في الحالة الاسرائيلية: تصعيد من دون أفق على كلالجبهات

أمير مخول، مركز تقدم للسياسات

1. تلويح بتهجير جماعي ومجزرة كبرى في شمال غزة:

كشفت القناة الثانية عشر الاسرائيلية مساء8 اكتوبر عن حقيقية انسكان شمال قطاع غزة وحصريا مخيم جباليا، يرفضون الانصياعلأوامر جيش الاحتلال بالنزوح عن شمال القطاع جنوبا نحوالمناطقالامنة“. كما شكك المحللون العسكريون في امكانية ان ينجح الجيشفي هذه المهمة. سوغ المحللون تقديراتهم بأنه لا ثقة للغزيين فيالمناطق الامنةرغما عن ارفاق الجيش اوامره بخارطة النزوح المعنيبها.

الامر الاكثر خطورة هو الذريعة التي وفرها المحللون العسكريون،والقائلة بأن العائلات التي بقيت في شمال القطاع والتي يقدر عددهابنحو 200 – 300 الف نسمة تشكل النواة الصلبة للمقاومة ومعظمهايساند حركة حماس.

يبدو ان هذاالتحليلللهوية السياسية لسكان شمال غزة، انما هوتبرير مسبق اسرائيليا ودوليا لاحتمالية خطة للتطهير العرقي بالقوة،اي ارتكاب مجزرة بأدوات ابادة جماعية.

يتطابق الامر العسكري بشكل لافت مع خطة الجنرالات التي يتداولهانتنياهو على المستويين الامني والسياسي حتى وإن أعلن مكتبه بأنهالم تقرّ. تقضي الخطة في الجوهر في افراغ شمال محور نيتسريم منكل السكان الفلسطينيين وتحويل المنطقة الى اسرائيلية احتلالاواستيطانا.

نجحت حكومة نتنياهو في تحويل اهتمام العالم وانظاره نحو الجبهةالشمالية، ومن غايات ذلك فك الارتباط بين جبهة الاسناد والحرب علىغزة، وكذلك تحويل قطاع غزة كما الضفة الى ساحة خلفية اسرائيليةتتيح للاحتلال القيام بتشريع مشاريعه في القطاع ونحو تقويضامكانية دولة فلسطينية في الضفة والقطاع والقدس.

للخلاصة:

رغم السعي الى ابعاد الانظار عن غزة، فإن المخططاتوالعمليات الاحتلالية في شمال القطاع حصريا وافراغهبالكامل من سكانه، تعود غزة الى الواجهة نتيجة لتمسكالغزيين ببيوتهم واماكنهم والصمود ورفضهم الاذعان لأوامرالنزوح القسري والذي قد ترد عليه اسرائيل بالتراجع اوبالمزيد من العدوان العسكري وجرائم الابادة بروح الطبقةالحاكمة ومخطط الجنرالات.
تبقى غزة كما قضية فلسطين هي ما لا تستطيع اسرائيلتجاوزها وفي اي ظرف.

2. لبيد وخطته لتفكيك الدولة اللبنانية وتعيين لجنة مؤقتةدولية:

في خطتهالاستراتيجية” (الإيكونيميست 8/10) يدعو رئيسالمعارضة الاسرائيلية لبيد المجتمع الدولي الىالوقوف الى جانباسرائيل لإنقاذ لبنان“. كما يدعو لبيد الدول المعنية وحصريا الولاياتالمتحدة وفرنسا الى الاعلان عنلجنة معيّنةتدير الحياة المدنية فيلبنان وذلك لمدة زمنية محددة، الى حين يكون بالإمكان اجراء انتخاباتلبنانية وتتشكل حكومة قادرة على ادارة دفّة الامور. ينبغي ان توفراللجنة المعينة ما لم يحصل منذ امد طويل الا وهوالعمل لصالحمواطني لبنان“.

وفقا لرئيس المعارضة لبيد، فإنهإذا كان العالم معنيا في انقاذ لبنان،فعليه ان يحدد هدفا واحدا الا وهو: “القضاء على القوة العسكريةلحزب الله، وهذا ليس هدفا اسرائيليا فحسب، بل هو هدف لبناني. وطالما يسيطر حزب الله على لبنان فلن تكون للبنان قيامة“. كما وطالبلبيد المجتمع الدولي بالاستثمار في اعادة بناء جيش لبنانوفياعادة تنظيم المبنى السياسي اللبناني“. مؤكدا أنالحرب الدائرة بينإسرائيل وحزب الله تشكل فرصة، وربما الأخيرة، لكي يصبح لبناندولة طبيعية مرة أخرىواعتبر انلبنان لم يعد دولة حقيقية

للخلاصة:

كما ان الحرب على لبنان تحظى بإجماع قومي صهيوني شامل،يرى رئيس المعارضة ان هذه حرب اسرائيل وليست حرب نتنياهو اوائتلافه.
يؤكد رئيس المعارضة على المضي في الحربحتى القضاء التامعلى حزب اللهبمعنى الحرب الطويلة الامد والمفتوحة، كما يعفياسرائيل وحكومتها من اية مسؤوليات تجاه المدنيين اللبنانيين وتجاهالبني المدنية التحتية للبلد، بل ويضع ذلك على مسؤولية المجتمعالدوليالمعني بإنقاذ لبنان“.
يتعامل لبيد باستهتار مع سيادة الدولة اللبنانية والشعب اللبناني،داعيا الى تحويل لبنان فعليا الى مسؤولية او انتداب دولي، يديرالبلاد ويعيد بناء دولة مغايرة وجيشا مغايرا بإشرافامريكيوفرنسي واماراتي، ومبني على مضاعفة معاش الجندي اربعةمرات لضمان تجند الشباب اللبناني لجيش الدولة.
تصريحات لبيد هي ذات نزعة استعمارية بامتياز، وتكملة لخطابنتنياهو عنجبهة الاخيار مقابل جبهة الشر والتحضر مقابلالتخلف، وهو يتعامل مع الشعب اللبناني كما لو كان مواليالإسرائيل وليس مناهضا لحربها.
تشكل تصريحات رئيس المعارضة السند السياسي الخارجي الاقوىالذي يحتاجه نتنياهو امام العالم.
للتذكير فقد سعت اسرائيل في الماضي نحو تطبيق ما يورده لبيد،سواء في احتلالها الطويل لجنوب لبنان، او اجتياح بيروت وسعيهالتعيين رئيسا للدولة، ام في اقامة جيش جنوب لبنان، وكل هذهالمخططات قد انهارت بشكل كامل، لكون الشعب اللبناني والدولةيرفضون اي احتلال اسرائيلي او تدخل في سيادتهم.

3. نتنياهو وغالنت، صراع على إيران ام على هوية رئيسالأركان

كان من المزمع ان يغادر غالنت تل ابيب متوجها الى واشنطن مساءالثامن من اكتوبر. محور الزيارة كما أُعلن عنه، هو التباحث معالامريكان بشأن ضربة اسرائيلية محتملة ضد إيران. بينما اعتبرمسؤول كبير في وزارة الدفاع الامريكية ان هدف الزيارة كانحوارمهنيومذهولون من تحويلة الى حدث سياسي بين نتنياهو وغالنتوبين نتياهو وبايدن، اذ اشترط نتنياهو موافقته على الزيارة بأن يتصلبه الرئيس بايدن لمناقشة الوضع، وبأن يقوم الكابنيت بالمصادقة علىخطة الهجوم على إيران، وفقط بعد ذلك يمكن للوزير السفر. وكان رشحعن مكتب نتنباهو باشتراط الزيارة مسبقا بمنع وزير حربه من ابلاغالمسؤولين في واشنطن بموعد وهدف الضربة الاسرائيلية المزمعة.

وفقا لموقع اكسيوس فقد تم تحديد موعد لمحادثة هاتفية بين بايدنونتنياهو مساء 9/اكتوبر، وصرح نتنياهو بأنه هو من سيقوم بتبليغادارة بادين بموعد الهجوم على إيران قبيل ان تنطلق العملية. ممايشير الى سعيه المتقدم الى توريط الولايات المتحدة في حرب مع إيرانومهما كانت عواقبها، ادراكا بأن اسرائيل وحدها غير جاهزة للقيامبفتح هذه الجبهة واعلانها حالة حرب.

قد تكون الغاية من هذه الجولة الجديدة من توتير علاقاته مع غالنتلدرجة إهانته، هي دفع نتنياهو لوزير الحرب الى الاستقالة وشغورموقعه. لا يبدو ان هدف نتنياهو مجرد تعيين ساعر بدلا لغالنت كمايتداول الاعلام، الا ان الغاية الاكثر جوهرية تبدو متعلقة بتعيين قيادةالاركان الجديدة نهاية هذا العام. لقد حصل نتنياهو على تنازل منساعر عن احقية تعيين قائد الاركان الجديد بعد انهاء هاليفي مهامه،وتحوّل قرار التعيين من وزير الامن الى الحكومة برمتها. بينما لو يبقىغالنت في موقعه فإنه سوف يستخدم صلاحياته القانونية بتعيين قائدالاركان. يأتي هذا التوتر ضمن الصراعات على هوية الجيشالمستقبلية وقادته وطبيعة علاقته مع المستوى السياسي.

يدرك نتنياهو كما غالنت بأن قوة الاخير السياسية في الحكومة هينتاج توافقه التام مع الجيش، والمدعوم بالموقف الامريكي. وهيالمنظومات التي تتحدى نتنياهو وعلاقتها به متوترة منذ بداية الحربوفعليا منذ الصراع حول الانقلاب القضائي، وحاليا تتفاقم حولمسألة تجنيد الحريديم للجيش. كما يدرك غانت بأن نتنياهو قد نجح حاليا في تثبيت ائتلافه بضم حزب اليمين الرسمي اليه، ويملك القوة السياسية لو اراد اقالة غالنت.

للخلاصة:

يسعى نتنياهو الى توسيع إطار وجغرافية الحرب، وهو على قناعةذاتية مشوبة بفائض النشوة بالقدرة على الحسم من خلال المسارالعسكري، وبقدرته على توريط الولايات المتحدة حربيا في المنطقةومع ايران، باختيار الموعد وطريقة تبليغ ادارة بايدن وكذلك حجمالضربة المحتملة وغاياتها.
يسعى نتنياهو الى الاستحواذ على مجريات الامور سعيا لكسبالحرب وللكسب السياسي
الصراع على وزارة الامن هو صراع مفصلي فيما يتعلق بهويةالجيش المستقبلية وقيادة اركانه والعلاقة بين المستوى الأمنيوالسياسي.

4. خطاب نعيم قاسم والرواية الإسرائيلية:

توقفت محطات التلفزة ووسائل الاعلام الاسرائيلية عند خطاب نائبالامين العام لحزب الله نعيم قاسم (8 اكتوبر)، وأكثرت من تحليلالخطاب ورسائله وأبعاده الميدانية والسياسية على السواء. كما كانلافتا بعد خطاب قاسم مباشرة انطلاق أكبر رشقة صاروخية على حيفاومنطقتها من لبنان، وذلك بعد ان شدد على تماسك الحزب والحفاظعلى قدراته وجهوزيته ومواصلة خططته. جاء الخطاب في نفي تامللرواية الاسرائيلية القائلة بتقويض الحزب او كما صرح غالنتونتنياهو بانه باتمن دون قيادة عسكرية ومن دون راسوبأنه فقدالقدرة على ادارة منظومته القتالية.

تمسك الاعلام الاسرائيلي بالجملة التي تحدث فيها قاسم عن قبولالحزب بأولوية وقف إطلاق النار، واعتبر المحللون الاسرائيليون بأن فيذلك اعتراف لأول مرة بفك الارتباط بين جبهة الاسناد وغزة، وبأنذلكنتيجة للضربات التي تلقاها حزب الله من اسرائيل“.

سبق ذلك ان أعلن مراسلون عسكريون ومحللون بأن نعيم قاسم قداختفى واعتبر الاكاديمي المستعرب كيدار بأن قاسم قدهرب منلبنان كما معظم القيادات المتبقية، بينما انشغل الاعلام في الترويجالىصور الانتصار“. مقابل ذلك تتسع حلقة التقديرات التي ترى بأنالحرب بعيدة عن الحسم ولا يمكن رؤية ذلك في هذه المرحلة، بلمشددة على القدرات الصاروخية بعيدة المدى والدقيقة التي تكاد تكونلم تستخدم بعد. ثم انشغل الاعلام ايضا في الهجمات الصاروخيةمتعددة المصادر والمتزامنة على تل ابيب ومركز البلاد، في اشارة الىانه في يوم واحد أطلقت صواريخ كهذه من اليمن ومن العراق ومنلبنان. بينما القلق الاكبر هو من تجاوزها للمنظومات الدفاعية متعددةالطبقات، وهو ما حصل ايضا مع الهجوم الصاروخي الايراني الاخير.

للخلاصة:

الحرب في الجبهة الشمالية لا تزال بعيدة عن الحسم في مآلاتهاونتائجها على الرغم من كونها حربا غير متكافئة وبشكل صارخ، بلتنبئ التطورات بحرب تدميرية طويلة الامد ذات ابعاد اقليمية ودولية.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.