عقيدة روسيا النووية تدخل حرب أوكرانيا: أي حسابات قبل رئاسة ترامب المقبلة!

ملخص تقدير موقف، مركز تقدم للسياسات

تقديم: يسعى الخبراء الدوليون إلى تفكيك شيفرة التصعيد السريع والمفاجئ الذي دخل على سياق الحرب في أوكرانيا. وفيما صار تداول الاحتمالات النووية لتلك الحرب من السرديات العادية، إلا أن تحرّك اللاعبين الكبار على رقعة الصراع الدولي، بدأ يتّخذ تموضعات جديدة تلقي ضبابية على مستقبل الحرب التي وعد الرئيس الأميركي المنتخب، دونالد ترامب، بوضع حدّ لها بعد تسلّمه منصبه في يناير 2025. فكيف يمكن فهم موقع هذا التصعيد داخل آمال ترامب وخططه لهذا الصراع؟

حريّ تأمل مسار هذا التصعيد من خلال رصد المعطيّات والتحوّلات التالية:

– في 17 نوفمبر 2024، كُشف في واشنطن أن إدارة الرئيس جو بايدن رفعت القيود التي كانت تمنع أوكرانيا من استخدام الأسلحة التي تزودها بها الولايات المتحدة لضرب عمق الأراضي الروسية. واعتبر هذا القرار تحوّلا خطيرا في سياسة واشنطن منذ بدء الصراع في 24 فبراير 2022.
– في 20 نوفمبر، نشرت صحيفة الواشنطن بوست، أن إدارة بايدن وافقت على إرسال ألغام مضادة للأفراد إلى أوكرانيا للمرة الأولى، على أن يتمّ استخدامها داخل الأراضي الأوكرانية لأغراض دفاعية وليس هجومية، وفق المصادر الأميركية.
– في 19 نوفمبر، أعلنت روسيا، أن أوكرانيا أطلقت صواريخ أمريكية بعيدة المدى على أراضيها في هجوم يعد الأول من نوعه منذ بدء الحرب قبل ألف يوم. وأكد مسؤول أوكراني أن أوكرانيا استهدفت روسيا بصواريخ “أتاكمز” الأمريكية.
– في 20 نوفمبر، ذكرت وسائل إعلام بريطانية أن أوكرانيا‏ استخدمت لأول مرة، صواريخ كروز‏ بعيدة المدى من طراز “ستورم شادو‏” بريطانية-فرنسية الصنع، ضد الأراضي الروسية. ويُعرف أن صواريخ “ستورم شادو”(ظل العاصفة) يصل مداها إلى أكثر من 250 كيلومترا.
– في 20 نوفمبر أيضا، وقع الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، مرسوماً يضفي طابعاً رسمياً على عقيدة روسيا النووية الجديدة التي توسع نطاق اللجوء إلى أسلحة نووية، ليشمل استخدامها الرد على هجوم جوي “كثيف” تشنه دولة لا تملك أسلحة نووية لكن تدعمها قوة نووية، في إشارة واضحة إلى أوكرانيا والولايات المتحدة.
– في 20 نوفمبر، قال رئيس جهاز الاستخبارات الخارجية الروسية، سيرغي ناريشكين، إن “التعديلات التي أعلن عنها بوتين تحدُّ بشكل كبير من تأثير جهود الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي لإلحاق “هزيمة استراتيجية” ببلدنا، وإن التوسيع المقرر لقائمة أسباب استخدام الأسلحة النووية، يستبعد في الواقع إمكانية تحقيق النصر على القوات المسلحة الروسية في ساحة المعركة”.
– في 22 نوفمبر، أعلن بوتين إطلاق روسيا صاروخا باليستيا فرط صوتي متوسط المدى من طراز “أوريشنيك” على منشأة عسكرية أوكرانية في مدينة دنيبرو. وأشار إلى أن الضربة جاءت ردا على استخدام أوكرانيا صواريخ أميركية من طراز “أتاكمز‏”، وأخرى بريطانية من طراز “ستورم شادو‏”.
– في 25 سبتمبر 2024، قال بوتين إنه “تم اقتراح اعتبار شن دولة غير نووية، ولكن بمشاركة أو دعم دولة نووية، عدوانا على روسيا، بمثابة هجوم مشترك على الاتحاد الروسي”. في إشارة إلى أوكرانيا.
– في 6 أغسطس 2024، توغلت قوات أوكرانية بشكل مفاجئ في منطقة كورسك غربي روسيا‏. وأعلن لاحقا أنها سيطرت على أكثر من ألف كيلومتر مربع ونحو 100 قرية، وذلك في أول دخول لقوات أجنبية إلى العمق الروسي منذ الحرب العالمية الثانية.
– في 19 نوفمبر 2024، كشفت مصادر غربية وأوكرانية أن روسيا حشدت 50 ألف جندي، بينهم حوالي 10 آلاف جندي من كوريا الشمالية، ضمن مساعيها المستمرة لاستعادة الأراضي التي استولت عليها القوات الأوكرانية في منطقة كورسك.
– في أكتوبر 2024، تمكنت روسيا من احتلال 500 كيلومتر مربع إضافية من الأراضي الأوكرانية – وهو التقدم الأكثر أهمية منذ مارس 2022. ووفقا للرئيس الأوكراني، فلوديمير زيلينسكي، فإن 27 في المئة من الأراضي الأوكرانية المعترف بها دوليا أصبحت الآن تحت الاحتلال الروسي. ويشمل ذلك شبه جزيرة القرم ومناطق في شرق البلاد احتلتها روسيا في عام 2014.
– يرى خبراء عسكريون أن اشتعال الميدان مرتبط بتحضير الميادين لطاولة مفاوضات كان الرئيس المنتخب ترامب قد وعد بها خلال حملته الانتخابية لوقف الحرب في أوكرانيا. ويضيف هؤلاء أن روسيا ستعمل على تحرير كورسك من الوجود الاوكراني وتحقيق إنجازات عسكرية إضافية شرق أوكرانيا.
– يضيف هؤلاء أن رفع قيود واشنطن عن إمكانات عسكرية لدخول المعركة الأوكرانية ضد روسيا، بما في ذلك ضرب الداخل الروسي، يهدف إلى منع هزيمة أوكرانيا وتعزيز موقعها على طاولة المفاوضات المحتملة.
– يعتبر مراقبون للعلاقات الروسية الأميركية أن بوتين يسعى لرفع سقف التصعيد لإحداث بلبلة داخل الحلف الغربي، لا سيما بين المخاوف الأوروبية من جهة وشعار “أميركا” أولا الذي يرفعه ترامب من جهة أخرى، وأن بوتين يمنح الرئيس المنتخب أوراقا إضافية لصالح ابتعاد الولايات المتحدة عن صراع بعيد يجري داخل أوروبا ويعتبره عتاة اليمين الأميركي شأنا لا علاقة لأميركا به.
– ترفض مصادر مراقبة لإدارة بايدن التحليلات التي تتهم الإدارة بتسعير مستويات الحرب في أوكرانيا بغية تعقيد مهمة ترامب لإيقاف الحرب هناك. تؤكد هذه المصادر، أن منع أوكرانيا من الهزيمة وتقوية موقفها الدفاعي من شأنه تقوية أوراق كييف ومساعدة ترامب على إقناع بوتين بإنهاء هذا الحرب.

خلاصة:

**تدفع وعود الرئيس الأميركي المنتخب، دونالد ترامب، بوقف الحرب في أوكرانيا، أطراف الصراع إلى تحسين مواقعها العسكرية استباقا لإمكانية تنظيم مفاوضات ترعاها واشنطن.
**تسعى موسكو للتخلص من الاختراق العسكري الذي حققته أوكرانيا داخل منطقة كورسك غربي روسيا وتحقيق تقدم في مناطق داخل أوكرانيا.
**تخطط إدارة بايدن لإحداث تغير في موازين القوى من خلال رفع القيود عن استخدام أوكرانيا لصواريخ أميركية وغربية بعيدة المدى لضرب الداخل الروسي.
**توقيع بوتين على تحديث للعقيدة النووية الروسية، والتهديد باستخدام اسلحة نووية لمنع هزيمة روسيا، هما تصعيد جديّ يأتي في سياق الاستعداد لتقديم أوراق صلبة على طاولة أي صفقة يقترحها ترامب.
**تتهم موسكو إدارة بايدن بوضع العراقيل أمام ترامب لإنجاز صفقة تنهي الحرب في أوكرانيا. بالمقابل تؤكد أوساط بايدن أن رفع مستوى الدعم لأوكرانيا، هدفه عدم هزيمة أوكرانيا وتسهيل مهمة ترامب لإقناع بوتين بالدخول في التسوية.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.