سوريا: العقوبات الدولية وآليات رفعها

تقدير موقف، مركز تقدم للسياسات

تقديم: مهما تدافعت الوعود الدولية، العربية خصوصا، بدعم التحوّل السوري، فإن ذلك سيبقى هامشيا، مقتصرا على المساعدات ذات الطابع الإنساني، طالما أن سوريا بقيت تحت سيف العقوبات الدولية المفروضة على سوريا. تشمل العقوبات شخصيات من النظام السابق والمنظومة الاقتصادية لسوريا التي كانت تموّل النظام ورجالاته. وعلى الرغم من أن لتلك العقوبات مفاعيل يدفع ثمنها أيضا الشعب السوري، إلا أن رفع هذه العقوبات يتطلّب تنفيذ شروط دولية ليست بعيدة عن شروط البيئة العربية.

– فُرضت العقوبات الأميركية على سوريا عندما صُنفت “دولة داعمة للإرهاب”. وأدت هذه العقوبات إلى فرض حظر على الصادرات والمبيعات الدفاعية، وبعض الضوابط على تصدير المنتجات ذات الاستخدام المزدوج المدني والعسكري على حد سواء، إضافة إلى قيود مالية مختلفة.
– في مايو 2004 طُبقت قيود إضافية على الواردات والصادرات مع تنفيذ القانون الأميركي “قانون محاسبة سوريا واستعادة السيادة اللبنانية”.
– فرضت عقوبات بشكّل متدرّج، وتصاعد وقعها بعد اندلاع الصراع الداخلي عام 2011. وعلى الرغم من اتصالات غربية متفرقة مع النظام السابق، بقي الموقف الغربي الرسمي يشترط عملية انتقال سياسي وفق القرار الأممي 2254 الصادر عام 2015، قبل رفع العقوبات وتطبيع العلاقة مع دمشق.
– تشمل العقوبات حظرا تجاريا يمنع تصدير سلع ذات الاستخدام المزدوج (أي التي يمكن أن تُستخدم في الأغراض العسكرية). وصادرات النفط، بما فيها، منع الشركات الدولية من شراء النفط السوري أو الاستثمار في قطاع الطاقة في سوريا.
– فرضت العقوبات تجميدا لأصول البنوك السورية، بما في ذلك حسابات وزارة المالية السورية، بنك سوريا المركزي، وأصول المسؤولين الحكوميين والشخصيات المرتبطة بالنظام. كما تم منع المؤسسات المالية الدولية من التعامل مع البنك المركزي السوري، ما أدى إلى عزل النظام المالي السوري عن النظام المصرفي العالمي.
– حظرت العقوبات سفر المسؤولين السوريين المتورطين في انتهاكات حقوقية، ما سبّب تداعيات سلبية على باقي المواطنين السوريين، منها اعتماد معايير مشددة لنيل تأشيرات دخول الكثير من الأراضي الغربية.
– في 18 أبريل 2024، أجاز مجلس النواب في الكونغرس الأميركي،، قانون “الكبتاغون 2” الذي يفرض عقوبات إضافية على النظام السوري على خلفية تصنيع وترويج وتهريب وتجارة المخدرات عبر العالم. أُقرّ هذا القانون ليأتي مكمّلا لقانون مكافحة الكبتاغون الأول نهاية عام 2022.
– في يونيو 2020، فرضت واشنطن قانون العقوبات المعروف باسم “قيصر”، وقررت بموجبه عقوبات مالية على مسؤولين سوريين ورجال أعمال وكل أجنبي يتعامل مع دمشق، ونص على تجميد مساعدات إعادة الإعمار. بموجب قانون “قيصر”، تم إدراج اسم بشار الأسد على رأس المعاقبين بصورة مباشرة لارتكابه جرائم حرب وانتهاكات لحقوق الإنسان. وإضافة إلى الأسد، شملت القائمة 39 من كبار المسؤولين والمؤسسات السورية، بما في ذلك أسرته وزوجته.
– في 7 يناير، خففت الولايات المتحدة بعض القيود المفروضة على الحكومة الانتقالية في سوريا للسماح بدخول المساعدات الإنسانية. وأصدرت وزارة الخزانة الأميركية ترخيصا عاما، يستمر ستة أشهر، يجيز بعض المعاملات مع الحكومة السورية، ومن بينها بعض مبيعات الطاقة.
– في 2 يناير، بدأ وزير الخارجية في الحكومة السورية الانتقالية، أسعد الشيباني، جولة عربية بدأها بالرياض قادته إلى الدوحة وأبوظبي وعمّان. وكرر خلال جولته المطالبة بحثّ العواصم المعنيّة على رفع العقوبات عن بلاده.
– في 12 يناير، شهد اجتماع دولي في العاصمة السعودية الرياض‏، توافقا عربيا ودوليا على دعم سوريا‏ ورفع العقوبات المفروضة عليها، مع التشديد على ضمان وحدة الأراضي السورية، دون أن تكون سوريا مصدرا لتهديد الاستقرار في المنطقة.
– أعلن وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان، في ختام الاجتماع، الترحيب بالخطوات التي اتخذتها الإدارة السورية الجديدة، مؤكدا الاستمرار في تقديم أوجه الدعم لسوريا، وأن وزراء الخارجية المشاركين في الاجتماع اتفقوا على دعم بناء مؤسسات الدولة السورية الجديدة، وعودة اللاجئين إلى ديارهم.
– أكدت وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي، كايا كالاس، خلال الاجتماع أيضا، أن تخفيف العقوبات يعتمد على تحركات دمشق في الاتجاه الصحيح، مع إعطاء الأولوية للعقوبات التي تعيق بناء الدولة والوصول إلى الخدمات المصرفية.
– من جانبها، دعت وزيرة الخارجية الألمانية، أنالينا بيربوك، إلى نهج “ذكي” للعقوبات يوازن بين المساعدات الإنسانية وضمان الشفافية في الحكومة السورية.
– على الرغم من كثافة الاتصالات الأميركية والأوروبية والعربية مع القيادة الجديدة في دمشق، تجمع كافة المطالب، بما فيها ما صدر عن لجنة الاتصال العربي بشأن سوريا في اجتماعها في العقبة في الأردن، في 14 يناير، على ضرورة قيام مرحلة انتقالية، وفق القرار 2254، تشمل كافة مكوّنات المجتمع السوري، والتأكد من عدم تحوّل سوريا إلى مصدر لأخطار على أمن العالم.
– قيام برامج للتعافي وإعادة الأعمار تتطلب دعما ماليا دوليا وانخراط شركات أجنبية في مشاريع النمو والتطوّر. ولا يمكن للأمر أن يتمّ من دون إزالة معوقات حركة الرساميل والبضائع والخدمات، وإزالة المعوقات القانونية التي تمنع التعامل مع سوريا.

خلاصة:

**تحتاج سوريا إلى جهد عربي ودولي لرفع العقوبات التي كانت فرضت على البلاد في مرحلة حكم الأسد، الأب والإبن، وتفاقمت بعد بدء الصراع الداخلي عام 2011.
**تكبل العقوبات الدولية سوريا وتمنع انسيابية تعاملها مع المؤسسات المالية والمصرفية الدولية. كما أن العقوبات تطال قطاع النفط والتجارة والسفر ما يؤثّر على أنشطة الأفراد والمؤسسات.
**تمنع العقوبات الدول والمؤسسات من التعامل مع سوريا، ما يعرقل انسياب برامج الدعم المالي لخطط التعافي وإعادة الأعمار.
**تطالب الإدارة الجديدة بالإبقاء على العقوبات التي تطال الأسد وعائلته ورجالات نظامه، ورفع تلك التي تصيب الشعب السوري وتكبّل قدراته. وتعوّل الإدارة على احتضان عربي وتركي من أجل إقناع الحلفاء الغربيين برفع هذه العقوبات.
**يطالب المجتمع الدولي، والعربي، الإدارة الجديدة في سوريا بإقامة هيئة انتقالية وفق القرار الأممي رقم 2254 تشمل كافة مكوّنات الشعب السوري، وقرن القول بالفعل في تجفيف منابع أو ظواهر الإرهاب المحتملة في سوريا.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.