الشرع يرفض الإفراج عن مقاتلين من الجزائر والبوليساريو: أعراض أزمة مع الجزائر

تقدير موقف: مركز تقدم للسياسات

تقديم: استغرب المراقبون تسريب السلطات السورية أنباء عن رفض الرئيس السوري طلبا جزائريا بالإفراج عن مقاتلين من الجيش الجزائري وجبهة البوليساريو اعتقلوا في حلب وكانوا يقاتلون في صفوف قوات النظام السابق. وتدور كثير من التكهنات بشأن هذه القضية وطبيعة علاقات الحكم السوري الجديد مع الجزائر.

في التفاصيل:

– في 11 فبراير 2025، كشف مراسل إحدى الإذاعات الفرنسية في دمشق أن الرئيس السوري، أحمد الشرع، رفض طلبا تقدّم به وزير الخارجية الجزائري، أحمد عطاف، بشأن إطلاق سراح معتقلين من الجيش الجزائري ومليشيات البوليساريو. أوضحت المعلومات أن هؤلاء المعتقلين كانوا يقاتلون في صفوف قوات نظام بشار الأسد في محيط حلب، وألقت “هيئة تحرير الشام” القبض عليهم في الهجوم الذي بدأ في 27 نوفمبر 2024 والذي أدى إلى سقوط النظام في 8 ديسمبر.
– قالت معلومات الإذاعة الفرنسية إن الشرع أبلغ وزير الخارجية الجزائري أن العسكريين الجزائريين من رتبة لواء وحوالي 500 جندي من الجيش الجزائري ومليشيات البوليساريو سيخضعون للمحاكمة إلى جانب بقايا فلول الأسد الذين تم القبض عليهم. واكد على أن جميع المعتقلين، سواء من الجزائريين والصحراويين، سيعاملون وفق القواعد الدولية المنظمة لمعاملة أسرى الحرب.
– كانت وزارة الخارجية الجزائرية أصدرت بيانا، بعد إعلان سقوط النظام المخلوع، دعت فيه “كافة الأطراف السورية إلى الوحدة والسلم”. كما شددت “على الحوار بين أبناء الشعب السوري، بكافة أطيافه ومكوناته، وتغليب المصالح العليا لسوريا الشقيقة والحفاظ على أملاك ومقدرات البلاد، والتوجه إلى المستقبل لبناء وطن يسع الجميع”.
-. كما دعت الجزائر حينها، على لسان وزير خارجيتها، إلى “إشراف أممي على الحوار بين الفرقاء السوريين في ظل حرمة ووحدة التراب السوري”، مشيرا إلى أن “الجزائر تعترف بالدول وليس بالحكومات”، وأضاف أنه “نهج يعزز مرونة الموقف الدبلوماسي الجزائري عبر التاريخ”.
– في 3 فبراير، كشف الرئيس الجزائري، عبد المجيد تبون‏، في حوار أجراه مع صحيفة “Le Point ” الفرنسية، أنه أرسل مبعوثا للرئيس المخلوع بشار الأسد قبل سقوطه، مؤكدا أن “الجزائر اقترحت -بموافقة الأمم المتحدة‏– أن تكون وسيطا لكي يتحدث الأسد مع معارضيه، إلا أن الأمر لم يؤت أكله”. وأكد تبون أن بلاده “لطالما تحدثت مع الأسد وكانت حازمة معه ولم تقبل أبدا بالمجازر التي ارتكبها ضد شعبه”.
– كانت تقارير صحفية عدة قد تحدثت عن العلاقات الوثيقة بين إيران والبوليساريو، ودعم طهران لها عبر حزب الله. وفي العام 2018، أعلن المغرب قطع علاقاته مع إيران بسبب هذا الدعم لجبهة البوليساريو، التي تسعى لاستقلال الصحراء الغربية عن الرباط.
– في 8 فبراير، التقى الرئيس السوري وزير الخارجية الجزائري، أحمد عطاف، في زيارة عمل رسمية هي الأولى من نوعها لمسؤول جزائري منذ سقوط نظام بشار الأسد. وذكرت الخارجية الجزائرية أن عطاف يزور دمشق بصفته مبعوثا خاصا لرئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، الذي حمله رسالة خطية إلى الرئيس السوري. وبحسب مصادر سورية مطلعة، فإن الرسالة تتضمن رسميا لإطلاق سراح المعتقلين الذين وقعوا في قبضة “هيئة تحرير الشام” أثناء وجودهم ضمن قوات النظام السوري في محيط حلب.
– كما يكشف تسريب دمشق أنباء موقف الشرع من الطلب الجزائري عن لهجة ملتبسة مع دولة عربية، بما يخفي معطيّات غير واضحة بشأن علاقة الجزائر مع نظام الأسد.
– يرجّح هذا التطوّر وقوف الحكم الجديد في سوريا إلى جانب المغرب في خلافها مع الجزائر بشأن الصحراء الغربية، ناهيك من موقف الرباط المقاطع للعلاقة مع طهران على الرغم من محاولة إيران مؤخرا فتح أبواب الحوار مع المغرب.
– في 4 فبراير، بعث العاهل المغربي، الملك محمد السادس، تهنئة إلى الشرع، بعد إعلان توليه رئاسة البلد في المرحلة الانتقالية. وجاء في الرسالة: “يطيب لي أن أعرب لكم عن تهاني وتثميني لتولي فخامتكم رئاسة الجمهورية العربية السورية في المرحلة الانتقالية، داعيا الله عز وجل أن يلهمكم التوفيق والسداد في مهامكم السامية الجسيمة”.
-. ذكّرت مصادر جزائرية مراقبة بالعلاقات الجزائرية السورية التاريخية التي تمتد جذورها إلى عهد الأمير عبد القادر‏ وما قبله. -قالت هذه المصادر إن الجزائر ستلعب دورا دبلوماسيا فاعلا، خصوصا أنها تمتلك حضورا نشطا في مجلس الأمن، حيث تمثل الصوت العربي فيه، الأمر الذي قد يمنحها دورا حاسما في دعم سوريا الجديدة، ومن ذلك العمل على رفع العقوبات المفروضة عليها نهائيا.
– نفت بعض المصادر الإعلامية الجزائرية الأنباء عن وجود مقاتلين للجزائر والبوليساريو في سوريا. واعتبرت أن الخبر ملفق تقف وراءه أجهزة “المخزن”، وهو الوصف الذي يُستخدم في الإشارة إلى الدولة العميقة المغربية.

خلاصة:

**يكشف تسريب دمشق أنباء بشأن رفض الشرع طلبا جزائريا للإفراج عن مقاتلين من الجيش الجزائري وجبهة بوليساريو، عن تحفّظ سوريا حيال علاقاتها مع الجزائر.
**يكشف الخبر تورطا جزائريا في الدفاع عسكريا عن نظام بشار الأسد، يضاف إلى الموقف الرسمي المتقدم في العلاقة مع النظام السابق.
**يأتي التطوّر في سياق ما كان معروفا في علاقة الجزائر مع إيران ودور إيران في تسليح جبهة البوليساريو، ما أدى إلى قطع الرباط علاقاتها مع طهران.
**من المتوقّع أن يتداعى كشف دور البوليساريو في سوريا على مسألة الصحراء الغربية وموقف الرباط دوليا في شأن الدفاع عن مغربية الصحراء.
**يبدو موقف دمشق يميل لصالح المغرب بالنظر إلى موقف الرباط من القضية السورية، وتورط الجزائر لصالح الأسد، ومسارعة المغرب قبل الجزائر لتهنئة الشرع على تعيينه رئيسا.
**غطى الإعلام المغربي الخبر بكثافة بصفته يمثل إدانة للجزائر والبوليساريو، فيما نفت مصادر إعلامية جزائرية الخبر واعتبرته تلفيقا من قبل دولة “المخزن” في المغرب.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.