الشغل الأمريكي لتجفيف المنابع المالية لحماس واجتثاثها
محمد مشارقة
زار وكيل وزارة الخزانة الأميركية لشؤون الإرهاب والاستخبارات، بريان نيلسون عددا من الدول المعنية بالشأن الفلسطيني وحرب الإبادة الجارية في قطاع غزة.
حمل نيلسون عددا من الرسائل غير العادية لتلك العواصم، تتعلق في غالبيتها، بتجفيف المصادر المالية عن حركة حماس، باعتبارها “حركة إرهابية “، وقدم لوائح بالمعلومات المالية والواجهات التجارية، شركات واشخاص وجنسيات، التي تؤمن المصادر المالية والتشغيل للحركة، وعملياتها، وقدراتها العسكرية، والتقنية.
مراكز الأبحاث في لندن وواشنطن والقريبة من مصادر صنع القرار، تعرضت في جلساتها المغلقة الى نتائج جولة الوفد الأمريكي، واشارت بوضوح الى ان غالبية العواصم رفضت فكرة دمغ حركة حماس بالإرهاب، بل وحذرت من ان هذا المسعى قد يفضي الى مخاطر جدية أكثر تعقيدا من الوضع الحالي.
في القاهرة اشارت الجهات السيادية “الى ان لحركة حماس قيادة سياسية براغماتية هي عنوان يمكن التعامل معه” ، وفسرت القيادة الأمنية المصرية موقفها من رفع حماس من قوائم المنظمات الإرهابية وفتح مكتب رسمي للحركة في القاهرة ، واشتركت القاهرة وعمان في موقف يقول بان العلاقة مع حماس تتم وفق القانون الذي لا يسمح بالأعمال التجارية السرية ، وان مكاتب حماس هي للمساهمة في حل العديد من التعقيدات السياسية والأمنية منعا لحالة فوضى لها تبعاتها وتداعياتها على الامن القومي في البلدين ، وحتى في الدول التي وضعت حماس على قوائم المنظمات الإرهابية ، جرى الحديث عن إعادة تأهيل الحركة كطرف سياسي وليس اجتثاها ،اذا ما فتحت افاق لحل سلمي للصراع الفلسطيني والإسرائيلي .
الكلام الأصعب والأكثر وضوحا سمعه نيلسون في انقرة، في لقائه مع وزير الخارجية الحالي حقان فيدان مدير المخابرات التركية الأسبق، الذي تحدث بحسب المصادر ذاتها ان ” حماس جزء أساسي من الحالة الفلسطينية، وقد شاركت في الحياة السياسية الفلسطينية كحزب سياسي وفازت في انتخابات برلمانية ”
ونقلت الانباء تصريحات للرئيس رجب طيب أردوغان اثناء انعقاد قمة المناخ في الامارات المتحدة قوله، “إن حماس ستكون جزءًا لا يتجزأ من الحل السياسي للصراع الإسرائيلي الفلسطيني، “إن القضاء على حماس أو استبعادها من الحلول السياسية ليس سيناريو واقعيًا”، وأعاد التأكيد على الأسس الثلاثة للموقف التركي تجاه حماس:” ليست منظمة إرهابية، وحزباً سياسياً وجزءاً من حل القضية الفلسطينية”.
ليس مجازفة الوصول الى خلاصة، ان نتائج زيارة بريان نيلسون وجولته في العواصم المعنية كانت سلبية وغير مشجعة وابعد من ذلك فشلا لمسعاه وسم حماس بالإرهاب ومطاردتها ، وهي المهمة التي استكملها مدير المخابرات المركزية وليم بيرنز الذي يتابع حرب الإبادة في غزة من مكتبه في السفارة الامريكية في القاهرة ، ويتنقل بين العواصم بحجة انجاز صفقات تبادل الاسرى والرهائن ، لكنه سمع كلاما مشابها حول ” جهود يجب ان تبذل لتأهيل حركة حماس سياسيا “، وهي الخلاصة التي ترجح القناعة ان واشنطن منحت الرخصة لإسرائيل لمتابعة مهمتها لاستئصال حماس من قطاع غزة واستئناف حملة الإبادة والتطهير العرقي جنوب وادي غزة .
الموقف العربي والإقليمي ومعه راي عام يتطور في العواصم الغربية وداخل الولايات المتحدة نفسها، يقول بان ما يجري في غزة يتجاوز الحملة لاجتثاث حركة حماس والمقاومة الفلسطينية، نحو التهجير الجماعي، والقتل والتدمير الواسع والذي يفوق كل احتمال، وان اثاره ستكون كارثية ليس فقط على الشعب الفلسطيني وقضيته وانما على الاستقرار والامن في المنطقة العربية برمتها.
الأجوبة التي سمعها الأمريكي في عواصم المنطقة يفترض ان تشكل حافزا لقيادة حماس، لتعديل خطابها وتكتيكها السياسي، كي تستثمر هذا اللحظة، لوقف المجزرة، والا ستلحقها الإدانة، بانها وبسبب الجمود السياسي العقائدي ساهمت في هذه المقتلة المفتوحة على مشروع تصفية شاملة لقدرات الشعب الفلسطيني. لدى قيادة حماس ثغرة مفتوحة عربيا وإقليميا وقبل كل ذلك بين شعبها في الوطن والشتات، يمكنها وحدها ودون ذرائع من صنع قارب النجاة للشعب والقضية ولوجودها السياسي والتنظيمي مطلوب من قيادتها الإعلان بمسؤولية وطنية واضحة لا لبس فيها:
– الاستعداد لتسليم السلطة في غزة وفورا لحكومة مستقلة وبصلاحيات كاملة لإدارة المناطق الفلسطينية المحتلة بما فيها قطاع غزة
– ان الحركة لا تمانع في تواجد عربي واقليمي وبشكل خاص تركي في المناطق المحتلة لمساعدة الحكومة الفلسطينية الانتقالية في ضمان الامن والاستقرار، تأهيل الحالة الفلسطينية لانتخابات برلمانية وللمجلس الوطني) لم نقل رئاسية( خلال فترة زمنية من سنتين الى ثلاث سنوات، اعمار ما دمرته الالة الحربية الإسرائيلية في الضفة الغربية وغزة، وإنجاز صفقة لتبادل الاسرى والرهائن.
– ان حماس تعيد التأكيد على ما أعلنه رئيس مكتبها السياسي إسماعيل هنية، بانها ما حل الدولتين على أساس الشرعية الدولية وانسحاب إسرائيلي كامل من الأراضي المحتلة عام 67 بما فيها القدس الشرقية.