إعلان جدة بشأن الصراع السوداني : خيارات الجيش والدعم السريع العسكرية تطغي على المنبر

تقدير موقف
مركز التقدم للسياسات
تقديم :
وقع الجيش السوداني وقوات الدعم السريع علي وثيقة الإعلان الإنساني في جده استجابة للمبادرة السعودية والأمريكية الرامية لانهاء الحرب بينهما ، والتزم الطرفان بتسيير العمل الإنساني وتلبية احتياجات المدنيين، مؤكدين التزامهم بسيادة السودان والحفاظ على وحدته وسلامة أراضيه ، وعلي تأمين مصالح وسلامة الشعب السوداني وجعلها أولوية رئيسية.
التزم الطرفين أيضا بالسماح  للمساعدات الإنسانية بالمرور دون أي عوائق، واعتماد إجراءات بسيطة وسريعة لعمليات الإغاثة الإنسانية، والامتناع عن تجنيد الأطفال واستخدامهم في الأعمال العدائية، والالتزام بحماية العاملين في المجال الطبي والمرافق العامة ، والسماح لجميع المدنيين بمغادرة مناطق الأعمال العدائية ، مؤكدين التزامهما بالتمييز بين المقاتلين والمدنيين في جميع الأوقات وفق القوانين الدولية.
تحليل :
– إعلان جدة للمبادئ بين الجيش والدعم السريع ، شكل احباطا للشارع السوداني لخلوه من النصوص المتعلقة بعملية وقف اطلاق النار واليات المراقبة المصاحبة لها   , مما أدي لعدم تأثيره علي مجريات القتال بين الطرفين وحياة المواطنين العالقين وسط نيران المعركة , الامر الذي يجعله يبدوا كخطوة فنية أولوية تهدف لإنقاذ المنبر وشرعنه المبادرة السعودية الامريكية , خصوصا بعد تقدم الرئيس التركي بمبادرة لاستضافة طرفي الحرب , ونشاط الدبلوماسية المصرية بالتنسيق مع تشاد وجنوب السودان وذلك من أجل إحياء المبادرات الأفريقية .
– حدد إعلان جدة طرفا الحرب “الجيش والدعم السريع” ونجح في تعريفه للصراع كخلاف عسكري وسياسي بين مؤسستين من مؤسسات الدولة، بعيدا عن شرعية تمثيل الحكومة، الامر الذي قد يمهد مستقبلا لتشكيل حكومة مدنية في حال التوصل لاتفاق نهائي .
– إعلان جدة هو تأكيد لإرادة جميع الأطراف في دعم الحل السياسي للصراع، وهو المهم في هذه المرحلة، والتي تتطلب دعمها سياسيًا من القوي المدنية ، وإقليميا من المنظمات والهيئات الدولية ، علي نحو يدعم الإجراءات الفنية اللازمة لوقف النار ونجاح الهدنة كمقدمة للحل.
– تحديات المبادرة السعودية الأمريكية للتوفيق بين طرفي الصراع كبيرة ، أكبرها ، رغبة طرفي الحرب في حسمها عسكريًا , وثانيها , تقاطع المصالح الاقليمية والدولية الذي تجلى في تحركات دول الجوار السوداني , والتصريحات الصينية والروسية حول ضرورة أفريقانية الحل للصراع السوداني ..
– عدم الوصول لاتفاق حول وقف اطلاق النار سيزيد من حدة المواجهات بين طرفي الحرب وذلك لكسب مواقع جديدة و موقف تفاوضي قبيل اتفاق وقف إطلاق النار، وسيسعى أصحاب الأجندة الحربية “الإسلاميين” تحديدا ، لتخريب هذه المجهودات التي تتعارض مع مصالحهم , ويلاحظ ارتفاع الصوت الرافض لإعلان جوبا داخل عناصر النظام القديم , ولم يصدر بيان ترحيبي من الجيش أو الخارجية السودانية حتي اليوم بخصوصه , بينما رحبت القوي السياسية والمدنية بالخطوة مع مطالبتها بتطويرها ورفدها بخطوات سياسية ,
– منبر جدة يمثل فرصة جديدة للمكون المدني بكل تحالفاته السياسية لانتزاع زمام المبادرة من الأطراف العسكرية وفرض الحل السياسي الشامل للأزمة.
الخلاصة :
ما لم تتدخل أطراف المبادرة بالضغط على طرفي الحرب في السودان من اجل التنازل عن اجندتهم العسكرية, وتفسح مجال للدور الافريقي ودول الجوار في العملية السلمية منعا لظهور منابر جديدة تضعف فرص الحل السياسي بتعدد المبادرات , فسيواجه اعلان جدة والمبادرة الامريكية خطر الفشل والانهيار , مما سيفاقم من مخاطر الحرب الاهلية والنزعات الانفصالية , وانتشار رقعة الصراع المسلح في منطقة وسط وغرب أفريقيا مما سيشكل نتائج كارثية تداعياتها الاقتصادية والأمنية ستتجاوز القارة الافريقية

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.