إقالة أبرز وجوه طاقم بزشكيان: هل تذهب إيران إلى المواجهة مع ترامب؟

تقدير موقف، مركز تقدم للسياسات

تقديم: تدفع إقالة وزير الاقتصاد الإيراني من قبل البرلمان كما استقال مساعد الرئيس الإيراني (بدل الإقالة) إلى الاعتقاد بأن مؤسسات المحافظين بزعامة المرشد ذاهبة إلى إضعاف موقع الرئيس الحاكم من خلال تقويض قوة طاقمه، وأن طهران تبعث برسائل متشددة ضد واشنطن والغرب، لا سيما في منع التفاوض والالتزام بوصايا المرشد في هذا الصدد. ويأتي هذا التطوّر وسط ارتفاع لهجة إسرائيل والولايات المتحدة بصدد الخيارات المطروحة للتعامل مع إيران.

– في 2 فبراير 2025، قدم محمد جواد ظريف استقالته من منصب مساعد الرئيس الإيراني للشؤون الاستراتيجية. أتت هذه الاستقالة بعد جلسة الاستماع في البرلمان في قضية عزل وزير الاقتصاد عبد الناصر همتي.
– كان البرلمان الإيراني قد قرر عزل وزير الاقتصاد، وذلك بعد 8 أشهر تقريبا من تشكيل حكومة الرئيس مسعود بزشكيان، وقرر البرلمان مساءلته حول أزمة ارتفاع معدل التضخم والتراجع الكبير في سعر صرف العملة الوطنية الريال.
-همتي من الشخصيات الإصلاحية والأساسية في حكومة بزشكيان، وكان شغل سابقا منصب محافظ البنك المركزي، كما كان أحد المرشحين المنفسين للرئيس الراحل إبراهيم رئيسي في الانتخابات الرئاسية عام 2021.
-في 3 فبراير،، كشف ظريف أن استقالته من منصبه جاءت بناءً على “نصيحة” من رئيس السلطة القضائية حسين محسني إيجئي بالعودة إلى الجامعة، وذلك لتخفيف الضغوط على الحكومة. وقال في منشور عبر منصّة “إكس”: “آمل أن يؤدي انسحابي إلى إزالة العقبات أمام تحقيق إرادة الشعب ونجاح الحكومة”.
– تُبرّر الضغوط على ظريف بأنها تعود إلى قانون الوظائف الحساسة، فيرى المعارضون له أن تعيينه في منصب مساعد الرئيس للشؤون الاستراتيجية كان غير قانوني، لأن اثنين من أبنائه يحملان الجنسية الأميركية، وهي مسألة أثارت جدلًا واسعًا في الإعلام وأوساط المعارضين خلال الأسابيع الأخيرة.
-تطلبت قوانين صادرة عام 2022 أن تتدخل أجهزة الأمن والاستخبارات في تفحّص ملفات كل الشخصيات المرموقة المعيّنة في مناصب حساسة في الدولة ما عدا تلك التي يعينها المرشد. ويعتقد أن ضغوط في هذا الصدد مورست من قبل الحرس الثوري للتخلّص من ظريف.
-قالت مصادر إن تحرّك رئيس السلطة القضائية أتى بناء على توجبه من شخصية قيادية كبرى. وفيما رجّحت هذه المصادر أن تكون تلك الشخصية هي المرشد علي خامنئي، لم تستبعد مصادر أخرى أن يكون الرئيس مسعود بزشكيان وراء هذا الأمر من ضمن تضارب تحليلات بشأن “مؤامرة” مفترضة في هذا الإطار.
-كانت أنباء سابقة في طهران قد تحدثت عن توترّ بين ظريف وبعض مستشاري بيزشكيان، لكن ذلك لم يكن ليذهب إلى إخراج ظريف من الطاقم الحاكم، إلا إذا كانت الضغوط مصدرها سلطة تفوق مؤسسة الرئاسة.
-في نفس الجلسة البرلمانية التي كانت تدرس ملف وزير الاقتصاد، وفي سياق ربط الأزمة الاقتصادية بالعقوبات، قال بزشكيان: “كنتُ أعتقد أنه ينبغي التفاوض مع أميركا، لكن عندما أعلن المرشد أنه لا يجب التفاوض مع أميركا، قلنا لن نتفاوض”. -لم يفهم المراقبون ما إذا كان تصريح بزشكيان هدفه التعبير عن طاعة المرشد والولاء له، أم بالعكس تحميل المرشد ضمنيا مسؤولية تدهور الوضع الاقتصادي.
-قالت مصادر إعلامية إيرانية أن بزشكيان تعرّض لانتقادات من قبل تيارات مؤيدة له اعتبروا أن تأييدهم له كمرشح إصلاحي وحيد في انتخابات عام 2024 ليخلف الرئيس المتشدد إبراهيم رئيسي، قام على أساس برنامجه للتفاوض مع الغرب والعمل على رفع العقوبات. ونقلت المصادر عن رجل الدين المعتدل محمد ريناني قوله إنه إذا كان رأي خامنئي يسود، “لماذا نحتاج إلى رئيس؟”.
-يرى مراقبون أن تصريح بزشكيان وعزل همتي واستقالة (أو إقالة) ظريف تطوّرات تكشف عن انقلاب تنفذه “الدولة العميقة” بقيادة المرشد على الفلسفة السابقة التي أسّست لهندسة انتخابات رئاسية أتت ببزشكيان رئيسا في يونيو 2024. وقامت تلك الفلسفة على تحضير إيران لمبدأ التفاوض مع دونالد ترامب الذي رُجح حينها أن ينتخب رئيسا للولايات المتحدة.
-يضيف المراقبون أن هذه التطوّرات تبعث برسائل عدم مرونة والتلميح إلى رفض الاندفاع إلى التفاوض والعودة إلى انتهاج سياسة حافة الهاوية.
-ترى مصادر في إيران أن طهران تودّ التأكيد على متانة وضعها الجيوستراتيجي على الرغم من الضربات التي لحقت بأذرعها في الخارج، لا سيما حزب الله في لبنان، والغارات الإسرائيلية التي تعرّصت لها البلاد مباشرة، وتصاعد تهديدات إسرائيلية قد تسمح بها إدارة ترامب بضرب البرنامج النووي.
-في 7 نوفمبر 2025، أكد المرشد الإيراني علي خامنئي موقفه الرافض لأي مفاوضات مع الولايات المتحدة، معتبرًا أنها “ليست فكرة ذكية ولن تحلّ مشاكل إيران”، مشيراً إلى أن التجارب السابقة أثبتت عدم التزام واشنطن بتعهداتها، حتى بعد تقديم طهران لتنازلات كبيرة.
-يعتبر خبراء أن فقدان بزشكيان لظريف وهمتي، وهما من أعمدة طاقمه الحاكم، يسدّد ضربة له من شأنها فتح الأبواب أمام احتمالات الإذعان الكامل لنفوذ الجناح المتشدد، أو الاستقالة.

خلاصة:

**تعتبر إقالة وزير الاقتصاد (همتي) واستقالة مساعد للرئيس (ظريف) ضربة لمنظومة الحكم التي يرأسها بزشكيان وتقويضا لحكومته وإضعافا لبرنامجه السياسي الذي انتخب على أساسه.
**يرجّح أن استقالة ظريف جاءت نتيجة ضغوط مباشرة أجبرته على الاستقالة قبل اللجوء إلى الإقالة، وأن ضغوطا عليا دفعت رئيس القضاء لنصح الرجل بالاستقالة.
**كان لافتا تصريح بزشكيان بأنه كان يخطط لفتح المفاوضات مع الغرب لرفع العقوبات عن إيران، وقد توقف عن ذلك بسبب رفض المرشد للمفاوضات. وتعرّض بسبب هذا التصريح إلى انتقادات من مؤيديه.
**يقوم تناقض بين فلسفة المتشددين في تحميل الحكومة مسؤولية التدهور الاقتصادي، فيما يرى بزشكيان أن المشكلة تتعلق بالخيارات السياسية التي أدت إلى العقوبات، بما يعني تحميل المرشد مسؤولية الأزمة الاقتصادية.
**استقالة ظريف الذي قاد المفاوضات التي أدت إلى إبرام الاتفاق النووي لعام 2015، يمثل رسالة إلى الغرب، وللولايات المتحدة خصوصا، بأن إيران ملتزمة بتوصية المرشد بعد الذهاب إلى المفاوضات.
**تأتي رسائل التشدد من طهران وسط تصعيد إسرائيلي أميركي بشأن الخيارات المقبلة للتعامل مع ملف إيران.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.