ارتريا – اثيوبيا : سلام يحتضر

ملخص تنفيذي
منحت جائزة نوبل لرئيس الوزراء الاثيوبي ابي احمد لدوره في توقيع اتفاقية سلام مع ارتريا بعد قطيعة استمرت لعشرين عاما. ونجاحه في تحقيق ما عجزت عنه الإدارات السابقة وفي فترة وجيزة من تولية الحكم . في هذه الورقة نحاول استدعاء تاريخ كيانين كانا دولة واحدة. وحرب استقلال وحدود ، شكلت جملة من التعقيدات التي احاطت بين البلدين وشعوبهما المتداخلة عرقيا و ثقافيا ، وصراعات دموية رسمن خارطة صراعات منطقة القرن الافريقي برمتها ردحا من الزمن . عزا البعض هذا النجاح في توقيع اتفاق السلام مع الرئيس الارتري اسياس افورقي الى الترتيبات والتوافقات الداخلية الاثيوبية التي أمنها الرئيس ابي احمد منذ اعتلائة سدة الحكم . لكن قراءة الحدث في السياق التاريخي لصراع النفوذ في الهضبة الحبشية يقترح تفسيرا اخر يقوم على ، ان نهاية حكم التجراي في اثيوبيا هو السبب وراء قبول الجانب الارتري بتوقيع الاتفاق، وهذا التفسير هو الاكثر منطقية لتوافقه مع تاريخ الصراعات في الهضبة الحبشية، وقد خلصت دراسة قام بها كل من مارتن بلاوت وسالي هيلي الي ان حالة العداء بين الدولتين لن تنتهي الا بنهاية حكم احدهما وهذا ماحدث بالفعل*

خلفية تاريخية :
يعود تاسيس ارتريا بحدودها الحالية الي العام 1895، وهو العام الذي شهد هزيمة الجيش الايطالي في معركة “عدوا” في اقليم تجراي شمال اثيوبيا، على أيدي جيوش الامبراطور منيليك -مؤسس اثيوبيا الحديثة- هذه المعركة هي التي اوقفت زحف الجيش الايطالي ورسمت حدود دولة ارتريا، والتي تمتد على طول الحدود الاثيوبية من الغرب الى الجنوب الشرقي فيما تمتد على طول ساحل البحر الاحمر من الشمال الي الجنوب.
وكما فعل الاستعمار في مناطق أخرى، قسم الايطالي سكان الهضبة الحبشية، الامر الذي لم يرضى المكون الاجتماعي لهذه المنطقة، كما كان الحال مع مكونات اجتماعية في اماكن اخري من العالم. فقد حملت المنطقة ذاكرة اسهمت في اعطاء هذا المكون ملامحه واسست لتراثة واستمد من محيطة تميزه عن باقي الشعوب الافريقية وحافظ من خلال تروس الجبال التي احتمي خلفها على هويته الدينية من خطر المد الاسلامي الذي شكل هاجسا له طوال قرون.
اقترحت الادارة البريطانية التي ادارت ارتريا في الفترة بين عام 1942 و1952، ضم مناطق الهضبة الي اثيوبيا وضم مناطق المسلمين التي تعرف بالمنخفضات الي السودان، وذلك للروابط الدينية والقبلية التي تربط المسلمين مع السودان. لكن هذا المقترح لم يلق قبولا من جانب الكتلة الوطنية التي كان جلها من المسلمين كما لم يرق لبعض النخب التي مثلت سكان الهضبة من المسحيين حينها، بالرغم من ان بعض اعيان تلك المناطق وابنائهم قاتلوا الي جانب المقاومة الاثيوبية في حربها ضد الاحتلال الايطالي في الفترة مابين عام 1937 و1942. والسبب في عزوف هذه النخب عن دعم مقترح ضمهم الي اثيوبيا يعزى الى عدم رغبتهم في ان يكونوا تحت رعاية قومية الامهرا التي كانت قد بسطت نفوذها في اثيوبيا، ولو ان الحكم بقي في مركزيتة التاريخية وهي منطقة اكسوم التابعة للتجراي لكانت الامور سارت على نحو مغاير، وهذا الاستنتاج يدعمه تصريح الراس ( لقب يمنح لاكبر سلطة في منطقة او اقليم ما ) تسما اسمروم الذي كان ضمن الكتلة الاستقلالية وهو من اعيان سكان الهضبة من التجرينية، والذي قال فيه انه لابد من الوصول الي صيغة لاتقوم على فصل اقليم التجراي في اثيوبيا عن الهضبة الارترية حيث يسكن اخوانهم التجرينية وان العلاقة بين التجرينية على جانبي الحدود هي علاقة ازلية.

جبهتا تحرير ارتريا وتجراي : تحالف وصراع
تاسست الجبهة الشعبية لتحرير تجراي سنة 1975، بعد عام على سقوط حكم الإمبراطور هيلاسيلاسي. في الجانب الاخر كانت ارتريا تمر بمخاض انتهي بقطيعة بين سكان الهضبة الارترية وبين اثيوبيا التي ارتبطت خياراتهم بها. كما ادي هذا التحول في اثيوبيا الي ولادة الجبهة الشعبية الارترية في العام 1976، والتي اصبحت الخيار الامثل لهذا المكون الاجتماعي ليؤسس من خلالها الدولة التي تحمي مصالحه.
في العام 1977 اعتلي منجستو هيلي ماريام سدة الحكم في اثيوبيا، وفي غضون شهور تمكن من تاسيس نظام ماركسي اقنع كل من كوبا والاتحاد السوفيتي والمانيا الشرقية من الاصطفاف الي جانبه في الحرب التي كان يشنها على الجبهة الارترية وجبهة اوغادين مع الصومال. الامر الذي جعل تحالف الجبهة الشعبية لتحرير ارتريا وتحرير تجراي المرشح الاقوي للتصدي لمشروع منجستو الماركسي .
ادركت قيادة الجبهة الشعبية اهمية نقل مستوي التعاون مع الجبهة الشعبية لتحرير تجراي من مجرد تبادل معلومات او الاستفادة من الخبرات الى تنسيق عسكري وسياسي وصل الي حد توحيد الرؤى والمواقف من دول الاقليم والعالم. ولفهم اعمق لعمق العلاقة والمشتركات الاجتماعية والثقافية والدينية بين قومية التجراي على جانبي الحدود، ندرك تماما ان هذا التنسيق الذي بات مدعوما من الكتلة الغربية في اطار الحرب الباردة اصبح السمة الأبرز للصراع الداخلي في بعده العالمي .
ويمكن ادراج جملة من الأسباب التي دفعت الولايات المتحدة والحلف الغربي لاعتماد تحالف قوى التجراي في الطرفين الاثيوبي والارتري ليكون راس الحربة في الصراع مع النظام الاشتراكي الجديد في القرن الافريقي:
• أن هذا التحالف يحمل بعدا قوميا يمينيا في ثنايا الخطاب الثوري المعلن، وهو الاقدر على مخاطبة النسيج الاجتماعي الاقوى في ارتريا وهو المكون المسيحي المسكون بمخاوف تاريخية من المسلمين شركائهم في الجغرافيا .
• ارتباط القوي الثورية الأخرى مثل جبهة تحرير ارتريا وقوات التحرير الشعبية بقيادة عثمان صالح سبي التي شكل المسلمون غالبيتها بالتيار القومي العربي واليساري.
• بالرغم من انضمام الصومال للحرب ضد منجستو، لم تكن امريكا وحلفاءها يثقون في سياد بري الذي اظهر ميلا في الشعارات والبرامج نحو المعسكر الاشتراكي بقيادة الاتحاد السوفييتي ، في ذات الوقت حاول إعطاء إشارات للمعسكر الغربي لجاهزيته للتعامل مع خططهم في مواجهة النظام الاثيوبي الجديد محكوما بمشكلة إقليم اوغادين الصومالي الذي ضم لاثيوبيا في غفلة من الزمن . لهذا اصبح التحالف التيجريني هو المعتمد الأساس للغرب في الحرب ضد منجستو والنظام الاثيوبي.
لكن هذا التحالف لم يكن راسخا ،وساورته الشكوك والمخاوف المتبادلة ، بحسب مسار الصراع مع اديس ابابا . فقد مال ميزان القوى مطلع الثمانينات لصالح المكون الارتري لاسباب عدة أولها : علاقته التي تطورت مع العالم العربي وتحديدا مع أنظمة البعث العراقي والسوري وأنظمة الخليج حليفة الولايات المتحدة في اطار الصراع مع المعسكر الاشتراكي وثانيها الخبرة التي اكتسبها المكون الارتري في المواجهة مع اثيوبيا منذ اواسط الستينيات. لكن ميزان القوة هذا جاء ليعزز الشعور بالتميز الذي تشعر به قومية التجرينية الارترية عن شقيقتها في تجراي اثيوبيا ، الامر الذي حال دون ان يصل التنسيق بينهما الى مستوي يستوعب التغييرات الجوهرية على النظام الاثيوبي الجديد ، وفي مقدمتها افول نجم قومية الأمهرا الحاكمة. لقد بات للجبهة الشعبية الارترية حاضنة وبعد إقليمي تستند اليه بخلاف اشقائهم في الجانب الاثيوبي . في اواسط الثمانينات تعرضت اثيوبيا لموجة جفاف ومجاعة شهيرة ، اودت بحياة مئات الالاف من السكان . اتهمت جبهة تجراي الجبهة الشعبية الارترية باغلاق الطرق والممرات المؤدية للسودان امام الفارين من المجاعة مما تسبب في موت الالاف من ابناء التجراي، وكان ذلك سببا في خلاف حاد بينهم . لكن في اوخر الثمانينات قرر الحليفان العمل معا عندما اقتنعوا ان المنظومة الاشتراكية بدات بالتفكك وان نظام منجستو بات على وشك الانهيار

الانفصال
في مايو عام 1991 سقط نظام منجستو وقادت جبهة تحرير تجراي تحالف جبهة شعوب اثيوبيا الديمقراطية الي الحكم، وفي نفس الوقت كانت ارتريا كلها تحت سيطرة قوات الجبهة الشعبية لتحرير ارتريا. وجرت الامور نحو التوافق وقرر الجانبان تنحية خلافاتهم جانبا حتي يتسنى لكل طرف ترتيب البيت الداخلي والحصول على الدعم الدولي الذي وعدت به الولايات المتحدة الطرفين اثناء اجتماع لندن، ذلك الاجتماع الذي تم فيه ترتيب مرحلة مابعد منجستو في اثيوبيا.
في العام 1993 جري استفتاء في ارتريا بدعم ومساندة اثيوبية ،كانت شرطا للاعتراف الدولي بعملية الاستفتاء على الاستقلال ، واصبحت ارتريا دولة مستقلة واثيوبيا اول دولة تعترف بها.
في نفس العام تم توقيع اتفاقية التعاون الشامل بين البلدين، والذي وصف حينها انه ابقاء على الحالة بين البلدين كما كانت عليه، وقوبل هذا باستحسان غربي خاصة في الولايات المتحدة، حيث اشاد حينها الرئيس بيل كلينتون باداء الرئيسين وقال انهما نموذج يحتذى في افريقيا**.
لكن سرعان ما اندلعت الحرب بين البلدين بسبب نزاع حدودي كانت ساحته مناطق التجراي ، ووصلت كل المساعي لوقف الحرب الي طريق مسدود و اجمعت اطراف الوساطة على أن للصراع اسباب اخرى وان الخلاف على مدينتي بادمي وزالمبسا ماهو الا محاولة لاخفاء الاسباب الحقيقية للصراع. ويمكن اجمال الأسباب الحقيقية بالتالي :
• شعور الحكومة الاثيوبية بأن ارتريا باتت خصما اقتصاديا لم يراع حسن الجوار والنوايا المؤيدة لتقرير المصير ، ولجوء اسمرة ودون تنسيق على صك العملة الوطنية بعد ان كان “البر” الاثيوبي هو العملة المعتمدة لسبع سنوات بعد الاستقلال .
• اتهام اسمرة بأن اثيوبيا تسعي للحصول على منفذ بحري من خلال افتعال الحرب لتقتطع مدينة عصب
• ترسخ القناعة لدى الاثيوبيين بأن الرئيس الارتري يرغب في الحرب مع الجار ، حتى يتلافى تفعيل الدستور الذي يحدد مدة ولاية الرئيس ، وانه يحتاج الى ازمة دائمة حتى يستمر تفرده في الحكم ونهجه الاقصائي لكل رفاقه السابقين ، وظل الجانب الاثيوبي يستند الى هذه الفكرة حتى توقيع السلام مستندا دون كلل او ملل الى تصريحات وزير الخارجية الارتري الاسبق هيلي ولدتنسائي،***

غير ان هذا الصراع الدموي ومخاوف نظام أسياس افورقي ، دفع ارتريا ال تحالفات جديدة . فتخلت عن خطة عدائها لنظام الجبهة الاسلامية في السودان، وبدأ عهد جديد مع السودان وصل بحلول العام 2006 الى تعاون كامل ، تمثل في رعاية ارتريا لاتفاقية مؤتمر البجا الذي ادى الي تسوية هشة في شرق السودان. لكن ذلك أسس لعلاقات متميزة بإمارة قطر حليف النظام الإسلامي في السودان ولفترة طويلة.
انقلاب التجراي
على الرغم من البعد الاحتفالي المبالغ فيه في اتفاق السلام الاثيوبي الارتري وفتح المعابر الحدودية بين البلديين ، الا انها حملت رسالة حاول الطرفان تمريرها للدولة العميقة في اثيوبيا والتي كان يتحكم بمفاتيحها أبناء قومية التجراي من المؤسسة العسكرية الى المؤسسة الأمنية ، فهم الذين لم يجنوا بعد أي نتائج لوقف الحرب التي استمرت لنحو عشرين عاما كان مسرحها مناطقهم على وجه الخصوص ، وتملكهم شهور بان اتفاق السلام استهدف اقصاءهم وتهميشهم بصورة نهائية وان حليفهم القديم أسياس افورقي كان اول من باعهم بتحالفه مع النظام الجديد للحكم في أديس ابابا بقيادة ابي احمد . وما عزز هذه الشكوك والمخاوف لدى قومية التيجراي ،زيارة الرئيس الارتري لاقليم تجراي والتي جاء اليها من المعبر الحدودي الواقع في منطقة تشهد نزاعا على الملكية بين الامهرا والتجراي. لكن الفرحة لم تتم ، بالنظر الى حسابات داخلية ارترية ، ترى بأن استحقاق السلام ينسحب على ضرورة تطبيع الحياة في ارتريا وتحولها الضروري الى دولة طبيعية ، ولان حسابات الديكتاتور في اسمرة تختلف عن رؤية ابي احمد والدولة الاثيوبية التصالحية مع جوارها،أغلقت المعابر الاربع للحدود بين البلدين بعد أقل من شهرين على اتفاق السلام بما فيها المعبر مع اقليم العفر الذي يخدم هذه القومية الكبرى التي تعيش على جانبي حدود البلدين .
بعد إجراءات النظام الجديد في اثيوبيا لتوزيع عادل للثروة والسلطة بين القوميات الكبرى ، فقد التيجراي العديد من المواقع المفصلية التي ظلوا يحتلونها لعقود خلت ، وأدى هذا الشعور المتفاقم بالغبن الى انسحاب اعدد كبير من قادة ونخب التجراي للتحصن في اقليمهم ، وتشير التقارير الى انهم سحبوا جزءا كبيرا من مخزون السلاح التابع للمؤسسةالعسكرية الاثيوبية.****
ترافق ذلك مع توجيه احزاب الائتلاف الحاكم رماحها تجاه السياسة التجرينية التي قالوا انها اسست لنظام اقصائي وشوفيني جيرت من خلاله مقدرات الدولة لصالح اقليتهم القومية ( ٦٪ من السكان ) . وجاء توقيع الاتفاق مع ارتريا ليجهز عليهم، ففضلوا الاحتماء في اقليمهم التاريخي ، ما أعاد التوتر مجددا الى المنطقة الحدودية التي ظلت مسرحا للحروب طيلة العشرين عاما السابقة على اتفاق السلام .
وهكذا عاد إقليم التجراي ليكون مصدر توتر وتصفية حسابات مع الدولتين المتصالحتين اثيوبيا وارتريا ، ليس هذا وحسب ، بل من غير المستبعد اذا لم تحل الخلافات مع نخبة هذه الأقلية ، ان تعود المنطقة الحدودية ساحة توتر وعدم استقرار تهدد عملية السلام بين البلدين وفي القرن الافريقي.

الخلاصة
عادت المعارضة الاثيوبية من ارتريا التي احتضنتها اثتاء فترة النزاع، بموافقة الحكومة بما فيها المعارضة المسلحة،على ان يتم دمج عناصرها في القوات المسلحة الاثيوبية فيما بعد. وقد ترتب على ذلك نتائج سلبية مباشره، فقد انشقت مجموعة من جبهة تحرير اورومو ورفضت تسليم سلاحها وهي تقود الان حراكا مسلحا انطلاقا من مناطق في اقليم الاورومو. وسياسيا يحاول الداخل التاقلم مع ضجيج حراك لم يعهده من قبل مع عودة غالبية الاحزاب السياسية المعارضة والنشطاء السياسيين. يمكن القول ان اثيوبيا قررت ان تواجه الكابوس بدلا من تاجيل المواجهة ،وقد تسهم خطوة توحيد احزاب الائتلاف الحاكم تحت مظلة حزب واحد في ترشيد الخطاب السياسي واخراجه من دائرة الاصطفافات الاثنية لصالح حزب قومي كبير ، كما قد تلعب الحملة الانتخابية في تهئية المسرح السياسي لحوار عميق حول مفهوم الهوية والمواطنة، لكن كل هذا قد لايكون كافيا لتجنيب البلاد مخاطر الانزلاق في الفوضي.
اما الحكومة الارترية فقد فضلت الاستمرار في انكار وجود حراك سياسي غير الذي يقوده الحزب الحاكم، وعلى ضوء هذا الموقف يبدو اتفاق السلام شبيها بالاتفاق الذي وقع بين الحكومة الاثيوبية في عهد منجستو والرئيس الصومالي سيادبري عام 1985، والذي بموجبه تخلت اثيوبيا عن ايواء ودعم الحركة الوطنية الصومالية وجبهة الانقاذ الصومالية، مما اضطر الحركتين الي نقل عملياتهما الي داخل الصومال فكانتا جزءا من المشكلة و الاصطفاف الذي انتج الحرب الاهلية. الامر الذي يعزز من فرص تكرار السيناريو الصومالي ، ذلك ان اختفاء الحاضنة الاثيوبية كما كان بالنسبة للحراك الصومالي سوف يوجه الحراك الارتري نحو العمل في الداخل مما سيزيد من حالة الاحتقان المتفاقم أصلا ، وفي ضوء وضع البلدين والمتغيرات التي تدور حولهما يمكن وضع السيناريوهات التالية :
– فشل ابي احمد في تضييق الهوة التي اخذت في الاتساع بين التجراي ومركزية الحكم مما قد يدفع بهذه القومية المؤثرة الى دعم التغيير في ارتريا، وتبني مشروع قومي لصالح التجرينية تجنيبا للبلاد السقوط في حالة من الفوضى اذا ازفت ساعة التغيير في اسمرة .
– ان يدخل السودان في عملية تقسيم فيدرالي تعلي من شان القبائل التجري ( احد مكونات قبائل البجا) والتي ظلت لسنوات طويلة بين كماشة الشمال النيلي و هيمنة سكان الهضبة المسيحيين، وهذا قد ينطوي على انهيار ماتبقي من سلطة التجرينية الحاكمة في اسمرة لصالح دولة فيدرالية حقيقية قادرة على استيعاب طموح الرئيس ابي احمد في تشكيل ملامح اثيوبيا المستقبلية.
– حدوث تغيير هاديء في ارتريا ينتج تقاربا رسميا مع الحكومة الاثيوبية لتحقيق مكاسب اقتصادية عاجلة عبر فتح ميناء عصب امام الملاحة البحرية لاثيوبيا، وهذا سيعني دورا اقل للتجرينية ( الدولة العميقة السابقة في اديس ابابا)، مما سينعكس سلبا على الوضع الداخلي في ارتريا خاصة اذا اخذنا بالاعتبار ان غالبية المعارضة لنظام اسياس افورقي من قوميته التجرينية، ومن غير المستبعد ان يجد التجرينية على طرفي الحدود طريق للتحالف مجددا كما حدث في مراحل تاريخية سابقة.

المصادر
*Ethiopia and Eritrea: Allergic to Persuasion by Sally Healy and Martin Plaut, published by Chatham House Africa Programme on January 2007
Accessed on 27 November 2019.
**https://eur03.safelinks.protection.outlook.com/?url=https%3A%2F%2Freason.com%2F2016%2F02%2F02%2Fbill-clintons-new-generation-of-african%2F&data=02%7C01%7C%7C802c148a1d784e7a7ba608d7772ad50a%7C84df9e7fe9f640afb435aaaaaaaaaaaa%7C1%7C0%7C637108898146599506&sdata=Xtkb0INJl6c%2FBncuBLlDlxjXLaQVQphyzKcFrqlzgjg%3D&reserved=0
*** كتاب حوار مع المعتقلين السياسيين الارتريين الفه الكاتب دان كونل
**** https://eritrea-focus.org/tigray-protest-halts-armys-attempt-to-move-heavy-weapons-to-oromia/

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.