جدل وقف المساعدات الاوروبية للفلسطينيين
هل هو مقدمة لصناعة البدائل فلسطينيا
تقدير موقف : امير مخول ، مركز تقدم للسياسات
تقديم :
اعلان المستشار الألماني اولاف شولتس بوقف المساعدات التنموية للفلسطينيين “حتى إشعار اخر”، هو جزء من قرار الاتحاد الاوروبي بهذا الصدد والذي تم الاعلان عنه في العاشر من تشرين الجاري ثم تراجع عنه في اليوم التالي. تابع شولتز: “سيتم تحديد الامر على أساس فحص ما إذا كانت هذه المشاريع تخدم السلام الإقليمي وأمن إسرائيل بأفضل طريقة ممكنة.. وإلى أن يتم الانتهاء من هذه المراجعة، لن نوفر لهم أي موارد جديدة للتعاون في شؤون التنمية”.
يذكر ان المساعدات الالمانية تتم من خلال منظمات التنمية الالمانية مباشرة وليس من خلال السلطة الفلسطينية. حتى اللحظة من غير المفهوم لماذا تعاقب السلطة الفلسطينية رغم انه “لا ناقة لها ولا جَمل” في عملية طوفان الاقصى وفي مجرياتها.
قراءة :
• يبدو ان معالم مخطط الغرب بقيادة الولايات المتحدة بدأت ترتسم. فإذا كان حضور القوات الامريكية وحاملة الطائرات الاحدث واسطولها، يتجاوز الالتزام التقليدي تجاه اسرائيل، بل يمكن ان يوصف بانه استشعار لضعفها الذي اكتشف العالم بأن جيشها قادر على زرع الدمار الشامل، لكن ليس تحقيق الانتصار الحاسم. كما جاء الغرب وفي جعبته استسلام للموقف الاسرائيلي القائل بان لا حلول سياسية في الأفق، او كما يردد الاعلام الغربي ان الوقت الحالي ليس للحديث عن حلول مؤكدا تصريحات الناطق باسم البنتاغون جون كوربي، بل الى شيطنة كل ما هو فلسطيني ودونما اية اعتبارات اخرى، مستخدمين خطاب يربط حركة حماس الفلسطينيين بالداعشية والنازية.
• جاء الموقف الغربي موحدا بخلاف الموقف الاسرائيلي المتعثر والذي قد يتغير وضعه مؤقتا بعد تشكيل حكومة الحرب مع حزب المعسكر الرسمي بقيادة غانتس وشخوصه العسكرية. ويتضح من فتح المجال بارتكاب كل الانتهاكات للقانون الدولي وارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الانسانية وحتى اعمال ابادة وتطهير عرقي وفرض نزوح سكاني قد يطال غالبية سكان قطاع غزة. فالموقف الصريح لحكومة نتنياهو تحدث عن الانتقام وعن اعتماد الدمار الشامل وليس البنية التحتية العسكرية لحماس كما ظل يدعي.
• من الواضح ان الهدف الإسرائيلي يتجه نحو خلق قضية نازحين جديدة لمن تم طردهم وتهجيرهم في العام 1948، وقد يتعدى فيها عدد النازحين من بيوتهم المليون في الايام القريبة إذا استمرت الوتيرة الحالية، وقد يطال معظم سكان غزة كي يكون وضع لا بيت يعودون اليه ولا مكان يأوون فيه من الصواريخ الحارقة.
• بخلاف الموقفين الصيني والروسي لم تتحدث الادارة الامريكية والمانيا او الاتحاد الاوروبي عن حل سياسي، او عن ضرورة عودة المسار السياسي مع الفلسطينيين، كما أن سؤال اليوم التالي غير مطروح في الوقت الراهن بعد العملية العسكرية التي كشفت أهدافها علانية وهي تدمير الحاضنة المدنية بشرا وبنية تحتية، ليس فقط في غزة وانما خطاب التهديد مفتوح للكل الفلسطيني. وانتقال من البعد التكتيكي للعملية العسكرية الى ابعاد استراتيجية، وصفها رئيس الحكومة نتنياهو بانها ستغير وجه الشرق الاوسط
• وقف المساعدات المالية للفلسطينيين، والمقصود هنا السلطة الفلسطينية والمؤسسات المدنية وليس حركة حماس، مؤشر على ان الاتحاد الاوروبي ومؤسساته السياسية، ومعهم ادارة بايدن ، قد قرروا السعي الى “اعادة هندسة” القيادة الفلسطينية وهذا ما تسعى له اسرائيل منذ سنوات، فوفقا لهم “لن يقبلوا ببقاء حماس حاكمة في غزة” كما أنهم يئسلوا من استمرار دعم السلطة الفلسطينية وقيادتها الحالية ، والتي توصف في الدوائر الغربية ب”الضعف عن مواجهة المتطرفين”. ورغم ادراكهم لصعوبة تمرير خيار “الطرف الثالث ” المتساوق مع المشروع الإسرائيلي والدولي، الا ان ذلك لن يمنع العديد من الدوائر الغربية الى اختبار هذا الخيار مع عدد من الأطراف العربية والشخصيات الفلسطينية.