إيطاليا تتخوف من تحرّكات عسكرية روسية في تونس: قراءة وتحليل
ملخص تقدير موقف، مركز تقدم للسياسات
تقديم: تحدثت الصحافة الإيطالية عن مخاوف روما من وجود اختراق روسي في تونس. ونقلت الأنباء تأكيدات أميركية عن تحركات روسية في تونس تضاف إلى تحركات دبلوماسية وعسكرية لموسكو في شمال أفريقيا وميادين أخرى في القارة السمراء. تأتي تلك الأنباء وسط تنافس إقليمي ودولي في أفريقيا، فيما يتساءل المراقبون عن أغراض للتحركات الروسية المزعومة في تونس.
لرصد هذا التطور حريّ التوقف عند التطوّرات التالية:
– نشرت صحيفة “لاريبوبليكا” الإيطالية تقريرا قالت فيه إن مصادر وزارة الخارجية الأميركية أكدت للصحيفة مخاوف الحكومة الإيطالية من وجود اختراق عسكري روسي في تونس. وكشف المصدر الأميركي عن طائرات شوهدت خلال الأيام الأخيرة تهبط في مطار جزيرة جربة التونسية على الحدود مع ليبيا.
– لم تستطع المصادر كشف طبيعة هذه التحركات في جربة، لكنها قالت إنها تثير مخاوف كبيرة. لكنها قالت إن الريبة من هذه التحركات تكمن في أنها جزء من تحركات جيوسياسية تقوم بها موسكو في ليبيا والجزائر ودول الساحل الأفريقي، ما يؤشّر إلى مناورات سياسية عسكرية لتعزيز النفوذ الروسي في المنطقة.
– أشارت المصادر إلى أن روسيا استطاعت أن ترسل قوات إلى النيجر وتشاد بعد مغادرة القوات الفرنسية بلدان مثل النيجر ومالي وبوركينا فاسو فيما تستعد القوات الأميركية لمغادرة النيجر أيضا إثر طلب سلطات نيامي ذلك.
– تعتبر روما أن الاختراق العسكري في تونس يأتي ليكون مكمّلا للمشهد الروسي في أفريقيا. وترى روما أن الأمر يشكل تهديدا مباشرا لإيطاليا كونها الدولة الأوروبية الأقرب إلى سواحل تونس.
– تتطلع إيطاليا إلى موقف أميركي مساند بشأن مخاوفها من التحركات الروسية في تونس، فيما أعلنت وزارة الخارجية الاميركية عن مخاوفها من أنشطة مجموعة “فاغنر” الروسية السابقة التي أعيد تشكيلها في أفريقيا بعد وفاة مؤسّسها يفغيني بريغوجين.
– يتأثر الوضع السياسي الداخلي في إيطاليا بالتحركات الروسية في تونس. فقد انقسم موقف روما الرسمي حيال الحرب في أوكرانيا. ففيما أيدت ميلوني أوكرانيا وأدانت روسيا، أبدت مواقف حليفها الزعيم اليميني المتطرف ماتيو سالفيني انفتاحا على الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. وتتحدث تحليلات إيطالية عن تخوف مما اسموه “تحريضا” روسيا على الهجرة غير الشرعية باتجاه الشواطئ الإيطالية.
– يأتي هذا التطوّر إثر مسار لتعزيز العلاقات الروسية الجزائرية مقابل تعزيز علاقات غربية (لا سيما فرنسا والولايات المتحدة) مع المغرب. كما أن تونس أبدت ميلا إلى الجزائر يرقى إلى مستوى التحالف. وقد استضافت تونس في أبريل الماضي قمّة تشاورية مع الجزائر وليبيا تلبية لآلية ثلاثية دعا إليها الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون. كما أن خلافاً دب بين تونس والمغرب إثر دعوة تونس لممثل جبهة البوليساريو لحضور قمة “تيكاد 8″ (قمة طوكيو الدولية للتنمية في أفريقيا) التي انعقدت في تونس في سبتمبر 2022، ما يؤكد مغادرة تونس لموقع الحياد في نزاع الصحراء وتحيّزها للجزائر.
*في فبراير الماضي أشار تقرير لـ “معهد واشنطن” إلى أن الولايات المتحدة لم تعلن بعد عن “موقفها النهائي بشأن التعامل مع دول مثل تونس، التي تشهد تزايدًا في النزعات الاستبدادية وبروزًا متزايدًا للمشاعر المعادية للغرب”. ويثير هذا الغموض تساؤلات مهمة حول النهج الاستراتيجي الذي تتبعه واشنطن في منطقة عالقة بين الانتماءات التاريخية والإغراءات التي تقدمها الشراكات الجديدة.
– أشار التقرير إلى أنه إذا قامت تونس، وهي حليف مهم من خارج منظمة “حلف شمال الأطلسي” (الناتو) وشريك أمني للولايات المتحدة، بتغيير تحالفاتها، قد لا يتحول مشهد القوى العالمية تحولًا جذريًا. لكن هذا التحول يمكن أن يعزّز بشكل ملحوظ موقف روسيا الاستراتيجي في البحر الأبيض المتوسط.
– لفت التقرير إلى أن انخراط تونس مع القوى الشرقية، بما في ذلك مبادراتها للانضمام إلى مجموعة البريكس والتقرب من روسيا والصين، يعكس دليلا على انفصال تونس الحاسم عن التحالفات الغربية.
– حذر أيضا من أن التهديد الوشيك بالانهيار الاقتصادي، والذي تعاظم بسبب تردد الرئيس في الموافقة على شروط صندوق النقد الدولي سعيًا منه لتجنب التفويضات الخارجية، قد يحفز تونس أكثر على النأي بنفسها عن العلاقات الغربية.
– في ظل هذا الوضع، قد يضطر الرئيس سعيد، بعد إعادة انتخابه، إلى دراسة العروض الاستراتيجية، مثل منح روسيا قاعدة عسكرية أو فتح أحد المرافئ التونسية أمام الصين، لتكون بمثابة شبكة أمان مالي.
خلاصة:
**رغم عدم وضوح أهداف حركة الطيران الروسي في مطار جربة على الحدود مع ليبيا غير أن الحدث يكشف تحقيق تونس خطوات متقدمة في علاقاتها مع روسيا قد تشمل تسهيلات عسكرية لروسيا ما زالت على مستوى منخفض حتى الآن.
**رغم ارتباط تونس باتفاقات مع دول الاتحاد الأوروبي وحلف الناتو، غير أن تطوّر علاقاتها مع روسيا والصين قد يكون رسالة مباشرة إلى الغرب وصندوق النقد الدولي لتخفيف الضغوط التي قد تدفع تونس إلى الذهاب أكثر باتجاه روسيا والصين.
**تعتبر إيطاليا التحركات الروسية العسكرية المزعومة في تونس خطرا مباشرا على أمنها الاستراتيجي كونها الأقرب إلى السواحل التونسية. وكانت روما نبهت حلفاءها الغربيين إلى ضرورة تفهّم ظروف تونس لوقف ابتعادها عن الغرب.
**قد تدفع الظروف الاقتصادية الصعبة في تونس الرئيس التونسي قيس سعيد إلى منح روسيا تسهيلات عسكرية في تونس بما في ذلك إنشاء قاعدة عسكرية على شواطئ البحر المتوسط.