سقوط المحرّم: نقاش نزع سلاح حزب الله في لبنان

تقدير موقف: مركز تقدم للسياسات

تقديم: تضيف المفاوضات الأميركية الإيرانية أبعادا ضاغطة على مسألة حصرية السلاح بيد الدولة في لبنان وما يعني ذلك من إزالة كل سلاح غير شرعي، بما في ذلك السلاح الفلسطيني. يدور النقاش بشأن تسليم حزب الله سلاحه على خلفية موقف رئيس الجمهورية والحكومة الجديدة، وبناء على ضغوط سياسية عربية ودولية سياسية واقتصادية لإغلاق هذا الملف، وسط تساؤل بشأن استمرار إيران باستخدام هذه الورقة على طاولات مفاوضاتها مع واشنطن.

في التفاصيل:

-في 14 أبريل 2025، قال الرئيس اللبناني جوزيف عون إن الحكومة اللبنانية اتخذت قرارا بأن تكون الأسلحة في أيدي الدولة فقط، لكن هناك مناقشات حول كيفية تنفيذ هذا القرار، مشيرا إلى أن هذه المناقشات تتم في صورة “حوار ثنائي” بين الرئاسة و “حزب الله”.
-أضاف أن الجيش اللبناني يقوم بواجبه في مصادرة الأسلحة وتفكيك المنشآت العسكرية غير المصرح بها في جنوب لبنان وفي مناطق أبعد في الشمال.
-في 14 أبريل، وصل الموفد السعودي، الأمير يزيد بن فرحان، إلى بيروت لإجراء محادثات مع المسؤولين اللبنانيين. وقالت مصادر صحفية لبنانية إن الموفد أبلغ رئيسي الجمهورية والحكومة رسالة تستبطن تشجيع الدولة اللبنانية على تطوير العلاقات ومستوى التنسيق مع سوريا، في موازاة حثهم على ضرورة اتّخاذ خطوات حاسمة لنزع السلاح غير الشرعي.
-لم تكشف مصادر رسمية عن مضمون المهمة السعودية، غير أن مصادر إعلامية سعودية كانت أوحت بمؤشرّات سعودية تعتبر أن قول الحكومة اللبنانية بأن نزع السلاح يتطلّب حواراً داخلياً هو مضيعة للوقت وهروب من الحلول. ودعت هذه المصادر إلى عدم إضاعة الوقت بإقناع طرف لم يستوعب المتغيّرات.
-في 8 أبريل 2025، قالت نائبة المبعوث الأميركي إلى الشرق الأوسط، مورغان أورتاغوس، أثناء زيارتها للبنان، إنه يجب نزع سلاح حزب الله بالكامل”. أضافت أن “حزب الله مثل “السرطان” و “على لبنان استئصاله إذا أراد التعافي”، مشيرة إلى أن “إيران جرّت المنطقة لمرحلة خطيرة من عدم الاستقرار”.
-ربطت الموفدة الأميركية بين نزع سلاح الحزب والإصلاح، ملمّحة إلى أن السلاح يمنع الإصلاح. وقالت: “نريد أن يشعر اللبنانيون بالأمان عند وضع أموالهم في المصارف”.
-أضافت: “أبلغت المسؤولين اللبنانيين عدم التعويل على اجتماع البنك الدولي دون إقرار الإصلاحات من المجلس النيابي”. ولفتت إلى أنه “على المسؤولين اللبنانيين أن يظهروا للبنك الدولي أنهم جادون ليس فقط بالكلام”.
-في 9 أبريل، نقلت وكالة “رويترز” عن مسؤول في الحزب، وصفته بـ “الكبير” قوله إنّ الحزب “مستعدّ” لمناقشة مسألة سلاحه في سياق استراتيجية دفاع وطني، لكنّه لفت إلى أنّ ذلك يتوقف على انسحاب إسرائيل من النقاط الخمس التي تحتلّها في جنوب لبنان، وبالتالي إنهاء عدوانها على اللبنانيين.
-قالت مصادر لبنانية مراقبة إنه بات هناك انطباع بأن الاعتداءات الإسرائيلية على لبنان لن تتوقف، إذا لم يتمّ نزع سلاح “حزب الله”، وأن هذا الأمر يحظى بموافقة الولايات المتحدة و “تفهّم” اللجنة الدولية المشرفة على تطبيق القرار الأممي رقم 1701، والتي يرأسها جنرال أميركي.
-يدعو مراقبون إلى رصد مواقف المنابر القريبة من الحزب لاستنتاج التمسّك بالسلاح وجعل التخلي عنه رهن شروط تحمل عناوين مختلفة مثل الاستراتيجية الدفاعية والأخطار الاستراتيجية. وتكشف هذه المنابر عن سعيّ الحزب لشراء الوقت وتأجيل هذا الاستحقاق والقبول بنقاشات طويلة الأمد.
-يؤكد “المحللون” الموالون للحزب رفض تسليم السلاح ويعتبره آخرون “سلاح الشيعة”، فيما بيانات الحزب الرسمية والناطقين باسمه لا يتحدثون عن رفض أو قبول تسليم السلاح ويستخدمون تعبير الوقوف خلف الدولة.
-تؤكد تقارير تسلّم الجيش اللبناني بشكل شبه كامل لكافة البنى العسكرية التحتية للحزب جنوب نهر الليطاني من دون ضجيج إعلامي. بالمقابل، وعلى الرغم من أن البروتوكولات الإضافية لقرار مجلس الأمن رقم 1701 الذي أبرمته الحكومة اللبنانية بموافقة الحزب قد نصّت على نزع سلاح الحزب “بدءا” من جنوب الليطاني، أي يشمل بعد ذلك شمال الليطاني، فإن الحزب ما زال يروّج لعدم شمول القرار سلاحه شمال الليطاني.
-يؤكد رئيس الحكومة اللبنانية، نواف سلام، على أن لا سلاح إلا سلاح الدولة اللبنانية وأن قرار السلم والحرب هو حصري بيد الدولة اللبنانية وفق البيان الوزاري لحكومته. ويؤكد رئيس الجمهورية على ما ورد في “خطاب القسم” من تأكيد على “تثبيت حق الدولة في احتكار السلاح” والالتزام بتطبيق القرارات الدولية، لا سيما القرارين 1701 و1559. لكن عون تعهد بفتح نقاش مع الحزب لحلّ مسألة السلاح “بروية”.
-تؤكد مصادر سياسية لبنانية أن العواصم العربية والدولية المعنية كما الجهات الكبرى المانحة أبلغت بيروت أن لا إفراج عن أي مساعدات أو استثمارات أو اتفاقات اقتصادية قبل نزع سلاح الحزب. بمعنى أن أمر السلاح لا يتعلق فقط بالطابع الأمني أو القانوني المتعلق بتنفيذ قرار أممي، بل بات شرطا إلزاميا للمرور نحو مرحلة الإصلاح والتنمية.
-يأتي نقاش تسليم الحزب لسلاحه في لبنان مع نقاش آخر يجري في العراق كشف عن استعداد جماعات مسلحة مدعومة من إيران للتخلي عن سلاحها لأول مرة لتجنب خطر تصعيد الصراع مع إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
-كانت تقارير سابقة قد كشفت أن قائد فيلق القدس الايراني اسماعيل قاآني أجرى، في 18 مارس، زيارة خاطفة غير معلنة إلى بغداد، وأنه عقد اجتماعاً مهماً مع قيادات في “الإطار التنسيقي” وبحضور قادة الفصائل والحشد الشعبي الى جانب حضور السفير الايراني في بغداد لتشجيع توافق الفصائل الولائية مع حكومة محمد شيّاع السوداني.
-لفت مراقبون أن ورقة تسليم سلاح الحزب في لبنان هي في يد إيران، وأنه لا يمكن أن يُقدم الحزب على هذا الأمر إلا بناء على توجهات طهران. ويتخوّف هؤلاء من أن الحزب وطهران يربطان الأمر بمآل المفاوضات الجارية حاليا مع الولايات المتحدة.

خلاصة:

**تتصاعد الضغوط العربية والدولية السياسية والاقتصادية على لبنان بضرورة العمل على نزع سلاح حزب الله وحصر السلاح بيد الدولة عملا بـ “خطاب القسم” للرئيس جوزيف عون والبيان الوزاري لحكومة نواف سلام.
**تؤكد هذه الضغوط عدم الإفراج عن المساعدات والاستثمارات وبرامج التمويل الخارجي من دون نزع سلاح الحزب الذي تعتبره هذه الضغوط مانعا للإصلاح.
**يؤكد عون ما ورد في خطابه والتزامه والحكومة بحصرية امتلاك السلاح، لكنه يقترح نقاشا مع الحزب لتنفيذ الأمر بروية.
**تعتبر بعض المراجع العربية أن على لبنان اتخاذ إجراءات حازمة لنزع سلاح الحزب وتعتبر الحوار الداخلي ونقاش استراتيجية الدفاع مضيعة للوقت والتفافا على القرارات الدولية.
**رغم نقل وكالة “رويترز” عن “مسؤول كبير” في الحزب الاستعداد لمناقشة مسألة السلاح، تفصح المنابر الموالية للحزب عن رفض الأمر واستبعاده واعتباره “سلاح الشيعة”.
**يعتبر مراقبون أن نقاش أمر السلاح يدور في لبنان والعراق على نحو متواز، ويتخوفون من أن الأمر رهن إرادة طهران ومرتبط بمفاوضاتها مع واشنطن.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.