رسالة الى قيادة حماس ..
حذار.. التسوية المطروحة، جدولة للمذبحة وليس وقفها
محمد مشارقة
شهدت المنطقة تحركات دبلوماسية أمريكية وبريطانية مكثفة، استهدفت انهاء الحرب في قطاع غزة والتي تحولت الى كابوس دولي واقليمي يهدد الامن والاستقرار في الشرق الأوسط والبدء في اخراج صفقة الاسرى والرهائن من مأزقها الحالي بعد ان تبادلت حماس عبر وسطاء والحكومة الإسرائيلية شروط إطلاق الرهائن والأسرى. وتبرعت نيويورك تايمز الاحد 28 يناير بقلم كبير مراسليها في البيت الأبيض وقبلها صحيفة الفاينانيشال تايمز، لتسريب معالم الخديعة الجديدة، إذ تعلق إسرائيل بموجبها حربها في غزة لمدة شهرين تقريبا مقابل إطلاق سراح أكثر من 100 رهينة خلال أسبوعين ثم يتلوها تبادل بقية الرهائن، وبعد دمج كل المقترحات، يعقد لقاء لمسؤولي وكالات المخابرات الإسرائيلية والمصرية والأمريكية والقطرية التي تتمثل بوفد يراسه وزير الخارجية وذلك في باريس مما يعني ان المخابرات الفرنسية ستكون حاضرة أيضا .
الاخوة قادة حماس:
حتى لا نقع في الخديعة مرة ومرات، ما يجري هو شراء للوقت، وقد تحملتم قرار الحرب ونتائجها فلا تجعلوا من التضحيات الهائلة تذهب هدرا، لان ما يجري لا يعدو سوى فخ يصمت العالم ويتواطأ لتمريره، ويظنوا ان بالإمكان تنفيذه على امل او وهم ان يؤدي الوقف المؤقت لإطلاق النار لمدة شهرين الى تحويله الى وقف دائم للحرب وكذلك سقوط الحكومة اليمينية الفاشية في إسرائيل . وهي أوهام ساهم بعضنا الفلسطيني و”المبخراتية والمفسراتية” على الفضائيات في الترويج لها، بذريعة الكلفة الإنسانية والمجاعة في غزة.
– تشير المعلومات والتسريبات من واشنطن، ان ما يجري تداوله لا يعدو سوى تواطؤ إسرائيلي مدروس لتخليص الرهائن، ولكنهم يحضرون بعد إتمام الصفقة وبالحرف الواحد “لحفلة شواء كبرى في غزة ” (BB que Party) ، سيكون معها حجم الضحايا وخلال ساعات يفوق ما فعلته إسرائيل في المئة يوم الماضية .
– ليس عبثا ان تبادر المنظمات اليمينية الاستيطانية والفاشية الى عقد لقاء الاحد 28 يناير، سيشارك فيه الالاف ومن ضمنهم وزراء واعضاء كنيست فيما اسمي مؤتمر “الانتصار” في “مباني الأمة” في القدس لإعادة استيطان قطاع غزة. وهو امر لا يمكن فصله عن التصورات الحقيقية للحكومة المتطرفة برئاسة نتنياهو، ولا عن تدمير أي إمكانية للحياة في قطاع غزة والترحيل القسري.
– من يراهن على حل حكومة نتنياهو في شهري الهدنة، مصاب أيضا بالوهم ويحاول تبليع شعبنا الخديعة. يكفي لمجتهد ان يقوم بقراءة الخارطة السياسية في إسرائيل ليدرك، ان التحول اليميني المتطرف، الصهيو- ديني، ليس عابرا ، وفي تقدم دائم ويشكل نحو 40 بالمئة من الكنيست ، وهو تيار عابر للأحزاب ، ولا يمثل فقط أحزاب بن غفير وسموتريتش ، وسيظل على الدوام في تقدم مستمر ويستطيع تامين ال20 بالمئة اللازمة في أي برلمان إسرائيلي قادم لمنع أي تسوية واستكمال برنامج تصفية الشعب الفلسطيني وإقامة الدولة اليهودية من البحر الى النهر .
– المعلومة الأخرى التي يعلمها القاصي والداني في الإدارة الامريكية، وهي ان التيار الاستيطاني الفاشي في إسرائيل يعيش على دعم مالي هائل من الولايات المتحدة وحدها ويصل الى 10- 12 مليار دولار سنويا، يخصص لتمويل الأحزاب والمنظمات المتطرفة وشراء الأراضي والممتلكات وقطاع الخدمات ليس في المستوطنات وحسب بل وفي القدس وانتقل الى تل ابيب في ظل حكومة نتنياهو – سموتريتش – بن غفير.
– هذا التيار القوي والحاكم والذي زحف على مفاصل الدولة والامن والجيش، لا يهمه لا الراي العام الدولي ولا قرارات مجلس الامن ولا قرارات محكمة العدل الدولية ولا التطبيع مع العالم العربي، وهو يعمل على فرض الحقائق على الأرض التي تمنع أي تسوية وتحقق الأهداف اليمينية المتطرفة بعيدة المدى وبالقوة.
ما العمل؟
• أدرك تماما ان حماس وكل الحركة الفلسطينية الناشطة في البحث عن حلول لوقف النار وإنقاذ شعبنا من المذبحة، لا يمكنها إدارة الظهر للحركة الدبلوماسية الجارية التي يقودها اليوم وليم بيرنز مدير وكالة المخابرات الامريكية وعواصم في الإقليم، لكن اليقظة مطلوبة، حتى لا تمر الخديعة الجديدة، فاطلاق سراح الرهائن دون ضمانات حقيقية وتخفيف العبء عن حكومة نتنياهو تحرر الة القتل من كل القيود، يعني الموافقة على المقتلة القادمة والتصفية الكبرى لكل عناصر القوة التي بيدنا.
• من الضمانات، ان تكون الصفقة شاملة وصادرة من مجلس الامن، وان يترافق ذلك مع طلب واضح في الشهر الأول للهدنة انسحاب كامل للقوات الإسرائيلية من قطاع غزة، وتواجد عسكري واداري دولي وإقليمي يحمي وجود إدارة وقوة فلسطينية تعمل على تضميد الجراح وإعادة الاعمار.
• يجب ان تكون هناك ضمانات بوقف إطلاق النار ووقف الحرب، والانسحاب الكامل وفك الحصار والسماح الفوري لدخول المساعدات الإنسانية كحزمة واحدة، وغير ذلك يعني ابتلاع الطعم بخديعة جديدة لن تنهي مذبحة الشعب الفلسطيني، بل ستجعل التضحيات الكبيرة والباهظة بلا ثمن سياسي على إسرائيل وحلفائها.
• وأصعب من ذلك، المطالبة في إطار الشروط، ان تقبل الولايات المتحدة اثناء فترة التبادل للأسرى والرهائن، ان يكون يحل وفد دبلوماسي امريكي ودولي وبمستوى رفيع، مكان الرهائن المفرج عنهم في المرحلة الأولى والى حين استكمال كل عملية التبادل، والتأكد مع القوات الدولية، من ان الخديعة لا تنطلي على أحد.
• ان تتضمن الصفقة، تجفيف منابع التطرف الذي تتشدق به واشنطن وهي من اكبر داعميه، بوقف دعم وتمويل حركة الاستيطان في المناطق الفلسطينية المحتلة بتبرعات قانونية من الولايات المتحدة، افرادا وشركات.
• أخيرا: اذكر بدرس من تاريخ اليهود، ومن “غيتو” وارسو، بعد ان أعدم النازيون وخلال ساعات عشرة الاف يهودي، من اجل دفع الناس للاستسلام، رد قادة المجتمع اليهودي المحاصر، بان اعدموا عشرات من المتعاونين اليهود مع الاحتلال النازي وعلقوهم على أعمدة النور وفي الساحات.