رسالة إسرائيل الى بلينكن: الحسم العسكري اولا

تقدير موقف، مركز تقدم للسياسات
– التسريبات الإسرائيلية التي عقبت اللقاء تشير الى أن العمل الحربي هو ما يصمم الواقع في المنطقة، وأن لا احتمالية لإحداث اختراق سياسي، لا في غزة ولا في لبنان ولا مقابل إيران. بل ان معظم هذه الملفات لا تزال مفتوحة وبعيدة عن الحسم وعلى اسرائيل مواصلة الخيار الحربي حتى تحقيقها.
– ان الملف الايراني يتم التداول فيه اسرائيليا مباشرة مع بايدن ومع وزارة الدفاع ومع الاركان الامريكية وقيادة المنطقة الوسطى، خاصة وأن نتنياهو نجح مؤخرا في منع زيارة وزير الحرب غالنت الى واشنطن وفي إبقاء الحوار الاستراتيجي مع ادارة بايدن بين يديه وبمساعدة وزيره المقرب رون ديرمر.
– كشفت المصادر الإسرائيلية، أن تصريحات إيران ورسائلها بأنها غير معنية بالانجرار الى حرب اقليمية والى انها معنية بتجديد الحوار النووي مع الولايات المتحدة وبوساطة قَطرية وأخرى عُمانية، لهذا فهي ترجح احتمالية سعى بلينكن في لقاءات تل أبيب للتوصل الى توافق مع اسرائيل بموجبه تحدّ من قوة ضربتها المتوقعة في إيران بهدف انهاء هذا الفصل من الضربات المتبادلة والعودة الى اتفاق نووي مع إيران.
– كشفت المصادر أيضا أ، الوزير الأمريكي طرح ضرورة، السماح بدخول المساعدات “الانسانية” لغزة مقابل تعهد بزيادة الدعم بالعتاد والأسلحة لإسرائيل، كما انه كرر التلويح بجزرة “التطبيع مع السعودية” ، وهو ما رفضته السعودية ما لم يكن مشروطا بقيام الدولة فلسطينية، ، وقد شكك قادة اليمين الاسرائيلي بجدية الولايات المتحدة ويتهمها بالتلويح بهذا الملف بهدف الضغط على حكومة اسرائيل.
غادر بلينكن تل أبيب الى الرياض، في لقاء ربما يكون الأخير في عهد الإدارة الحالية مع المسؤولين السعوديين، وعلى الفور اشتغلت ماكينة الاعلام اليميني الأكثر رواجا في إسرائيل، تؤكد فشل الزيارة في تحقيق أهدافها المحددة، وان نتنياهو وحكومته يعولون على رحيل هذه الإدارة لصالح ترامب والجمهوريين، وأشارت ابواق اليمين الى عدد من القضايا:
– ان إدارة بايدن ليس لها ما تطرحه ولا تملك استراتيجية، بل انها “تسعى للركوب على موجة الانجازات العسكرية الإسرائيلية”، في لبنان وفي غزة واقليميا، والى انه لو استجابت حكومة نتنياهو لضغوطات ادارة بايدن في العام الاخير لكانت اسرائيل قد خسرت الحرب في كل الجبهات. وتؤكد القناة 14 كما صحيفة يسرائيل هيوم بأن القول الفصل في تصميم المنطقة هو للفعل العسكري الاسرائيلي وليس لأفكار ونصائح ادارة بايدن، معتبرين زيارة بلينكن عديمة الأثر.
– لكن اللافت ان تيارات اليمين فتحت النار بعد مغادرة بلينكن على قيادة الجيش ووزير الحرب غالنت وضد قائد الاركان هليفي، وتعتبرهما “اصدقاء الامريكان” وتطالبهما بالتنحي. كما وتؤكد ان “الانتصارات” تمت مؤخرا بفضل تخلص نتنياهو من كابنيت الحرب مع غانتس وايزنكوت، وبفضل عدم اذعان نتنياهو لضغوطات الجيش ولوزير الامن بشأن الصفقة وعدم الانصياع للأمريكيين بصدد قوة وحجم الضربة الاسرائيلية في لبنان.
– لم يغادر بلينكن تل أبيب قبل ان يوجه رسالة فسرت بانها موجهة الى الولايات المتأرجحة انتخابيا في بلاده وللتيار التقدمي في حزبه، حين أكد في لقائه مع الصحفيين الامريكيين بأن نتنياهو التزم امامه بأن “اسرائيل لا تنوي ترسيخ تواجد ثابت ودائم في غزة؛ مضيفا “يجب ان تكون خطة واضحة وعملية مواصلة الامور”، أشار أيضا الى أن ادارة بايدن تسعى الى بلورة “مخطط لليوم التالي للحرب” قائم على مبدأ استبعاد حماس عن اي حكم وسلطة في غزة، وبأن اسرائيل لن تواصل حكمها في غزة وترسخه بشكل ثابت. كما أكد على رفض واشنطن لخطة الجنرالات المعروفة بخطة غيورا ايلاند. ومنح نتنياهو مهلة 30 يوما لإدخال المساعدات الملائمة الى قطاع غزة.
– وفي عبارة ليس لها مكان من الصرف عند حكومة اليمين المتطرف في إسرائيل واشبه بالنصيحة، ختم بلينكن بالقول، “بانه حان الوقت كي تحوّل اسرائيل النجاحات العسكرية في غزة ولبنان وخاصة اغتيال السنوار ونصر الله الى انجازات تجد تعبيرا عنها في مخارج سياسية.
خلاصة:
• توجد قناعة اسرائيلية بأن القول الفصل في المرحلة القادمة هو للعمل الحربي باعتبار أن اسرائيل تتجه نحو تحقيق الانتصار على كل الجبهات. وبأن الولايات المتحدة لا تملك استراتيجية فعالة بل تبني مخططاتها على اساس الانجازات العسكرية الاسرائيلية وفقا لحكومة نتنياهو.
• الفكرة بأن ادارة بايدن تسعى الى تأجيل الضربة الاسرائيلية الى ما بعد الانتخابات تفقد من فاعليتها وباتت غير دقيقة، اذ وفقا لمعظم التقديرات فإن الناخب الامريكي قد حسم موقفه لغاية يوم الانتخابات ولن يتأثر بالوضع في المنطقة، وحتى ان اسقاطات هجوم على ايراني لن تؤثر على الاقتصاد الامريكي (ارتفاع اسعار النفط) وبالإمكان تجاوز أثرها فيما لو حدثت وترحيله الى ما بعد الانتخابات.
• هناك تراجع واضح في منسوب التوقعات الاسرائيلية الشعبية والرسمية من ادارة بايدن. كما وتوجد خيبة أمل لدى عائلات الاسرى والمحتجزين الاسرائيليين من مستوى التأثير الامريكي على حكومة نتنياهو، مما قد يدفع الى اضعاف أثر حراك العائلات والمطالبة بالصفقة.
• هناك قناعة في اسرائيل بأن ملف “التطبيع مع السعودية” غير قائم فعليا بينما يتم التلويح فيه لاحتياجات بايدن وادارته وحسب.
• تزامنت زيارة بلينكن مع اعمال ابادة ومجازر وتطهير عرقي كامل تقوم به اسرائيل في شمال قطاع غزة، تفوق في وحشيتها خطة الجنرالات، الا انه لم يتطرق الى مجازر الإبادة هذه، ومنح نتنياهو مهلة شهر كامل لمواصلتها.
• كل “التزامات” نتنياهو التي تبجح بها بلينكن معتبرا انها انجازات، هي التزامات مضللة، ولا تعني سوى مواصلة حرب الابادة على ارض الواقع، اذ ان الموقف الرسمي يقول بأن اسرائيل ستبقى في غزة لفترة غير محدودة.
• بتقديرنا ان الواقع العسكري الحربي هو القول الفصل، ولا يزال بعيدا عن الحسم سواء في غزة ام في لبنان ام اقليميا، والى حينه فإن مشروع ترسيخ احتلال غزة وتقسيمها وتهجير اهلها وإعادة لاستيطان، كلها اقوى من اية سياسة امريكية.
• هناك تناقض صارخ بين نوايا بايدن المعني باتفاق نووي مع إيران وبين نوايا نتنياهو الذي عمل على الغاء الاتفاق النووي الذي ابرمه اوباما وانسحب منه ترامب، بل ان اسرائيل أقرب الى الخيار العسكري من اي وقت سابق، مما يؤكد احتمالية حرب اقليمية ذات ابعاد دولية.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.