تحوّل يقلق الغرب: صواريخ باليستية إيرانية إلى روسيا
تقدير موقف، مركز تقدم للسياسات
تقديم:
تصاعدت حدّة ردود الفعل على معطيات غربية “موثوقة” تؤكد تسليم إيران صواريخ باليستية قصيرة المدى توصف بالدقيقة من شأنها إحداث “تطوّر دراماتيكي” في حرب أوكرانيا. وفيما تصرّ طهران على النفيّ، تتسرّب تصريحات من داخل إيران تقرّ بالأمر وتبرره. ولم يصدر عن واشنطن وحلفائها شكل الرد و “العواقب الوخيمة” التي يتحدثون عنها. ويتسرّب من طهران مزيد من التبرّم من موسكو والدعوة إلى عدم التورّط في حرب أوكرانيا.
نرصد هذا الجدل من خلال المعطيات والخلفيات التالية:
– في 10 سبتمبر 2024، أعرب وزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي، عن قلقه من “النمط المقلق من الدعم الإيراني المتنامي للكرملين”، بينما أعلن وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن أن روسيا تلقت صواريخ إيرانية لاستخدامها في أوكرانيا «خلال أسابيع»، وهذا تطوُّر يهدد الأمن الأوروبي.
– في 6 سبتمبر، نشرت صحيفة “وول ستريت جورنال” وشبكة “سي أن أن” الأميركيتين معلومات مفادها أن الولايات المتحدة أبلغت حلفاءها في أوروبا أن إيران سلّمت روسيا صواريخ باليستية لاستخدامها في الحرب في أوكرانيا.
– في 7 سبتمبر، حذر المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأمريكي، شون سافيت، من أن شحنات الصواريخ “ستمثل تصعيدا دراماتيكيا في دعم إيران” لروسيا، وتعهد بأن الولايات المتحدة وحلفاءها “مستعدون للرد بعواقب وخيمة”.
– في 9 سبتمبر قال متحدث باسم حلف شمال الأطلسي (الناتو) إن الحلف على علم بالتقارير الإعلامية لكنه لن يعلق على ما إذا كانت دقيقة. في اليوم نفسه، قال المتحدث باسم الاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية بيتر ستانو: “نحن على علم بالمعلومات الموثوقة التي قدمها حلفاء عن نقل إيران صواريخ باليستية إلى روسيا”. وأضاف أنه إذا تأكد نقل الأسلحة “فإن هذا سيكون تصعيداً ملموساً كبيراً في دعم إيران للحرب العدوانية غير القانونية التي تشنها روسيا على أوكرانيا”.
– في اكتوبر 2023 انتهت عقوبات الأمم المتحدة ضد إيران على واردات وصادرات الطائرات بدون طيار والصواريخ التي يبلغ مداها 300 كيلومتر أو أكثر. ومع ذلك، تجنبت طهران بشكل علني الحديث عن تصدير الصواريخ إلى روسيا وسط تحذيرات جدية غربية.
– في 8 سبتمبر قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، ناصر كنعاني إن إيران “تعارض الحرب (..) وتدعم حلا سياسيا ” للحرب. وأكد على أن إيران “لم تشارك في هذا الصراع”، مضيفا أن التعاون العسكري مع روسيا “يسبق الحرب” و ” يقوم على المعايير الدولية والقانونية”.
– كانت تقارير سابقة قد اتهمت إيران بتزويد روسيا بالمسيّرات التي ظهرت في المعارك في أوكرانيا. وقد أقرت طهران بتسليم موسكو المسيّرات قبل نشوب حرب أوكرانيا ونفت علمها باستخدام روسيا للمسيّرات في حربها ضد أوكرانيا.
– في 9 سبتمبر نفت إيران على لسان العميد فضل الله نوذري، نائب قائد مقر خاتم الأنبياء المركزي، مؤكدا أنه “لم يتم إرسال أي صواريخ إلى روسيا وهذا الادعاء هو نوع من الحرب النفسية (…) وأن إيران ليست مؤيدة لأي من طرفي الصراع بين روسيا وأوكرانيا”.
– في نفس اليوم، قالت وزارة الخارجية الأوكرانية إنها استدعت القائم بالأعمال الإيراني، شهريار آموزجار، ووجهت إليه “تحذيراً شديداً من عواقب مدمرة لا يمكن إصلاحها” ستلحق بالعلاقات الثنائية إذا ما ثبتت صحة خذه التقارير”.
– في 10 أغسطس 2024 كانت وكالة “رويترز” قد نشرت تقريرا قالت فيه إنه يتم تدريب أفراد عسكريين روس في إيران على كيفية تشغيل نظام الصواريخ الباليستية التكتيكية فتح 360.
– في 7 سبتمبر، أثار أحمد بخشيش أردستاني، عضو لجنة الأمن القومي في البرلمان الإيراني، جدلا بشأن هذا الموضوع. فقد أقرّ بوجود دعم عسكري تقدمه إيران لروسيا أثناء حرب أوكرانيا، معللا ذلك بأنه “علينا المقايضة لاحتياجاتنا، بما في ذلك استيراد فول الصويا والقمح. وأن جزء من المقايضة ينطوي على إرسال صواريخ، وجزء آخر ينطوي على إرسال طائرات عسكرية بدون طيار”.
– في 7 سبتمبر، ظهر مدير جهاز الاستخبارات البريطانية MI6، ريتشارد مور، ومدير وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية CIA، وليام بيرنز، بشكل علني معا لأول مرة، خلال فعالية أُقيمت في لندن. وقد حذرا، من بين أمور أخرى، بالطابع الدراماتيكي لحرب أوكرانيا في ظل تقارير تزويد إيران لروسيا بصواريخ باليستية.
– في 10 سبتمبر، ورغم النفي الإيراني قال موقع المشرق نيوز، وهو موقع مرتبط بالحرس الثوري الإيراني، أن الناتو “يخشى استخدام روسيا للصواريخ الباليستية الإيرانية قصيرة المدى لأنها دقيقة وتسمح لروسيا باستخدام أسلحتها بعيدة المدى لتنفيذ هجمات” يومية “و” مميتة ” على أهداف أوكرانية”.
– خلال الأشهر والأسابيع الأخيرة رصد المراقبون ريبة مكتومة في العلاقة بين إيران وروسيا. وظهر ذلك في:
-تعذّر إبرام اتفاق “شراكة استراتيجية” بين البلدين.
-غضب عبّرت عنه طهران من دعم موسكو لخيارات في جنوب القوقاز لا تناسب المصالح الإيرانية.
-عدم تسليم روسيا لإيران مقاتلات من طراز سوخوي 35.
-اتهامات إيرانية مبطنة لروسيا بغضّ الطرف عن ضرب إسرائيل لمصالحها في سوريا.
خلاصة:
**يعبّر الغرب عن قلق من إمكانية حصول روسيا على صواريخ باليستية قصيرة المدى دقيقة ممكن أن تنقل الحرب في أوكرانيا إلى “مستوى أكثر دراماتيكية”.
**تصرّ إيران على نفيّ هذا الأمر والتأكيد على حيادها في حرب أوكرانيا، بما يعتبر اتّساقا مع دعوة المرشد علي خامنئي للتفاوض مع الغرب واتفاقاً مع برنامج الرئيس الإيراني مسعود بزكشيان في الانفتاح على الغرب.
**من الممكن أن تحسّن التقارير الغربية بشأن صواريخ إيران الباليستية الدقيقة سمعة الصناعة العسكرية الإيرانية لجهة الترويج لتسويقها بعد رفع العقوبات عن تصديرها.
**يكشف الحدث عن نقاش داخلي في إيران بشأن العلاقة مع روسيا وعن نقاط خلاف حقيقي بين طهران وموسكو.