رسالة ترامب لإيران عبر الامارات: أهداف واشنطن وموانع طهران

تقدير موقف، مركز تقدم للسياسات

تقديم: بعد استلام إيران رسالة الرئيس الأميركي بشأن المفاوضات بين البلدين، وبعد تبادل طهران وواشنطن المواقف المتشنّجة، يتساءل المراقبون بشأن أدوات إيران لمقاومة الضغوط الأميركية، كما مواقف دول كبرى شريكة بالاتفاق النووي من تهديدات واشنطن باللجوء إلى الخيار العسكري. بالمقابل بدأت تتكشف مطالب جديدة لواشنطن تتجاوز البرنامج النووي وتطال توازنات الشرق الأوسط.

في التفاصيل:
– في 12 مارس 2025، أعلن المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية أن المستشار الدبلوماسي لرئيس دولة الإمارات، أنور قرقاش، قد سلم المسؤولين الإيرانيين رسالة من الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، بشأن استئناف المفاوضات المباشرة بين طهران وواشنطن.
– في 8 مارس، قال ترامب إن “هناك طريقتان للتعامل مع إيران: إما عسكريا أو عبر إبرام صفقة. وأنا أفضل الصفقة لأنني لا أريد إيذاء إيران، فالإيرانيون شعب عظيم، ولكن قيادتهم شريرة ونظامهم قاسٍ. أريد التفاوض على اتفاق نووي جيّد مع إيران. لقد حان الوقت الآن، وسيحدث شيء ما بطريقة أو بأخرى.”
– أضاف: “لقد وجهت لهم رسالة، قلت فيها إنني آمل أن تتفاوضوا، لأنه إذا اضطررنا إلى التدخل عسكرياً، فسيكون ذلك مروعاً بالنسبة لكم. آمل أن تتفاوضوا، فذلك أفضل كثيراً بالنسبة لإيران. البديل هو أن نفعل شيئاً، لأنه لا يمكن السماح لإيران بالحصول على سلاح نووي”.
– في 12 مارس، قال المرشد الإيراني، علي خامنئي،‏ إنه لم تصله بعد رسالة ترامب‏، وأكد أن طهران غير مستعدة للتفاوض معه (تزامن تسليم الرسالة إلى وزير خارجية إيران مع تصريحات خامنئي). وأضاف خامنئي أنه “عندما يقول الرئيس الأميركي إنه مستعد للتفاوض معنا فهذا مجرد خداع للرأي العام، مشددا بأن طهران لن تُجبر على التفاوض بمطالبات مبالغ فيها وتهديدات. وقال إن “أميركا تُهدد بالعمل العسكري وهذا غير حكيم، لأن إيران تستطيع توجيه ضربة مقابلة وستفعل ذلك حتما.
– في 12 مارس، قال الرئيس الإيراني، مسعود بزشكيان، إن طهران لن تتفاوض مع واشنطن تحت التهديد وأنه “من غير المقبول بالنسبة لنا أن تصدر (الولايات المتحدة) الأوامر وتوجه التهديدات. لن أتفاوض معك (يا ترامب). افعل ما تريد”. ويختلف هذا الموقف عن تصريح له في 2 مارس، قال فيه إن “الحوار مع إدارة ترامب كان الخيار الأفضل، إلا أن المرشد الأعلى يرفض ذلك تماما”.
– في 12 مارس، عقد مجلس الأمن اجتماعا مغلقا حول البرنامج النووي الإيراني بناء على طلب كل من الولايات المتحدة، وبريطانيا، وفرنسا، واليونان، وبنما، وكوريا الجنوبية، لبحث تقرير أصدرته الوكالة الدولية للطاقة الذرية‏ وقالت فيه إنّ طهران زادت احتياطاتها بطريقة “مقلقة للغاية”. واعتبر الاجتماع “استنفارا” دبلوماسيا كجزء من الضغوط على طهران.
– نُقل عن سفير طهران لدى الأمم المتحدة، أمير سعيد إيرواني، قوله إن واشنطن تستغل مجلس الأمن لتكثيف “الحرب الاقتصادية” ضد إيران، واصفًا الاجتماع بأنه “تدخل غير مبرر” في تعاون طهران مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
– أثارت لندن، عبر نائب السفير البريطاني لدى الأمم المتحدة، مجدّدا إمكانية تفعيل الآلية المسماة “العودة إلى الوضع السابق”، والتي يصطلح على تسميتها بآلية “سناب باك” التي تسمح بإعادة فرض العقوبات الدولية على طهران.
– في 12 مارس، أعرب وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، عن قلقه من إصرار الولايات المتحدة على فرض شروط سياسية، من بينها وقف دعم إيران لبعض الجماعات في العراق ولبنان وسوريا، معتبراً أن هذه الشروط “مزعجة ومثيرة للقلق”. وأشار إلى أن واشنطن تطالب إيران بوقف دعمها لبعض الجماعات في الشرق الأوسط كـ”شرط مسبق لاتفاق نووي جديد”.
– حول أسباب قلقه، رأى لافروف أن جميع دول المنطقة “عززت نفوذها خارج أراضيها، ولديها مشاريع وبرامج اقتصادية وإنسانية في مناطق أخرى، بما في ذلك شمال إفريقيا، بل إنها تلعب دور الوساطة في بعض الأزمات مثل الأزمة في السودان”، مضيفاً أن “استثناء إيران وحدها من هذا الحق في توسيع نفوذها غير واقعي، في حين يُسمح للدول الأخرى بممارسة نفوذها في مختلف المناطق”.
– في 12 مارس، أُعلن في إيران عن انتهاء مناورات مشتركة بين روسيا والصين وإيران في ميناء تشابهار على المحيط الهندي. وقال القيادي السابق في الحرس الثوري الإيراني،‏ حسين كنعاني، أن هذه المناورات تأتي ردا على تهديدات ترامب بشن هجوم على إيران، لافتا إلى أنه على ترامب أن يعلم أن إيران ليست وحيدة والدول الحليفة مثل روسيا والصين حاضرة إلى جانبها، وأن شنّ هجوم عسكري على إيران يعني الهجوم على الصين وروسيا، على حد قوله.
– يعتبر خبراء أن المناورات المشتركة تبعث رسائل متفرقة إلى واشنطن، فالصين تؤكد حضورها في منطقة يمرّ منها “طريق الحرير”. فيما روسيا تؤكد إطلالتها على المياه الدافئة. وإيران تخاطب الأميركيين نافية أنها معزولة مستقوية بالصديقين الجبارين.
– في 14 مارس، سينعقد في بكين اجتماع دعت إليه الصين مع روسيا وإيران بشأن “القضية النووية” الإيرانية، على مستوى نواب وزراء الخارجية. لكن مراقبين رأوا أن الصين تسعى إلى العودة للعب دور في هذا الملف، فيما موسكو (بعد تواصلها مع واشنطن) والترويكا الأوروبية في مجموعة دول 5+1، تلعب أدورا نشطة.

خلاصة:
**وصول رسالة ترامب رسميا إلى إيران يعني أن أمر المفاوضات، بين إيران والولايات المتحدة، من عدمها بات رسميا، بعدما كان قبل ذلك عبارة عن مواقف إعلامية متبادلة، ما يضع الطرفين أمام خيارات مفتوحة.
**تهديد ترامب بالخيار العسكري وموقف طهران الرافض للتفاوض تحت الضغوط هما من مناورات ما قبل الوصول المحتمل إلى تفاهمات تسبق التفاوض، بالمقابل فإن استقواء إيران بمناورات مشتركة مع روسيا والصين لا يحسّن موقع إيران العسكري ردا على تهديدات ترامب.
**حديث بزشكيان عن رغبة في التفاوض مع واشنطن تخلى عنها بسبب رفض المرشد للأمر، يكشف عن جدل داخلي بشأن قبول التفاوض أو التمسك بموقف المرشد.
**يعتبر اجتماع مجلس الأمن بشأن الملف النووي مؤشر إلى تحريك ضغوط أممية على إيران، لا سيما لجهة التلويح بتفعيل آلية إعادة العقوبات الدولية العامة ضد إيران.
**وسط حديث عن وساطة روسية بشأن إيران تكون على مائدة الاجتماع المرتقب بين ترامب وبوتين، تتحرك الصين لإعادة تفعيل دورها بشأن الاتفاق النووي إلى جانب موسكو والترويكا الأوروبية.
**كان لافتا كشف وزير الخارجية الروسي أن واشطن تطالب بوقف دعم إيران لبعض الجماعات في العراق ولبنان وسوريا كـ”شرط مسبق لاتفاق نووي جديد”. ما يعني أن المفاوضات تتجاوز البرنامج النووي لتطال ملفات أخرى على علاقة برؤية ترامب للشرق الأوسط.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.