُلحقت هذه المعلومات بإعلان إسرائيل عقد اجتماع طارئ للكابينيت الأمني برئاسة نتنياهو مساء 12 يونيو، ما أوحى بجدية ودقة معلومات “المسؤول الأميركي”.
-تضع المصادر الأميركية ما أعلنته القيادة الوسطى الأميركية في 9 يونيو عن تقديمها خيارات للرئيس ترامب لاستخدام القوة العسكرية ضد البرنامج النووي، في إطار تجميع معطيات التصعيد قبل أيام من جلسة مسقط في 15 يونيو.
-تضيف المصادر أن الإجراءات التي اتّخذت في بعض قواعد وممثليات واشنطن الدبلوماسية لا سيما في العراق هدفها إضافة طابع جدي ووقائي من الاحتمالات العسكرية وردود الفعل عليها.
-تلفت تقارير إلى أن قرار تغليظ أساليب الضغط على إيران أتت بعد أيام من موقف لترامب استغرب فيه تراجع إيران عن إيجابيتها للوصول الاتفاق متسائلا: ماذا حصل لإيران. وتعتبر تحليلات أن إدارة ترامب احتاجت لإظهار خشونة بمستوى محسوب تأخذها طهران ومفاوضيها بعين الاعتبار.
-لفتت مراجع دبلوماسية أوروبية إلى التطوّر البارز الذي جرى في قرار مجلس المحافظين للوكالة الدولية للطاقة الذرية في 12 يونيو في إدانة إيران لعدم امتثالها للاتفاق النووي.
-أوضحت هذه المراجع أن المجلس لم “يشوّش” على اتفاق فيينا منذ صدوره عام 2015، وأن قراره الأخير هو سابقة منذ 20 عاما ما يكشف تحوّلا جديدا أمميا في التعامل مع الحالة الإيرانية.
-فيما اعتبرت طهران أن قرار مجلس المحافظين مسيّس، أيدت مصادر محايدة ذلك، وقالت إن المجلس تجنّب إدانة إيران في السابق رغم فشلها في تقديم تفسير لعثور مفتشي الوكالة على آثار تخصيب بنسبة تفوق 83 بالمئة، لأسباب سياسية كان هدفها عدم عرقلة مفاوضات واشنطن-بايدن ثم واشنطن-ترامب مع إيران. وأن قرار الإدانة الأخير هو سياسي أيضا، ما من شأنه أن يُقلق إيران
-لاحظت هذه المصادر أن تصويت مجلس المحافظين أظهر أغلبية بسيطة ضد إيران ما يمكن أن يبعث رسالة إلى طهران بمواصلة إمكانيات التفاهم.
-مقابل 19 عضوا في مجلس المحافظين أيدوا قرار الإدانة ضد إيران، فإن 14 عضوا لم يؤيدوه، سواء الـ 3 الذين رفضوه (روسيا والصين وبوركينا فاسو) أو الـ 11 عضوا الذين امتنعوا عن التصويت.
-لاحظ مراقبون لشؤون إيران توتّرا وذعرا في ردّ فعل طهران على قرار مجلس المحافظين. فقد أعلنت طهران فتح منشأة جديدة للتخصيب وتبديل أجهزة طرد من الجيل الخامس إلى الجيل السادس. ولم يستخدم الردّ، كما عادة الدول صيّغ “نخطط لـ”، بما كشف عن ردّ فعل انفعالي وارتجالي سريع.
-استغرب المراقبون إخراج وثائق قيل إنها إسرائيلية استولت عليها طهران مؤخرا تثبت تورط مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل غروسي بالتعاون مع إسرائيل. اعتبر هؤلاء أن ردّ الفعل يفترض أن يمثل قطيعة مع غروسي الذي ستضطر إيران إلى التعامل معه واستقبال مفتشي وكالته لاحقاً.

خلاصة:

**يجمع المراقبون أن التطوّرات شبه العسكرية التي تهدد بضربة عسكرية إسرائيلية وشيكة ضد إيران ما زالت احتمالا تهويليا يهدف إلى إعداد الأجواء للجلسة السادسة من المفاوضات في مسقط في 15 يونيو. وفي حال إعلان فشلها فإن كل الاحتمالات تصبح مفتوحة، بما فيها الخيار العسكري التدميري الإسرائيلي مع عدم استبعاد المشاركة الامريكية والغربية.
**يتخوّف متابعون من أن إعلان طهران أن ما أظهره الأميركيون هو تهويلي وحرب نفسية قد يقلل لدى صاحب القرار الإيراني من مستوى ردّ فعله حيال الغضب الذي تعبّر عنه واشنطن من نتائج التفاوض حتى الآن.
**ترى مصادر أن ترامب يحتاج إلى إنجاز سريع في ملف المفاوضات مع إيران، وأن تحريك الخيارات العسكرية يهدف إلى إشعار طهران بجدية ضغوط واشنطن بشأن تخصيب اليورانيوم.
**رغم التهويل والتهديد المضاد الذي صدر على لسان قادة إيران السياسيين والعسكريين، غير أن مصادر لا تستغرب استيعاب طهران للتصعيد والتلويح بتنازلات لوقف إقحام “خيار إسرائيل” من جهة ولعدم قدرة إيران اقتصاديا على الدخول في حرب كبرى من جهة أخرى.
**يُعتقد أن الإدانة التي صدرت عن مجلس المحافظين في الوكالة الدولية للطاقة الذرية سياسية تتواءم مع الضغوط الأميركية وتوحي لطهران بإخراج الملف من مجموعة الـ 5+1 باتجاه دول العالم أجمع.
**لوحظ أن تصويت مجلس المحافظين لدى الوكالة الدولية للطاقة الذرية أظهر أغلبية بسيطة ضد إيران ما يمكن أن يبعث رسالة إلى طهران بمواصلة إمكانيات التفاهم (19 أدان مقابل 11).

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.