المشهد الاسبوعي في اسرائيل

26/8/2024

أمير مخول – مركز تقدم للسياسات

1. صرخة رئيس الشاباك وحملة بن غفير وتفكك المنظومات
اعتبرت التحليلات الاسرائيلية ان رسالة رونين بار رئيس جاهاز الامن العام الشاباك الى كل من رئيس الحكومة ووزير الامن والمستشارة القانونية للحكومة بصدد الارهاب اليهودي في الضفة الغربية هي صرخة مدوية ونداء تحذير لا يحتمل ارجاء متابعة مضمونه. لقد حذر رئيس الشاباك من وجود ميليشيات ارهابية منظمة ومسلحة ومدعومة من وزراء مركزيين وتتغاضى عنها الشرطة وهي الجهاز المسؤول عن إنفاد القانون والنظام بين المستوطنين وليس الجيش. واعتبر بشكل قاطع بأن هذه التنظيمات الارهابية تشكل خطرا مباشرا على اسرائيل وأمنها القومي مؤكدا ان “الضرر الحاصل لاسرائيل لا يمكن وصفه”، وأنها تؤدي الى اشتعال الاوضاع في الضفة الغربية وحتى في الشرق الاوسط. كما شكا رئيس الشاباك من انعدام الية إنفاد القانون والى انعدام الحوكمة مما يدفع الى المزيد من الجرائم التي يقوم بها هؤلاء. كما ألقى بالمسؤولية على كاهل وزير الامن القومي بن غفير ودونما ان يذكر اسمه مشيرا الى خطورة اقتحامات الاقصى والدعوات لتغيير الوضع القائم فيه.

لهجة الرسالة وحدّتها تشيران الى احتمالية ان يكون رئيس الشاباك قد قرّ قراره بالاستقاله والتنحي وذلك استمرار لاعلانه ورئيس الاركان مباشرة بعد السابع من اكتوبر عن تحمل المسؤولية على الاخفاق واستخلاص العبر. لقد أجلت الحرب تنفيذ القرار الا ان استدامتها سوف تدفع نحو الاستقالة، ووفقا للتقديرات وما رشح عن قائد الاركان ايضا بأنه سوف يستغل مهلة الصفقة والتهدئة التي يساندها، وفي حال تم ابرامها، لتقديم استقالته هو ايضا.

سارع بن غفير الى مطالبة نتنياهو بإقالة رئيس الشاباك فورا، وحين رفض نتنياهو طلبه قام بوضع لافتات تجارية كبرى في الشوارع الرئيسية مع صورة لرئيس الشاباك تحمله المسؤولية عن اخفاق 7 اكتوبر 2023 وتطالبه بالاستقالة. وهي سابقة في اسرائيل بأن يحدث مثل هذا الامر. للتنويه فإن نتنياهو معني كما رشح من مكتبه بشكل متكرر، بإقالة رئيس الشاباك واستبداله بشخصية اكثر ولاءً.
بموازاة الحملة على رئيس الشاباك تجري حملة متواصلة ضد قادة الجيش ومساعي من مكتب رئيس الحكومة لاقالة قائد الاركان بينما التردد هو لاحتمالية الغضب الشعبي على ذلك ولتحويل الانظار لاستخلاص العبر من اخفاق اكتوبر واتساع المطالبة باستقالة نتنياهو. بينما الحملة لتغيير هوية الجيش هي واسعة النطاق.
باتت الشرطة الاسرائيلية هي النموذج الاول لاحتمالية تفكيك الاجهزة الامنية وتحويلها الى شرطة موالية للوزير وسياسته لا للقانون وسيادته. فقد أعلن قائد عام الشرطة الجديد داني ليفي المقرب من الوزير بن غفير، في مراسم تعيينه من قبل الحكومة “سنواجه بكل قوة كلَّ من يحاول المس بصلاحيات الحُكم”، بينما صرح بن غفير “يأتي داني بأجندة صهيونية دينية وسيعمل وفقاً لسياستي”.
حذرت دانا فايس المحللة السياسية للقنال 12 يوم 23/8 من وجود حملة ممنهجة لتفكيك قيادة الجيش، فيما اعتبر طال روسو القائد العسكري السابق بأن نموذج تفكيك جهاز الشرطة وتغيير هويته وطابع قياداته المبني على الولاء للوزير بدلا من القانون والدولة، هو النموذج الذي ينتظر الجيش بمجمله، كما وتتسع حلقة التقديرات بأنه في حال تغيير الحكومة ستضطر الى بناء جهاز شرطة جديد وإلغاء الجهاز القائم برمته، وهذا ما قد يحدث للجيش وطابعه.

فيما اعتبر كل من المحللان للشؤون السياسية والأمنية عاموس هرئيل وأمير تيبون أن اكثر ما يشغل نتنياهو هو تغيير نظام الحكم في اسرائيل. وهذا ما يعيد الامور الى ما قبل الحرب بل الى لحظة تشكيل الحكومة الحالية واقرار الانقلاب القضائي، وحركة الاحتجاج التي رافقته، واعتبار المؤسسة الامنية له، بأنه سيضعف اسرائيل داخليا وخارجيا وسينعكس على قوة الردع والجهوزية، ولاحقا تم اعتباره واحدا من الاسباب التي اسهمت في اخفاق السابع من اكتوبر.

تتزامن هذه التداعيات مع التوتر داخل الحكومة التي تحولت جلساتها مؤخرا الى ساحة صراع وحملة ممنهجة للنيل من قادة الاجهزة الامنية، ولتتحول الى تصعيد التعتر بين بن غفير وسموتريتش من جهة ووزراء الليكود والمتدينين من الجهة الاخرى، وكذلك على ضوء تزايد النداءات داخل التيار الديني الحريدي الى فك الشراكة ضمن حكومة نتنياهو والتنسيق مع المعارضة. في موازاة ما ذكر هناك ملامح أزمة دستورية لا فكاك منها وتعني خلق حالة ثابتة وبنيوية من تفوق صلاحيات الحكومة ووزرائها على القانون وعلى القضاء.

للخلاصة:
• تشكل رسالة رئيس الشاباك اعترافا ضمنيا بأن المنظومة السياسية الحاكمة هي التي تدفع اسرائيل نحو الهاوية، وكذلك اعترافا بأن مسار سيطرة تيار الصهيونية الدينية على النخب الحاكمة سياسيا واقتصاديا وعسكريا وامنيا بات المسار السائد الذي لا يمكن ايقافه راهنا.
• يبدو ان وتيرة تفكيك المنظومات الامنية بعد استكمالها في الشرطة باتت تتسارع وتقف وراءها اجندات وخطط سياسية من أقصى اليمين الحاكم. كما ان الازمة السياسية الداخلية الشاملة تطغى على اسرائيل خارجيا ايضا.
• الاحتمال هو ان رئيس الشاباك يتجه نحو انهاء مهامه والاستقالة ولذلك يلقي بكامل المسؤولية على المستوى السياسي والقضائي وعلى نتنياهو حصريا.
• تفكك المنظومات هو نتاج واقع الاحتلال ونتاج تورط اسرائيل في حربها على غزة والأفق المسدود، وهو مؤشر الى التحول نحو نظام دموي فاشي.

2. ماذا وراء فرط الانشغال بمحور صلاح الدين/فيلادلفي
تشير معظم التقديرات الامنية الى ان احتلال الجانب الفلسطيني من محور صلاح الدين (فيلادلفي) هو ليس بالمسألة الاستراتيجية بالنسبة لاسرائيل، وكذلك الامر بالنسبة الى السيطرة على معبر رفح. ومن اللافت ان المواقف الاسرائيلية متضاربة في شأن مصير هذا التواجد، فهناك تقديرات وازنة تؤكد ان المطلب الاسرائيلي هو البقاء في المحور حتى نهاية العام الجاري والى حينه يتم تقليص تدريجي لقوات الاحتلال، مقابل طرح اسرائيلي اخر يقول بالانسحاب التام من 3 كم من المحور من اصل 14 كم. كما ويتم الحديث عن امكانية تواجد بعثات عسكرية دولية على معبر رفح الحدودي المصري الفلسطيني. وإذ يبدو نتنياهو متشددا بشكل قطعي في مسألة محور فيلادلفيا فيما تتسع حلقة المشككين بمحورية التواجد العسكري على المحور بالنسبة لاسرائيل.
في مقابلة مع القنال12 (24/8) يقول طال روسو وهو احد ابرز الجنرالات المتقاعدين، بأن “الأهم من السيطرة العسكرية على محور فيلادلفي هو ان نكون (اسرائيل) منسقين مع الجانب المصر ومتوافقين معه”، كما وتؤكد جهات امنية اسرائيلية الى ان مصر عالجت مسألة الانفاق تحت المحور منذ اكثر من عقد من الزمن وانه لا توجد انفاق تمر من الجانب المصري. كما يرى ان التوتر مع مصر يعرض اتفاقات كامب ديفيد للخطر ويجعل “الاحتياجات الامنية” الاسرائيلية بعيدة المنال.
ما يذكره روسو يلتقي مع التقديرات بأن السيطرة الاسرائيلية على المحور هي سيطرة تكتيكية فقط ولا تصبو الى ان تكون مسألة استراتيجية كما يدعي نتنياهو، وبخلاف موقف المؤسسة الامنية من الجيش والشاباك، والتي يعمل نتنياهو بمنهجية على نزع شرعية قياداتها، سعيا لاستبدالها بموالين له، كما حدث للشرطة وفقا لطال روسو من تفكيك وتحويلها الى موالية للوزير (بن غفير) سياسيا قد يحدث في الجيش بعد تغيير هويته وطابع قيادته. بل ان استمرار الحرب على غزة دونما مخرج سياسي يدفع نحو تفكك المنظومات، مشيرا ايضا الى ميليشيات الصهيونية الدينية الاستيطانية في الضفة الغربية وفي اقتحامات الاقصى بقيادة وزراء، والتي من شأنها ان تؤدي تفكيك دور الجيش النظامي والى “اشعال الشرق الاوسط برمته”، كل ذلك في ظل شد الانظار الى الحرب على غزة.
الورطة التفاوضية الاسرائيلية حاليا وحصريا بعد احتلال رفح والجانب الفلسطيني من المعبر ومن محور فيلادلفي هي ان المسألة باتت مصرية اسرائيلية اذ تصر مصر على اعتبار الموقعَين شأن مصري فلسطيني فقط، وتلوح باستخدام نفوذها لتفعيل المعبر على هذا الاساس، كما ان اسرائيل تجد نفسها في ورطة استراتيجية في حال كان ثمن تواجدها في المحور على حساب اتفاقات كامب ديفيد ذات الرعاية الامريكية، والتفاهمات التي تلتها لغاية انسحاب حكومة شارون من غزة عام 2005 والتفاهمات بهذا الصدد.
***
إزاء كل ما ذكر آنفا؛ لماذا يصر نتنياهو على السيطرة على المحور؟ ولماذا يحدد صلاحيات الوفد المفاوض في هذه المسألة؟
تشير التقديرات الى ان هذا الاصرار هو دليل على استراتيجية تفاوضية اذ تبدي اسرائيل تقبل اكثر من صيغة بما فيها الانسحاب الجزئي او الانسحاب الكامل بعد نهاية العام الجاري او الاستعاضة بقوات دولية في معبر رفح، اي ان السيطرة العسكرية ليست غاية بحد ذاتها. كما تشير التقديرات الى ان تحويل الانظار الى فيلادلفي يزيحها عن هدف حقيقي جوهري آخر، ألا وهو ابقاء السيطرة على محور نيتسريم. وهو من حيث استمرار “السيطرة الامنية” على غزة يعتبر الاكثر أهمية للمدى البعيد، اذ يتيح تحكما عسكريا وأمنيا واقتصاديا وبالاساس تحكما في التوزيعة السكانية لقطاع غزة كما يتيح استدامة بتر القطاع، وتحويل مسألة النزوح القسري المتكرر الى وضعية ثابتة أسوة بالسياسات التي تلت النكبة48 والنكسة 67 تجاه اللاجئين والنازحين. مثل هذا التوجه هو في صميم العقيدة الصهيونية الحاكمة وأبعد من ان يتم حصره في اهداف سياسية شخصية لنتنياهو كي يحافظ على حكمه بل يوجد تأييد سياسي واسع له يتجاوز الصراعات الحزبية.
السيطرة على محور نيتسريم تتيح لاسرائيل داخليا الحسم بشأن مصيرقطاع غزة هل سيبقى متواصلا جغرافيا، ام سيتم تقسيمه والسيطرة على شماله، اذ ان الصراعات الداخلية حاليا هي حول اولوية الصفقة على مواصلة الحرب لفترة وليست حول مصير غزة ولا حول استدامة الحرب.
للخلاصة:
• نظرا لتعدد الاطراف صاحبة الشأن المباشر في محور فيلادلفي ومعبر رفح، فإن دور مصر قد يحسم الامر ويمنع حكومة نتنياهو من الابقاء على سيطرتها، ويعيد المعبر الى السيادة المصرية الفلسطينية كلٌّ من جانبه.
• باتت المعابر من خلال استدامة الاحتلال واطالة امد المفاوضات بمثابة آلية للحصار التجويعي والتعطيشي ومنع الدواء والعلاج وكل مقومات الحياة الفلسطينية في غزة.
• يبدو انه في حال نجحت خطة اسرائيل في البقاء في محور نيتسريم وسط غزة، سيكون القطاع امام وضع مستدام من السيطرة الاحتلالية ولمدى بعيد.

3. ساحة المعركة على وجه اسرائيل ومستقبلها
تحت شعار “تعالو نخلق جيلا من الأُسود واللبؤات” بادر تنظيم هبطحونيستيم (الأمنيون) المشكل من ضباط وقادة عسكريين من أقصى اليمين العقائدي ذي النزعة الدينية لاقامة ما يصطلح عليه “مشروع قيادة الاركان القادمة” وذلك من خلال بنية قائمة على “الكليات التحضيرية للجيش” والتي يتشكل جمهور هدفها من الشبيبة ما قبل جيل الجندية (18)، والتي بادر اليها تاريخيا تيار حركة العمل الصهيونية. وتشكل هذه الكليات اطارا للتأهيل العسكري الأولي وكذلك لبلورة الهوية والعقيدة العسكريتين. تاريخيا جاءت معظم قيادات الجيش والدولة من هذه الكليات.
لقد حدد اليمين الصهيو-ديني هدفا، وهو تأهيل منهجي للجيل القادم من القيادات التي سوف تتبوّأ المواقع القيادية المفصلية في الدولة، واستبدال “النخبة اللبرالية” الموالية للقانون والقيم العامة بنخب موالية للنظام ولمن يحكم – سواء أكان حكومة ام وزيرا أم مسؤولا.
بالاضافة اليه، فإن النخب المستقبلية السياسية منها والاقتصادية والصناعية والعسكرية والامنية سوف تعتمد الاجندة الصهيونية اليهودية، وسوف تعمل في واقع من متغيرات جوهرية دستوريا يمنح التفوق للحاكم وللمرجعيات الدينية.
من ميزات هذه النخب هويتها اليهودية ومرجعياتها اليهودية وعدم الاكتراث بكل القيم والمنظومات اللبرالية وحصريا عدم الاكتراث للقانون الدولي والضغوطات الدولية.
كما يؤكد قادة الحركة المذكورة والتي تدعو الى الضم وتعزيز التمسك في حدود “ارض اسرائيل” والسيطرة، بأنهم ادركوا بأنه “اذا اردنا فعلا اجراء تغييرات عميقة وأن يكون للحركة أثر فعلي فينبغي تنشئة جيل من القادة المستقبليين سواء في الجيش ام في مجالات الحياة المدنية المختلفة ما بعد الخدمة العسكرية”.
من أبرز قادة الحركة الجنرات أمير أفيفي (من متصدري مناهضة فكرة رفض الخدمة العسكرية) وأفي بلوط قائد المنطقة الوسطى سابقا والمتماثل مع تنظيمات المستوطنين والجنرال عوفر فنتر الذي اشتهر في اعتماده النهج الفتاك بالغريين وارتبط اسمه بتفعيل “عقيدة هنيال” في قتل الجندي المختطف ومختطفيه كي لا يقع في الاسر. جميعهم من كبار القادة العسكريين من الصهيونية الدينية ياضف اليهم محرر يسرائيل هيوم عومر لحمنوفيتش ورئيس مديرية الاستيطان شيلو أدلر.
في موازاة هذا الحراك الذي يحظى بتمويل رسمي وغير رسمي بكميات كبيرة، تتواصل حملة أقصى اليمين والليكود ضد قيادة اركان الجيش وقادة المؤسسة الامنية وقادة الاقتصاد والقضاء وحصريا تريكبة المحكمة العليا وهوية المستشارة القانونية للحكومة وحتى الغاء الوظيفة التي تراقب قانونية عمل الحكومة.
وفقا للتقديرات فإن المسألة هي مسألة وقت حتى يحدث الانقلاب الجذري في هوية الدولة ومنظوماتها، فالمسار يتسارع في وتيرته كما ن ضعف المعارضة السياسية للحكومة يدفع نحو هذا التسارع غير القابل للايقاف في المنظومة الاسرائيلية الراهنة، والتي تشهد تغييرات عميقة فيما يتعلق دستوريا وبالعقد الاجتماعي الرابط بين المجتمع الاسرائيلي والدولة (اي الصهيونية التاريخية) لتتحول نحو الصهيونية الدينية وعقيدتها التوسعية الاستيطانية وبروح “خطة الحسم”
للخلاصة:
• المتغيرات في المجتمع الاسرائيلي عميقة وواسعة ومتسارعة، وهي عملية تسارعت منذ احتلال العام 1967 والمشروع الاستيطاني والضم وراهنا تتسارع بوتيرة غير مسبوقة في اعقاب السابع من الكتوبر وحرب الابادة.
• هذه المتغيرات تنعكس برؤية راهنة ومستقبلية على الواقع الفلسطيني، في كل فلسطين التاريخية باعتباره حضورا سكانيا معاديا ودخيلا وينبغي التخلص منه في غزة وفلسطين 48 (النقب على وجهالخصوص)، وحصريا في الضفة الغربية والقدس في اطار خطة الحسم التي يجري العمل على تحويلها من خطة سموتريتش وحزبه الى مخطط دولة قابل للتنفيذ تدعمه ذهنية القيادات المستقبلية للأركان وللمجتمع.

4. استطلاعات الرأي العام – مؤشرات ثبات اليمين مع نتنياهو او من دونه
تشير استطلاعات الاسابيع الاخيرة وحصريا التي اجراها كل من صحيفة معاريف والقنال 12 الى مناحي ثابتة الى حد ما، ومنها:
• ثبات صعود قوة الليكود بقيادة نتنياهو وملاءمة الاخير لرئاسة الحكومة
• تراجع مستمر لقوة حزب المعسكر الرسمي بقيادة غانتس
• ارتفاع غير مسبوق في قوة حزب يسرائيل بيتينو بقيادة لبرمان
• ثبات يميل الى التحسن في وضعية الاحزاب الدينية الحريدية
• ثبات في وضعية حزب الدمقراطيين (ميرتس وحزب العمل) بقيادة يئير غولان.
• ثبات في وضعية حزب يش عتيد بقيادة لبيد.
• لا يزال المجهول الكبير هو نفتالي بنيت في حال خاض الانتخابات في اطار حزب منفرد وحصوله على نحو 22 مقعدا.
• تراجع في شعبية حزب عوتسما يهوديت وبن غفير
• تراجع قوة حزب اليمين الجديد برئاسة ساعر وعدم تجاوزها نسبة الحسم
• تأرجح حظوظ تجاوز حزب الصهيونية الدينية بقيادة سموتريتش لنسبة الحسم والتمثيل في الكنيست
• ثبات قوة الاحزاب العربية بعشرة مقاعد
أخذا بعين الاعتبار انه لم يجر حل الكنيست والاعلان عن انتخابات جديدة قد تكون في الربع الاول من 2025، فإن الخارطة السياسية قد تتغير بشكل جوهري وقد تكون احزاب وتكتلات جديدة
الا ان الصورة العامة هي ان نتنياهو في حال نجح في توفير كتلة من 53 عضو كنيست (حاليا 64) فإنه سيبقى في الحكم بوضعية حكومة تصريف اعمال الى حين تشكيل حكومة بديلة بأغلبية يهودية واضحة اي اكثر من 61 عضو كنيست. هذا الامر ممكن حاليا فقط اذا انسلخ الحزبان الحريديان عن الائتلاف التاريخي مع الليكود.
لا تزال المؤشرات قوية في هذا الاتجاه، والتنسيق بينهما والمعارضة يتكاثف، بينما التنافر داخل الائتلاف مع حزبي الصهيونية الدينية (سموتريتش) والكهانية (بن غفير) يتعمق.
الكثير من التحليلات تعزو تصرفات بن غفير الاخيرة وتظاهرة التمرد التي يقوم بها ضد نتنياهو والحكومة في اجتماعاتها، وكذلك اثارة المواجهات في موضوع الاقصى المبارك ، وما يقوم به انصار سموتريتش من اعمال ارهابية منظمة ضد الوجود الفلسطيني في الضفة، كلها في مسعى لوقف التراجع في شعبية بن غفير الذي يرى بنفسه مرشحا لرئاسة الحكومة مستقبلا بينما باتت تصرفاته مهزوزة ومضطربة نتيجة لتراجعه كما يشير الصحفي امنون ابراموفيتش في تعقيبه على تصرفات الوزير المذكور.، ولسموتريتش الذي تتراجع شعبية حزبه وقد يتم استبداله او اقامة حزب جديد من نفس التيار، والذي يسيطر على مقاليد القرار فيما يخص بالضفة الغربية والاستيطان والضم.
للخلاصة:
• لا يزال منحى الانزياح اليميني المتسارع في الرأي العام الاسرائيلي هو السائد، ما يعني اكثر عدوانية واقتلاعا واكثر استيطانا ومساع لتقويض الكيانية الفلسطينية.
• انسداد الافق لا يميز الحكومة الحالية فحسب بل السياسة الاسرائيلية بالمجمل، وبكل مركباتها.
• هذا لا يقلل من اهمية اسقاط الحكومة الحالية مما قد يكون تمهيدا لبدائل سياسية
• اسقاط الحكومة قد يحد من المنحى المتسارع نحو خلق بنى متكاملة تسير وفقا لعقيدة اقصى اليمين

5. بعضٌ من القراءات الاسرائيلية لعملية رد حزب الله على اغتيال فؤاد شكر
تفاوتت ردود الفعل والتقديرات الاسرائيلية بصدد رد فعل حزب الله 25/8 على اغتيال قائده العسكري فؤاد شكر في الضاحية في بيروت. كما كان لافتا التباين التام بين السرديتين الصادرة عن الجيش الاسرائيلي والصادرة عن حزب الله، بينما كانت حالة من التعتيم الاعلامي الاسرائيلي اذ حظر نتنياهو على وزرائه وعلى نواب الليكود القيام بأية تصريحات في صدد ما حدث، يضاف الى اعلان “حالة أمنية خاصة” تمنح صلاحيات فوق العادة لوزير الامن بما فيه منع النشر او تقنين المعلومات بصدد استهداف مسيرات حزب الله لقواعد عسكرية استراتيجية.
مقابل الساعات الاولى من النشوة الاعلامية والسياسية الاسرائيلية المستندة بالمطلق الى سردية الجيش، فقد تبع ذلك تساؤلات سواء تكتيكية تتعلق بحيثيات ما جرى ويجري، ام ذات بعد استراتيجي في مسألة هل تغير شيء جوهريا، ليتسع نطاق التقديرات بصدد “انجاز تكتيكي لاسرائيل التي تواصل الغرق في الوحل الاستراتيجي” كما عنونت مقالها نوعا لنداو في هارتس من يوم الحدث، والتي أكدت ان المفتاح الاستراتيجي المركزي لتهدئة اقليمية هو “صفقة شاملة لاعادة المخطوفين ولوقف الحرب في غزة” بما معناه ان الخيار العسكري لن يوفر حلا لاسرائيل. كما تضيف بأن تسوية دبلوماسية هي الحل مقابل حزب الله.
في حين قلل عوفر شيلح من حجم “الانجاز الاسرائيلي” بتأكيده في معهد درسات الامن القومي بأن “الضربة الاستباقية الاسرائيلية لم تمنع حربا اقليمية لا أحد معني بها”. أضاف الباحث في الامن القومي بأن الطريقة الحقيقية لاعادة سكان البلدات الشمالية الحدودية الى بيوتهام هي التسوية، والتي تتأتّى في اعقاب اتفاق وقف القتال الحالي في غزة، مضيفا ان هذا هو موقف المؤسسة الامنية التي تخشى من البوح به جهارا بينما تكتفي بالتعبير عن دعمها لصفقة التبادل. يرى شيلح ان “السنوار معني بحرب اقليمية مما يدفعه الى المراوغة في تأييد الصفقة” وفقا للباحث. في حين ان الهم الامريكي هو في ابقاء ايران خارج الحالة الحربية، مما يفرض بحد ذاته حوارا استراتيجيا بين البلدين يعزز في نهاية المطاف من وضعية ايران وأثرها، بل ان “ايران تجني من الولايات المتحدة ثمنا بينما هي منذ البداية ليست معنية بحرب مباشرة مع اسرائيل”. كما يصل شيلح الى الاستنتاج بأن غياب الاستراتيجية الاسرائيلية الشاملة يجعلها تخسر قيمة اي انجاز تكتيكي تحققه.
في المجمل توقف الاعلام الاسرائيلي مليا عند خطاب السيد حسن نصرالله، وقرأ رسائل الخطاب السياسية العديدة بما فيها المطمئنة للشعب اللبناني معتبرينها في اسرائيل مطمئنة لهم. لكن الاستنتاج الاساس هو ان المعادلة على الحدود الشمالية لم تتغير، بل باتت معاييرها اكثر ضبطا من ناحية وفي المقابل تغيرت جغرافيتها بعد ان باتت الضاحية مقابل تل ابيب. كما انها شكلت مرآة لمعنى تعثر مفاوضات الصفقة وتعويقها من قبل نتنياهو وحكومته، لان تداعيات الحرب على الجبهة الشمالية واسقاطاتها العسكرية والسكانية والمعنية والاقتصادية عميقة الاثر مما يستدعي استبعادها خاصة وانها حرب سياسية كان من الممكن تلافيها لو تم ابرام الصفقة.
للخلاصة:
• الخيار العسكري لا يحقق لاسرائيل اي حل ولا في اية جيهة.
• الخيار المطروح على اسرائيل هو التسوية مع حزب الله وهو مرسخ في ميزان الردع المتبادل.
• الحل في لبنان ممكن دبلوماسيا وفي اعقاب التهدئة التي قد تنتج عن الصفقة في غزة.
• لم تُنزل اسرائيل عن جدول اعمالها خيار الحرب

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.