متابعة وحدة الشؤون الإفريقية- مركز تقدم للسياسات.
في الفترة من 12 إلى 23 مايو، تستضيف المغرب النسخة الحادية والعشرين من مناورات الأسد الأفريقي العسكرية، التي تنظمها بالتعاون مع القيادة الأمريكية في إفريقيا (أفريكوم). ومن المتوقع أن يشارك فيها نحو 10,000 جندي من حوالي 40 دولة في ستة مواقع مغربية.
• تشارك المغرب في أكبر مناورة مشتركة متعددة الجنسيات تقودها أفريكوم، بمشاركة حلفائها, تستخدم فيها تقنيات حربية متطورة وطائرات الهليكوبتر من طراز أباتشي التي حصلت المغرب عليها حديثا من الولايات المتحدة، وهي جزء من صفقة تتكون من 24 وحدة، ستة منها تعمل بالفعل, تم تدريب أربعة وعشرين عسكريا مغربيا لها في إطار برنامج تشرف عليه وكالة التعاون الأمني الدفاعي وفقا لمعايير تعادل الجيش الأمريكي.
• تمثل طائرة أباتشي، المجهزة بقدرات متقدمة في مجال الاستطلاع والاستهداف والدعم الناري وتنسيق عمليات الطائرات بدون طيار، قفزة تكنولوجية للقوات الجوية المغربية. كما تمثل تعزيزا أمريكيا لقدرات المغرب العسكرية بحكم وضعيتها كشريك رئيسي من خارج حلف شمال الأطلسي.
• ستشارك إسرائيل في المناورة المشتركة هذا العام وفق عدة مصادر إعلامية. سابقا, شاركت بدون إعلان رسمي في نسختي 2023 و2024، متأثرة بسياق الحرب في غزة.
• تراجعت الجزائر عن المشاركة بالرغم من تواجدها ضمن المراقبين مع دول بلجيكا والهند وقطر وجمهورية الكونغو الديمقراطية والكونغو برازافيل وغينيا الاستوائية الذين أعلنتهم أفريكوم.
• في فبراير، ألمح الرئيس عبد المجيد تبون، في مقابلة مع وسائل إعلام فرنسية، إلى تحول محتمل في موقف الجزائر تجاه إسرائيل، وإن لم يكن تطبيعا صريحا. كان منتظرا كما تشير المصادر الامريكية أن تعني المشاركة الجزائرية – حتى الرمزية – في المناورة المشتركة شكل من أشكال التطبيع السري.
• في يناير 2025، قام الجنرال مايكل لانغلي بزيارته الرسمية الثالثة إلى الجزائر العاصمة، حيث وقع مذكرة تفاهم عسكرية في إطار الانفتاح من الجزائر.
خلاصات:
** توصف مناورات هذا العام بأنها واحدة من أكبر المناورات العسكرية وأكثرها تعقيدا نظرا لمشاركة اسلحة وتقنيات أمريكية متقدمة وبسبب تعقيدات الأوضاع السياسية والعسكرية في القارة، كما تشهد منطقة الساحل عدم استقرار سياسي وأمني بسبب الانقلابات العسكرية والتهديدات الجهادية، إلى جانب تراجع الدور التاريخي للدول الغربية في القارة الأفريقية لصالح روسيا والصين، وازدياد التمركز الروسي في شرق ليبيا التي تشهد تصعيدا سياسيا.
** مشاركة إسرائيل في المناورات العسكرية بعد تطبيعها الرسمي مع المغرب ستزيد من حساسية الجزائر وهواجس أمنها القومي ووجود مؤامرة ضد مصالحها، مما يفسر انسحابها المفاجئ بالرغم من تحسن علاقاتها العسكرية مع أمريكا في الوقت الذي تشهد علاقتها مع حليفتها التاريخية روسيا توترا بسبب الخلافات في منطقة الساحل، وخاصة في مالي.
** تهدف القيادة الأمريكية في إفريقيا (أفريكوم) من خلال هذه المناورات إلى تعميق وجودها في الساحل الافريقي وخلق شراكات جديدة بعد إنسحاب القواعد الفرنسية من غرب ووسط إفريقيا, ومحاولات تموضع روسيا في سواحل شرق ليبيا كبديل لقاعدتها العسكرية في مدينة طرطوس السورية.
** تطور التنسيق الأمريكي المغربي العسكري يلقي بظلاله السلبية على الأزمة بين الجزائر والمغرب بسبب الصراع حول الصحراء الغربية، التي وضعت البلدين في سباق تسلح وتنافس دبلوماسي داعم لأهدافهم السياسية والعسكرية بالمنطقة، الأمر الذي قد يضعف وساطة واشنطن عبر انخراطها مع الأطراف الثلاثة الضالعة في الازمة- المغرب والبوليساريو والجزائر- لمنع تجدد الصراع، وعودة مخاطر الحرب الحدودية بين البلدين.
** عدم مشاركة الجزائر في المناورات العسكرية المشتركة، هي رسائل للقيادة الأمريكية في إفريقيا (أفريكوم) وواشنطن حول عدم رضاها عن صفقات التسليح الأمريكية المغربية ومحاولة ترسيخ التواجد الإسرائيلي في المنطقة، وتحمل رسالة مزدوجة لموسكو، تفتح فيه الباب أمام مقاربات جديدة لمنطقة الساحل والصحراء.
**إجراء المناورات العسكرية بمنطقة المحبس القريبة من المنطقة العازلة الحدودية الجزائرية المغربية، هو محاولة من الرباط لتأكيد سيادتها الإدارية والعسكرية على كامل ترابها، بما فيها الأراضي محل النزاع مع الجزائر,
** المناورة تعكس الأهمية الجيوسياسية والاستراتيجية التي تتمتع بها المغرب، والدور الإقليمي الذي يمكن أن تلعبه في مواجهة التنظيمات الإرهابية كدولة مستقرة ذات قدرات عسكرية عالية.
** يقدر مراقبون أن الجزائر تعيش حالة من الارتباك السياسي والتخبط في سياستها الخارجية، في ضوء توتر في علاقاتها مع دول الجوار وتصعيد في خلافها مع فرنسا وفتور في علاقاتها مع روسيا، وتجاهل رغم توقيعها على اتفاقيات عسكرية مع الولايات المتحدة.
** في ضوء التحشيد الداخلي المستمر منذ عقود في قضية الصحراء المغربية، لا يتوقع المراقبون ان تجري مراجعة سريعة لسياسة الجزائر الخارجية. لكن الاصعب هو ان قضية الصحراء والصراع مع المغرب لم تعد قضية إجماع داخلي خاصة لدى الأجيال الجديدة المطحونة بالبطالة وبطء النمو الاقتصادي والتنموي المتوازن, في دولة تنتج نحو مليون برميل من النفط يوميا وما يقارب ال 100 مليار متر مكعب من الغاز المسال وتعد ثامن دولة عالميا في مجال إنتاج الغاز متقدمة على نيجيريا ومصر.