إضاءات على المشهد الأسبوعي الإسرائيلي

إسرائيل لا زالت عاجزة عن تجاوز صدمة السابع من أكتوبر

أمير مخول، مركز تقدم للسياسات

1. مناورات نتنياهو السياسية عشية السابع من اكتوبر

على خلفية التقديرات المتشائمة بأن مقومات حياة الاسرى والمحتجزين في خطر بمرور عام، وبأنالحملة العسكرية المكثفة المتجددة على شمال القطاع قد تشكل خطرا على من بقوا على قيدالحياة، عقد نتنياهو عشية السابع اكتوبر/تشرين اجتماعا امنيا مساء الاحد 6 أكتوبر، خصصلمناقشةأفكار جديدةتتعلق بالطريق المسدود بشأن الصفقة في غزة.  جاء الاجتماع بناء علىطلب الوزيرين سموتريتش وبن غفير في سياق اعلان نتنياهو نقل مسؤوليةالمساعدات الانسانيةلقطاع غزة الى الجيش.

عارض كل من رئيس اركان الجيش ورئيس الشاباك وبشدة توجه رئيس الحكومة واعتبروه إشغالاللجيش في قضايا ليست من دوره، وانه يتطلب تخصيص قوات كبيرة وعلى حساب حاجة الجيشللجنود لمهام حربية في لبنان والضفة الغربية ولتغطية تكلفة شراء الاغذية والمواد الطبية وعمليةالتوزيع. كما اشار الجيش والشاباك الى ان نقل المسؤولية الى الجيش سيعرّض الجنود للخطر.

ترفض المنظمات الدولية الانسانية والوكالات الأممية القيام بأي دور يكون في إطار سياسةاسرائيل بترسيخ الاحتلال وشرعية وجودها في قطاع غزة، كما ان هذه الوكالاتلن تشارك فيخطة لا تقع ضمن مسؤوليتها الكاملة“. كما وان المساعي الاسرائيلية في الدفع لإقامة منظومةدولية او عربية تقدم المساعدات الانسانية لأهالي غزة اخفقت حالياً. هذا مع الاشارة الى تدميراسرائيل لكل منشآت وبنية وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيينالاونروا.

تقوم فكرة نقل الموضوع اعلاه الى مسؤولية الجيش على التقديرات بأن نقلها الى مقاولي تنفيذفلسطينيين مقبولين على اسرائيل قد فشلت، ولا تعفي اسرائيل من مسؤولياتها القانونية وفقاللقانون الدولي. بينما أمنياً تفيد تقديرات الجيش والشاباك الى ان حركة حماس قد نجحت فيالسيطرة على هذه المساعدات وفرض ضرائب على المعتمدين من قبل جيش الاحتلال، ووفقاللشاباك فإنها تعيد بناء نفسها وتعزيز نفوذها من خلال هذه المساعدات والمنظومة التي اقامهاالجيش.

يعتبر وزير الحرب غالنت اول من توصل الى ضرورة اقامة منظومة تحت السيطرة الاسرائيليةالمباشرة وقوامها مجموعات مستفيدة من فلسطينيينغير معادين لإسرائيل، وقد اشار في شهراذار الى مشروع تجريبي يجري تطبيقه في حي الزيتون في مدينة غزة وقوامه تقسيم المدينة كماكل قطاع غزة الى مربعات منفصلة فلسطينياً وتحت ادارة الجيش الاسرائيلي، ومعتقدا بأن مثلهذا المشروع سيضمن مصادرة سلطات حماس المدنية والادارية سعيا لتقويضها الى جانبالضربات العسكرية سعيا لتفكيكها.

يقوم نتنياهو بتسويقالافكار الجديدةاسرائيليا باعتبار ان حركة حماس حين تشعر بأناسرائيل تقوم بمصادرة صلاحياتها الادارية والحاكمة، فإنها سوف تستسلم لشروط اسرائيلبشأن صفقة التبادل والتهدئة. وهي رسالة موجهة الى عائلات وذوي الاسرى والمحتجزينالاسرائيليين في غزة الذين تتعزز لديهم القناعة بأن الحكومة الحالية لن تعيد ذويهم وهم على قيدالحياة، وبات اليأس من الحكومة يسيطر على حراكهم، والذي تعزز بانضمام غدعون ساعر وحزباليمين الرسمي اليها.

تأتي هذه المشاورات الامنية في ظل السعي الاسرائيلي الى انشداد الانظار دوليا الى الجبهةالشمالية والحرب الاسرائيلية ضد حزب الله ولبنان، والسعي لتحويلها الى حرب اقليمية بدعمامريكي. اذ تعتبر حكومة اسرائيل ومعها المعارضة بأن غزة كما الضفة الغربية باتت تتموضع فيالساحة الاسرائيلية الخلفية، وبأن التوقيت مؤاتٍ لإسرائيل لتطبيق مخططاتها التصفوية المعلنةوغير المعلنة رسميا.

يبدو ان هذه المشاورات وعشية السابع من اكتوبر جاءت في إطار العبث بجدول الاعمالالاسرائيلي وصرف الانظار عن استحقاقات مرور عام كامل على حرب الابادة المستدامة والاخفاقالاكبر في تاريخ اسرائيل. بشكل حصري لتجاوز الضغط الشعبي الاسرائيلي الداخلي بصددالصفقة واتهام نتنياهو شخصيا بأنه من يعوّق إبرامها، ثم لتجاوز المطالبة بإقامة لجنة تحقيقرسمية، والتي وفقا لنتنياهو قد تقام لكن فقط مع نهاية الحرب المفتوحة.

بدوره ايضا، يأتي خطاب نتنياهو الناري ضد الرئيس الفرنسي ماكرون في سياق الالتفاف علىاستحقاقات السابع من اكتوبر. فقد خصص رئيس حكومة اسرائيل شريطا مسجلا في اعقابتصريح ماكرون بضرورة تعليق بيع الاسلحة لإسرائيل والتي تستخدمها في حربها على غزة. وكانماكرون قد زار اسرائيل مباشرة بعد السابع من اكتوبر وساندها بشكل مطلق وفقا لتصريحاتهقبل عام. بينما يعتبره نتنياهو بأنه يقف في المكان الخطأ والمشين تاريخيا وأن اسرائيل ستنتصرسواء مع دعم فرنسا او بدونه لكن وصمة العار ستلاحق ماكرون، الذي خرج عن معسكر قوىالتحضر والخير الذي تقوده اسرائيل نيابة عن الغرب بأكمله في التصدي لإيران وحلفائها وفقالنتنياهو.

من المعروف ان نتنياهو كما حكام اسرائيل لا يأبهون لاي موقف من اية دولة او هيئة أمميةباستثناء الولايات المتحدة التي يعتبرونها مصدر الشرعية والقيم. بينما يستغل خطابه لمحاربة ايصوت دولي يعيد تركيز الانظار على غزة التي تتعرض لحرب الابادة المتواصلة. في حين سيقومبتسويق نفسه اسرائيليا داخليا بأنهالوحيد الذي يقف في وجه الضغوطات الخارجية، وفيافتعال المواجهات فإنه يتهرب من مواجهة استحقاقات الصفقة.

يدرك نتنياهو بأنه بقيامه بالخطوات المذكورة اعلاه داخليا وخارجيا، فإن المعارضة البرلمانية غيرقادرة على بلورة موقف خارج إطار سياسته في ادارة الحرب وحصريا منذ انسحاب غانتسوايزنكوت من كابنيت الحرب. حتى انها غير جاهزة للمطالبة بلجنة تحقيق او بوقف الحرب، بلتدعمها. ان المحاججة التي كانت بأن الانتقال الى الحرب على الجبهة الشمالية انما كان بالإمكانتداركه لو أبرم نتنياهو الضفقة والتهدئة متعددة الجبهات.

للخلاصة:

يبدو ان نتنياهو قد يحقق بشكل لحظي غايته بالالتفاف على استحقاقات السابع من اكتوبروفيما يتعلق بالصفقة والتهدئة، او بتحمل مسؤولية الاخفاق الاكبر في تاريخ اسرائيل اوفي مسألة اقامة لجنة تحقيق رسمية.
رغم ارتفاع شعبيته في اعقاب الاغتيالات في لبنان، يبدو ان جدول الاعمال الاسرائيلي لايستطيع تجاوز اخفاق السابع من اكتوبر وتداعياته.
بسبب انشغال العالم في الحرب في لبنان واحتمالات الحرب الإقليمية،  تتزايد الأصوات الحكومية بأن التوقيت مؤاتٍ لإسرائيل لتطبيق مخططاتها التصفوية المعلنة وغير المعلنةرسميا في الضفة الغربية،
دون الدخول في موقف فرنسا ورئيسها المشين في دعم الحرب في بدايتها ومبايعة حربالابادة، الا ان خطاب نتنياهو المهين لماكرون ولفرنسا قد يكون فرصة في تقويض الروايةالاسرائيلية القائمة على جنون العظمة وعلى اهانة الانسانية برمتها من خلال تصوير نفسهحاميالتحضّر“.
يسعى نتنياهو الى الضغط دوليا لإقامة منظومة تأخذ على عاتقهاالمساعدات الانسانيةولتخليص الاحتلال الاسرائيلي من هذه المسؤولية قانونيا.

2. هل تعود غزة والضفة الى الواجهة؟

عشية السابع من اكتوبر أعلن جيش الاحتلال الاسرائيلي البدء بقيام بعملية كبيرة في شمالقطاع غزة، وقد أسقط بياناته من الجو على سكان غزة داعيا اياهم الى مغادرة المنطقة فوراوالتوجه الىالمناطق الامنةومرفقا اوامره بخارطة توضيحية. وفقا للبيان فإن حماس تستعيد بناءقواتها القتالية وتستخدم منشآت مهجورة كانت تابعة للأونروا قواعد لها.

عقب مكتب رئيس الحكومة بأنه لا نية لتطبيقخطة الجنرالاتوبأن هذا الاجراء الحربي لا يندرجفيها. وهي الخطة التفصيلية بصدد افراغ كل المنطقة شمال وادي غزة ومحور نيتسريم الاحتلاليمن كافة سكانه بما فيه مدينة غزة وتحويله الى منطقة اسرائيلية تعلن الدولة ضمنها وتتاح امكانيةاستيطانها وهي خالية من اي تواجد سكاني فلسطيني، اذ ان النزوح السكاني القسري الذياعلنه الجيش مؤقتا بات مستداما كما كل حالات النزوح واللجوء منذ 1948 مرورا ب 1967 ولغايةاليوم.

ثبت في السياسة الاسرائيلية وحصريا بعد احتلال العام 1967 ان عقيدة الاستيطان اقوى من ايقرار حكومي متحفظ لفظيا وفي نهاية المطاف داعم فعليا.

تقوم الرواية الاسرائيلية الرسمية على ان غاية هذه العمليات الحربية الكبرى هي منع حماس مناعادة تشكيل منظومتها، وبأن التكثيف العسكري يشكل قوة ضاغطة على حماس كي يخضعللإملاءات الاسرائيلية فيمفاوضات الصفقةالتي باتت تبدو هدفا بحد ذاته بدلا من ابرامها.

شكلت رشقة الصواريخ من خان يونس باتجاه تل ابيب الاثنين 7 اكتوبر 2024 لتخلط التقديراتالاسرائيلية الاعلامية والتي عادت لتتحدث عن ان الحسم العسكري لوحده لا يمكن ان يوفرمخرجا، بينما معظم المواقف تدعو الى التصعيد الحربي وليس الى المنحى السياسي.

. في الضفة الغربية:

شهد الاسبوع الاخير تصعيدا حربيا غير مألوف على الضفة الغربية وحصريا على مخيم طولكرمالذي قصفته الطائرات الحربية مما تسبب في استشهاد 18 فلسطينيا اضافة الى عشراتالاصابات الصعبة، يضاف الى الدمار الهائل في البنى التحتية للمخيم نحو تحويله الى منطقةغير قابلة للحياة. وسعيا الى جعل المنطقة المحيطة قابلة للاستيطاني اليهودي.

فيما شدد نتنياهو في معظم خطاباته مؤخرا على تعدد الجبهات معتبرا الضفة الغربية جبهةحربية بكل معنى الكلمة، ويجري تطبيع هذا المفهوم اسرائيليا، مما يشير الى النوايا بالتعاملمعها بأدوات الحرب المكثفة، سواء في شمال الضفة وكذا في جنوبها بالإغلاقات التي تطال الخليلوالبلدات في محيطها، وربط كل ما يحدث في الضفة بالتحريك الايراني وفقا لحكومة نتنياهو.

فيما يتواصل بكثافة مخطط التغيير الجوهري في الوضع القائم في القدس والاقصى والذي يقودهالوزير بن غفير، والقائم على فرض امر واقع على الارض دونما اي اكتراث للموقفين الفلسطينيوالاردني وللموقف الدولي.

يصطدم المخطط الاحتلالي الاسرائيلي الهادف الى الضم وجس النبض بشكل تدريجي لتطبيقخطة الحسم من لدن الصهيونية الدينية بتمحور عربي واقليمي ودولي بقضية فلسطين ولمنعمخطط تغييبها، وهو ما تؤكده القيادة الفلسطينية وما تشدد عليه المملكة العربية السعودية كماويجد تعبيرا عنه في التقارب المصري التركي والتحركات على مستوى الدول الاسلامية والاوروبية،وكان اخر هذه المؤشرات تصريحات ماكرون المشار اليها في هذا التقرير، والتي تعتبرها اسرائيلعدائية، وذات مسعى لمواجهة الرواية الاسرائيلية السائدة باعتبار محور الصراع هو مع ايرانوليس حول قضية فلسطين.

يبدو ان التصعيد في غزة والضفة والقدس له اهداف للضغط على الدول العربية لدفعها الى تحملالمسؤولية تجاه مشاريع اسرائيل الاحتلالية، ولدفعها الى القبول بشروط اسرائيل في اقامةمنظومة عربية دولية تقوم بتقديم المساعدات الانسانية في غزة تحت الاحتلال الاسرائيلي وضمنتقسيم وبتر غزة القائم فعليا حاليا واعتباره امرا ثابتا. كل ذلك يلاقي رفضا عربيا ودوليا قاطعا.

بدأت اصوات تحليلية اسرائيلية تحذر نتنياهو وحكومته من الايغال في الرهان على جنون العظمةوعلى قدرة اسرائيل في تهديد الامن القومي العربي والاقليمي، وفي فرض شروطها حتى علىالدول الوسيطة في مفاوضات الصفقة في اشارة الى مصر وقطر، كما التحذيرات من تهديد الامنالقومي المصري فيما يتعلق بمحور صلاح الدين/فيلادلفي ومحور نيتسريم ومنع عودة النازحينالى شمال القطاع مما ترفضه مصر مبدئيا كما ويبقي التلويح بمشروع التهجير خارج غزة قائما.

للخلاصة:

مركب جوهري في الاستراتيجية الاسرائيلية هو تغييب قضية فلسطين وحصريا في ظلاجواء التوتر الاقليمي الخطير والحرب على الجبهة اللبنانية. هذا التوجه يخدم استراتيجيةاسرائيل في خلق اصطفاف ضد إيران ولتفكيك وحدة الساحات وجبهات الاسناد، واخراجقضية فلسطين من المعادلات الاقليمية والدولية.
لا تزال مساعي اسرائيل الحربية رغم كثافتها ورغم امتلاكها لأحدث الترسانة الامريكية ، الا انها غير قادرة على تحقيق اهدافها، ولا تتوفر اية ضمانات لتحسن وضعيتهاالاستراتيجية.
لا تزال قضية فلسطين كما ولا يزال الامن القومي العربي والاقليمي مهددين من قبلاسرائيل، في حين تخشى اسرائيل ان المساندة الامريكية الدبلوماسية لن تنقذها منورطتها في هذا الصدد، ولا من تراجعها وزنها الاستراتيجي اقليميا ودوليا.
مساعي حكومة نتنياهو لحسم قضية قطاع غزة وترسيخ احتلالها تولّد نقيضها السياسيوهو التحدي امام الدبلوماسية الفلسطينية والعربية لاستغلال ذلك.

3. استطلاع اليأس في المجتمع الاسرائيلي

في استطلاع واسع النطاق نشرته معاريف 7/10اجراه المعهد الاسرائيلي للدمقراطية بمناسبةمرور عام على اخفاق السابع من اكتوبر واعلان الحرب يتبيّن التراجع الكبير في الترابطالاسرائيلي الداخلي وفي الشعور بالأمن والأمان وفقدان الثقة بالطبقة الحاكمة بمجملها. في حين 76% من اليهود يشيدون بالقدرات القتالية للجيش فإن المستوى السياسي يحظى بنسبةمتدنية وحصريا نتنياهو وبن غفير ورئيس المعارضة لبيد.

فيما تشير المعطيات بأن الشعور بالأمن والامان قد تراجع بشكل شامل بحسب ثلثي المستطلعين،والى تراجع لغاية النصف (26%) في نسبة الذين يشيدون بالتكافل والتضامن الداخلي فيالمجتمع الاسرائيلي، وهو ما ينعكس في خطاب التفكك الداخلي وفي حركة الهجرة الواسعةللخارج لدى الاسرائيليين، ومقابل خطابمعا ننتصروالنصر على بعد خطوةالذي يروج لهنتنياهو.

38% من الجمهور في اسرائيل يعتقدون بأن التهديد الخارجي الاكبر لإسرائيل هو حرب اقليميةشاملة ومتعددة الجبهات، مقابل 8.5% فقط يعتقدون ان الموضوع الفلسطيني هو التهديد الأكبر.

غالبية واضحة بنحو ثلثي المستطلعين يؤكدون ان الهدف الاول للحرب على غزة هو اعادةالمحتجزين والاسرى، مقابل 29 بالمائة يعتقدون بأن تقويض حماس هو الاولوية. ولأول مرة تظهراغلبية طفيفة (52%) تؤيد انهاء الحرب على غزة بينما نصف المؤيدين لإنهاء الحرب يبررون ذلكبعودة المحتجزين احياء.

كما تنحصر ب 8% نسبة اليهود الذين يؤيدون عودة السلطة الفلسطينية الى حكم غزة،

يمنح 23% من المستطلعين درجة عالية لنتنياهو في ادارة مفاوضات الصفقة مقابل 27% يشيدونبدور الطاقم الامني المفاوض و13% للوسطاء. وهو ما يدل بأن نتنياهو لا يزال يحظى بتأييد واسعفي هذا الصدد.

وفقا لاستطلاع سابق في معاريف من الرابع من اكتوبر فإن 66% من الاسرائيليين فكّروا اويفكرون بالهجرة وترك البلاد.

للخلاصة:

لا يزال مؤيدو وقف الحرب اقلية بنحو الربع، وهي ليست بالقليلة نظرا للحالة الاسرائيلية،يضاف اليهم نسبة مضاهية تؤيد نهاية الحرب لضمان الصفقة وعودة المحتجزين. وهذامؤشر الى ضعف المعارضة التي لا تطرح اي بديل يدفع نحو وقف الحرب واستغلال وجودقطاع اخذ بالاتساع مستعد لهذا الموقف.
لا يوجد اي اكتراث اسرائيلي لمصير غزة، والعداء لعودة السلطة الفلسطينية هو عداء لمجملفكرة ربط مصير غزة والضفة ولفكرة الدولة الفلسطينية.
منحى التفكك وعدم التكافل لا يزال قائما وبقوة، وكل الاجماع الذي انطلقت منه الحرب بدأيتآكل بشكل واضح.
مسألة حجب الثقة عن الطبقة الحاكمة برمتها، دونما بدائل قد تفسح المجال لتحكّم الشعبويةالتي يتقنها نتنياهو واليمين.
هناك تراجع واضح في شعبية بن غفير وفي شعبويته، لصالح أقصى اليمين المركزي، مما قديدفعه واوساطه الى التصعيد في القدس والاقصى وتجاه فلسطينيي48 سعيا لاستعادةالتأييد الذي رافقه غالبية اشهر الحرب.
لا توجد مؤشرات لصحوة، ولا توجد مخارج سياسية اسرائيلية من الازمة الاعمق في تاريخالدولة، وهناك تأييد واسع للمسار الحربي، مما يوحي بتعمق الازمة.

4. مؤشرات للثمن الاقتصادي للحرب المفتوحة:

يتوقع موقع ديماركر الاقتصادي (5/10) بأنه من غير الممكن تجاوز أزمتين متزامنتين في حالالحرب المفتوحة، مشيرا الى انفلات الفائدة البنكية والتضخم المالي وانخفاض ملحوظ في مستوىالمعيشة. ينطلق التقدير الاقتصادي بأن أي سيناريو آخر غير حرب طويلة، ستستمر لأشهر عديدةوربما حتى سنوات، سيكون مفاجئا في هذه المرحلة. بل ان تحليل مجريات الجبهة مع لبنان يؤكدان عملية تقويض حزب الله بالضربات الاولى من التفجيرات والاغتيالات لم تحقق غايتها بشكلكامل، بل أن الحرب الراهنة ستكون طويلة.

يعتمد التحليل الاقتصادي على ما ورد في تسويغات تخفيض التصنيف الائتماني الذي قامت بهموديزوالتي حددت بأن المنحى السلبي مستقبلا، فان اي تخفيض إضافي هو من باب التقديربأن الحرب ستكون طويلة ولا يمكن رؤية نهايتها، وحتى لو بقيت في مستوى المواجهات الحالية ولمتتحول الى حرب اقليمية شاملة مما سيفاقم الوضع. يؤكد التقرير بأنه نظرا لانعدام تقديراقتصادي سياسي شامل للوضع، لا من البنك المركزي الاسرائيلي ولا من وزارة المالية، على عكس ما هو حاصل في ادارة الحرب والسياسات.

وفقا للتقديرات فإن اسعار النفط الخام قد ارتفعت بنسبة 10% في اعقاب الهجوم الصاروخيالايراني على اسرائيل، وهذا ما حدث في الاسواق الامريكية، وفي حال تفاقم الوضع عسكريا بيناسرائيل وإيران فإن ازمة الاسعار تتفاقم. وهذا ما يعمل ضد ادارة بايدن وضد احتمالات انتخابهاريس لان ترامب هو المستفيد المفترض من ارتفاع اسعار النفط في الولايات المتحدة ونتيجةالتذمر الذي يحصل.

الا ان الاتجاهات ليست احادية الجانب ومن المتوقع ان تشهد البلاد نقصا في الايدي العاملةوارتفاعا في الأجور، وهذا ناتج عن التجنيد واسع النطاق وشبه الشامل لجنود الاحتياط للحرب. بينما ستضطر الدولة الى زيادة جوهرية في مصروفاتها لتعويض الجنود عن ايام الخدمةوالاضرار اللاحقة بمصالحهم. كما ان تغييب وحظر دخول أكثر من 80 ألف عامل فلسطيني الىداخل الخط الاخضر منذ عام، لم يجر استبدالهم بعمال اجانب، اضافة الى هجرة الادمغةوالاموال والشركات الناشئة وهي عوامل مجتمعة تدفع الى زيادة مصروفات الدولة والى تراجع فيجودة العمل وتقلص في الناتج القومي الاجمالي العام وللفرد، ويجعل التضخم يتسارع بشكلجوهري.

بينما يشير التقدير الى ان ارصدة اسرائيل واحتياطي العملة الاجنبية في البنك المركزي والتيتفوق 250 مليار دولار، تشكل ضمانة مهمة وتؤدي الى خفض وتيرة التراجع الى حين انتهاء الحربمستقبلا، حيث تتمتع اسرائيل بأساس اقتصادي قوي. إلا أن كل ما ذكر لا ضمانة له، ولااحتياطي العملة منع التدهور نحو الركود العميق. هناك اجماع بين الخبراء الاقتصاديين وقطاعالاعمال بأن استدامة الحرب ستدفع نحو ركود اقتصادي حاد. في حين تتوقع موديز نموااقتصاديا بنسبة 0.5% لا أكثر في العام 2024، و1.5% للعام 2025 مقابل 4% في التقديراتالسابقة. من جهتها تشير شركة S&P الى توقعها لوصول نسبة النمو الاقتصادي الاسرائيلي الىالصفر في العام 2024، مقابل 2.2% في العام 2025.

للخلاصة:

لا يزال الغموض بشأن التوقعات المالية والاقتصادية الاسرائيلية هو سيد الموقف، وفي غيابسياسة مالية واقتصادية فإن الامور في طريقها الى التفاقم.

الدعم الامريكي الكبير لا يضمن انتعاشا اقتصاديا بل يقلل من وقع اسقاطات الحرب والى حدمعين.

هناك اجماع على فشل وزير المالية سموتريتش واخفاق نتنياهو في ادارة الاقتصاد هو نتيجةطبيعية للفشل والاخفاق في ادارة الحرب الذي يعلي من الحل العسكري على غيره من الحلول.

معظم التقديرات تشير الى تخفيضات قادمة في التصنيف الائتماني الخاص بالاقتصاد الإسرائيلي.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.