“فاغنر” تنسحب من مالي: قراءة في مستقبل وإدارة نفوذ روسيا في أفريقيا

خلاصة وملخص تقدير موقف من وحدة الشؤون الإفريقية، مركز تقدم للسياسات

تقديم: يمثل قرار إنهاء مهمة مجموعة “فاغنر” الروسية في مالي تحوّلا في مقاربة موسكو لسياساتها في أفريقيا وعلاقاتها مع دول المنطقة. سيتولى “الفيلق الأفريقي” الروسي المهمة، غير أن مهام الفيلق مختلفة وتلاقي تغيرات وتسعى لترميم تصدع علاقات روسيا مع الجزائر ودول أخرى.

خلاصة:

إنهاء مهمة “فاغنر”: أعلنت مجموعة “فاغنر” الروسية رسميًا إنهاء دورها في مالي ومغادرتها البلاد في 8 يونيو 2025.
حلول “الفيلق الأفريقي”: سيتولى “الفيلق الأفريقي” التابع لوزارة الدفاع الروسية مهام “فاغنر” في مالي، مما يشير إلى تحول في مقاربة موسكو لسياساتها في أفريقيا.
فشل “فاغنر” الجزئي: يرى خبراء أن تجربة “فاغنر” في مالي أثبتت أنها “عبء أكثر من كونها حلًا”، مع تصاعد العنف وتآكل ثقة الدولة المالية، مما فاقم الوضع الأمني.
ضغط جزائري حاسم: لعبت الجزائر دورًا محوريًا في إنهاء وجود “فاغنر”، عبر توقيع اتفاق عسكري مع القيادة العسكرية الأمريكية لأفريقيا (أفريكوم)، والتعبير رسميًا عن قلقها من وجود المجموعة على حدودها.
مخاوف إقليمية: انضمت دول أخرى مثل تونس ومصر إلى الجزائر في التعبير عن قلقها من “خصخصة الأمن” على طريقة “فاغنر” وإمكانية انتشار “الدويلات” التي قد تتمدد في المنطقة.
ترميم العلاقات مع الجزائر: تسعى موسكو من خلال سحب “فاغنر” إلى إرضاء الجزائر وتلبية مطالبها، لكونها شريكًا استراتيجيًا مهمًا، خاصةً لدعمها لروسيا في حرب أوكرانيا.
استمرارية الوجود الروسي: انسحاب “فاغنر” لا يعني انسحاب روسيا، بل ستظل حاضرة عبر “الفيلق الأفريقي” مع تعزيز وجودها العسكري ومعداتها.
تغيير في المهام: ستكون مهام “الفيلق الأفريقي” مختلفة عن مقاربة “فاغنر” الأمنية البحتة، حيث سيتحول التركيز نحو التدريب وتوفير المعدات، وبدرجة أقل نحو قتال المتطرفين.
أهداف روسيا في أفريقيا: تسعى موسكو إلى استعادة نفوذها السابق في أفريقيا، وتقديم نفسها كشريك دون ماضٍ استعماري، والاستفادة من موارد القارة وأسواقها.
احتمال انقلاب عسكري في مالي: تتحدث بعض التحليلات عن ضعف الحكومة العسكرية الحالية في مالي واحتمال حدوث انقلاب عسكري جديد بدعم روسي جزائري.

في المعطيات:
-في 8 يونيو 2025، نُقل عن مصادر دبلوماسية أن مجموعة فاغنر الروسية التي كانت تنشط في مالي في منطقة الساحل في غرب أفريقيا منذ 2021، قد أنهت دورها في مالي رسميا وغادرت البلاد، على أن يتولى مهامها “فيلق أفريقيا” التابع لوزارة الدفاع في موسكو.
– أكد مصدر أمني مالي في 8 يونيو مواصلة التعاون مع روسيا “مع فاغنر أو بدونها”، مضيفا: “تبقى روسيا شريكنا الاستراتيجي في مجال التعاون العسكري”.
– يأتي هذا الإعلان في أعقاب سلسلة من الهجمات في الأسابيع القليلة الماضية التي يقول المتمردون إنها أسفرت عن مقتل أكثر من 100 جندي مالي بالإضافة إلى بعض المرتزقة.
– كانت “جماعة نصرة الإسلام والمسلمين”، وهي جماعة متمردة في منطقة الساحل، قد أعلنت مسؤوليتها عن أعمال العنف مؤخرا، بما في ذلك هجوم بالقنابل، في 4 يونيو، ضد عسكريين من مالي وروسيا بالقرب من باماكو.
– كانت موسكو وسعت نفوذها في أفريقيا عبر إرسال مرتزقة مجموعة فاغنر منذ أوائل القرن الحالي. غير أنه وبعد فشل تمرد زعيمها سيرغي بريغوجين على القيادة بموسكو في يونيو 2023 وإعادة تنظيم المجموعة تحت مظلة الكرملين، باتت قواتها في القارة تعرف باسم “فيلق أفريقيا”.
– مجموعة فاغنر موجودة في مالي منذ أن طرد الجيش، الذي استولى على السلطة في انقلابين في عامي 2020 و2021، القوات الفرنسية وقوات الأمم المتحدة التي شاركت في محاربة الجماعات المتطرفة لمدة عقد من الزمن واستبدلها بمرتزقة روس.
– يقول خبراء إن روسيا تسعى لإنهاء انتشار فاغنر في مالي واستبدالها بفيلق أفريقيا ما يعني استمرار التدخل العسكري الروسي في مالي، لكن التركيز قد يتحول أكثر نحو التدريب وتوفير المعدات، وبدرجة أقل نحو قتال الإسلاميين المتطرفين.
– قالت تقارير أمنيه إن اتفاقاً عسكرياً عقدته الجزائر مع القيادة العسكرية الأميركية لأفريقيا كان حاسماً في إنهاء وجود مجموعات فاغنر في مالي، وأن الجزائر بعثت برسائل قوية إلى روسيا، عندما وقعت اتفاقاً عسكرياً مع واشنطن، في 22 يناير 2025 خلال زيارة قائد القيادة العسكرية الأميركية في أفريقيا (أفريكوم) مايكل لانغلي الجزائر. أضافت التقارير أن هذا الاتفاق شكّل تحولاً استراتيجياً في ميزان العلاقات بالمنطقة ومن أسباب إنهاء مهمة الشراكة العسكرية الروسية الخاصة في مالي.
-كانت الجزائر قد أثارت رسمياً ملف وجود المجموعة عند حدودها مع مالي وليبيا، خلال اجتماع بين وزير خارجيتها أحمد عطاف ونظيره الروسي سيرغي لافروف، في 20 فبراير 2025 في جوهانسبورغ، على هامش الاجتماع الوزاري لـ “مجموعة العشرين”.
-تؤكد معلومات أن روسيا لم تغادر مالي بل كثّفت وجودها تحت مظلة رسمية. تضيف أن الفيلق الإفريقي الذي يضم حتى الآن ما بين 40 إلى 45 ألف عنصر موزعين على خمس دول، صار عنصرًا ثابتا في معادلة الساحل.
– تحدثت تقارير ميدانية وثّقت في الأشهر الأخيرة، وصول دبابات T-72B3، وآليات BMP-3، وأكثر من 50 آلية مدرعة إلى مالي، مع نشر نحو 2000 عنصر ضمن هذا التشكيل الجديد، الذي يتمركز في باماكو ومواقع حيوية بالوسط والجنوب.
– يرى خبراء في شؤون منطقة الساحل أن تجربة فاغنر في مالي أثبتت بعد 4 سنوات أنها عبء أكثر من كونها حلًا. فرغم ما وفرته فاغنر من دعم عسكري، فإن تصاعد العنف وتآكل الثقة في الدولة، فاقم الوضع، بل عزز من موقع الجماعات المسلحة التي بدأت تستفيد من دعم قوى دولية مناوئة لروسيا.
– ترى بعض التحليلات أن التقدم الجهادي وانهيار تماسك الجيش المالي والصراع بين الفرقاء، يضع مالي على حافة انقلاب عسكري. وترجح التقارير احتمال تحرك من داخل المؤسسة العسكرية، بدعم روسي جزائري، وصمت دولي، ومباركة ضمنية من أطراف أزوادية.
– تقول مصادر روسية مراقبة أن موسكو تريد من خلال الفيلق وقبله فاغنر استعادة نفوذ في أفريقيا كانت تملكه في عهد الاتحاد السوفياتي، وتسوق نفسها دولة بدون ماضي استعماري في أفريقيا، وأنها تودّ في مالي منافسة نفوذ فرنسا وامتلاك نفوذ في بلد يطل على أفريقيا التي تعتبرها موسكو منطقة موارد للمعادن الثمينة وسوقا للمنتجات الروسية.
– تقول مصادر جزائرية مراقبة أن العلاقات مع روسيا استراتيجية لكنها ليست على مايرام بسبب “فاغنر” و “البريكس” وقضايا أخرى، ولطالما عبّرت عن قلقها من تدخل موسكو في شؤون الساحل وليبيا وهي مناطق تقع على حدودها.
– تعتقد نفس المصادر أن روسيا بدأت ترى أن مصالحها مع الجزائر أهم من مجموعة فاغنر وبدأت تصغي إلى شكاوى الجزائر وتسعى من خلال ذلك إلى ترميم العلاقة معها.
– يؤكد خبراء أن مهام “الفيلق” الذي يمثل الدولة الروسية سيكون مختلفا عن المقاربة الأمنية حصرا لمجموعة فاغنر وأنه سيكون للفيلق مهام تلاقي هواجس بلدان المنطقة ويخفف من قلقها ما يجعل من التواجد الروسي مقبولا.
– قالت مصادر دبلوماسية إن مواقف صدرت عن دول جوار منطقة الساحل، منها تونس ومصر، أكدت الخشية من خصخصة الأمن وامكانية شيوع منطق الدويلات التي قد تتمدد في المنطقة ما جعلها معادية لتجربة فاغنر.
– يعتبر مصدر روسي مراقب أن هناك مبالغة في وصف الخلاف بين روسيا والجزائر ويعتبر أن العلاقة استراتيجية ومتينة لا سيما أن الجزائر هي الدولة العربية الوحيدة (إضافة إلى نظام بشار الأسد في سوريا) التي انحازت إلى روسيا في حرب أوكرانيا.

خلاصة:

إنهاء مهمة “فاغنر”: أعلنت مجموعة “فاغنر” الروسية رسميًا إنهاء دورها في مالي ومغادرتها البلاد في 8 يونيو 2025.
حلول “الفيلق الأفريقي”: سيتولى “الفيلق الأفريقي” التابع لوزارة الدفاع الروسية مهام “فاغنر” في مالي، مما يشير إلى تحول في مقاربة موسكو لسياساتها في أفريقيا.
فشل “فاغنر” الجزئي: يرى خبراء أن تجربة “فاغنر” في مالي أثبتت أنها “عبء أكثر من كونها حلًا”، مع تصاعد العنف وتآكل ثقة الدولة المالية، مما فاقم الوضع الأمني.
ضغط جزائري حاسم: لعبت الجزائر دورًا محوريًا في إنهاء وجود “فاغنر”، عبر توقيع اتفاق عسكري مع القيادة العسكرية الأمريكية لأفريقيا (أفريكوم)، والتعبير رسميًا عن قلقها من وجود المجموعة على حدودها.
مخاوف إقليمية: انضمت دول أخرى مثل تونس ومصر إلى الجزائر في التعبير عن قلقها من “خصخصة الأمن” على طريقة “فاغنر” وإمكانية انتشار “الدويلات” التي قد تتمدد في المنطقة.
ترميم العلاقات مع الجزائر: تسعى موسكو من خلال سحب “فاغنر” إلى إرضاء الجزائر وتلبية مطالبها، لكونها شريكًا استراتيجيًا مهمًا، خاصةً لدعمها لروسيا في حرب أوكرانيا.
استمرارية الوجود الروسي: انسحاب “فاغنر” لا يعني انسحاب روسيا، بل ستظل حاضرة عبر “الفيلق الأفريقي” مع تعزيز وجودها العسكري ومعداتها.
تغيير في المهام: ستكون مهام “الفيلق الأفريقي” مختلفة عن مقاربة “فاغنر” الأمنية البحتة، حيث سيتحول التركيز نحو التدريب وتوفير المعدات، وبدرجة أقل نحو قتال المتطرفين.
أهداف روسيا في أفريقيا: تسعى موسكو إلى استعادة نفوذها السابق في أفريقيا، وتقديم نفسها كشريك دون ماضٍ استعماري، والاستفادة من موارد القارة وأسواقها.
احتمال انقلاب عسكري في مالي: تتحدث بعض التحليلات عن ضعف الحكومة العسكرية الحالية في مالي واحتمال حدوث انقلاب عسكري جديد بدعم روسي جزائري.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.