أي دور لروسيا في اتفاق ينهي الحرب في لبنان؟
تقدير موقف، مركز تقدم للسياسات
تقديم: انشغل المراقبون في تفسير معلومات مصدرها إسرائيلي، عن اهتمام موسكو بالمشاركة باتفاق يتمّ اعداده لإنهاء الحرب في لبنان. أتت هذه المعلومات من ضمن مقترحات اتفاق تناقشها إسرائيل مع الإدارة الأميركية التي من المزمع أن ترسل دبلوماسيين رفيعي المستوى لمناقشة الأمر. فما هي حيثيات الدور الروسي وما هي خلفياته؟
نرصد هذا التحوّل الجديد من خلال إلقاء الضوء على المعطيّات والتطوّرات التالية:
– في يوم الأربعاء، 30 اكتوبر 2024، ذكر موقع “أكسيوس” الأميركي نقلاً عن 3 مصادر لم يسمها، أن مستشارَي الرئيس الأميركي جو بايدن الكبيرين: عاموس هوكستين، وبريت ماكغورك، سيصلان إلى إسرائيل، الخميس، لمحاولة إبرام اتفاق من شأنه إنهاء الحرب في لبنان. ونقل الموقع عن مسؤولين أمريكيين وإسرائيليين، ان الاتفاق يمكن التوصل اليه في غضون أسابيع قليلة.
– في 29 اكتوبر 2024، نقل موقع “روسيا اليوم” عن صحيفة “يديعوت أحرنوت”، أن موسكو أبدت استعدادها لدعم تنفيذ اتفاق نشرت الصحيفة تفاصيله بشأن إنهاء الحرب في لبنان. وفيما قالت الصحيفة أن إسرائيل تناقش هذا الاتفاق مع الإدارة الأميركية، فإن الإشارة إلى دور لروسيا أثارت اهتمام المراقبين.
– قالت الصحيفة الإسرائيلية إنه “من المتوقع أن تلعب روسيا دورا مهما في استقرار الأوضاع في لبنان وسوريا، حيث سيكون للروس دور خاص في مراقبة الاتفاق ومنع أي تصعيد إضافي، وهو ما تسعى إليه إسرائيل لتقليل اعتمادها على التدخل الأمريكي في المنطقة”.
– أضافت الصحيفة العبرية، أن هذه التطورات تأتي بمثابة مؤشرً على تحول في الديناميات الإقليمية، حيث يبدو أن روسيا تتطلع لتولي دور أكبر في لبنان، مع آمال في تحقيق استقرار طويل الأمد من خلال هذه الجهود.
– تشير هذه التطوّرات إلى تواصل إسرائيلي روسي ما زال نشطا لإدارة الصراعات في المنطقة، وأن التفاهمات المتعلقة بالميدان السوري قد تنسحب على لبنان في معادلة تتقاطع فيها المصالح الروسية الإسرائيلية.
– كانت مصادر روسية قد كشفت قبل أيام أن السفيرة الإسرائيلية في موسكو، سيمون هالبرين أبلغت السلطات الروسية في يوليو الماضي، رسالة من رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو تقول: “إما أن يُطبق لُبنان فورا القرار 1701، أو سوف تجتاح إسرائيل الجنوب وتفتح حربًا واسعة على حزب الله”. ما يعني أن إسرائيل تضع روسيا دائمة في صورة خططها في لبنان وتنسّق معها.
– كان لافتا أن القوات الروسية كانت أخلت في 9 اكتوبر 2024 مواقعها في تل الشحار وريف مسحره بريف القنيطرة قرب خطوط التماس مع الجولان السوري. ما يكشف عن استمرار التنسيق بين روسيا وإسرائيل في الشأن السوري المعمول بها منذ التفاهمات التي أُبرمت بين الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، ونتنياهو قبل التدخل العسكري الروسي في سوريا في خريف 2015.
– ذكرت معلومات أن مشاورات حصلت بين إسرائيل وروسيا بشأن الضربة الإسرائيلية الأخيرة ضد إيران. وكشف مصدر روسي رفيع المستوى أن ما استطاعت روسيا فعله، هو الطلب من “الصديق بيبي” (نتنياهو)، ألاّ يضرب البرامج النوويّة، أو المقار الحيويّة في بُنية الدولة، وكان لافتا تقاطع مطالب موسكو مع مطالب واشنطن في هذا الصدد.
– كانت معلومات قد كشفت أن موسكو قدمت معلومات استخباراتية لطهران قبل بدء الهجوم الإسرائيلي على إيران بساعات. وكشف موقع “أكسيوس” الأميركي، إن إسرائيل أرسلت رسالة إلى إيران قبل غاراتها الجوية. ولا يستبعد محللون أن إسرائيل أبلغت روسيا بالضربة وحملتها الرسالة.
– كان لافتا ما نقل عن مسؤول روسي رفيع، من أن موسكو أبلغت وفدا زارها من حركة حماس: “نحن لسنا مع حماس، وبيننا خلافاتٌ أيديولوجية كبيرة، وموقفنا في سوريا الداعم للدولة اختلف عن موقفكم الداعم للمقاتلين، وكذلك لسنا حلفاء إيديولوجيًّا لحركة الإخوان المسلمين وموسكو حاربت التطرف الإسلامي والإرهاب، ونحن اختلفنا أيضا معكم حول ما سُمي بالربيع العربي، ونحن نؤيد منظمة التحرير كممثل شرعي ووحيد للشعب الفلسطيني وكذلك بالرئيس الفلسطيني والسلطة، ولذلك فموقفنا واضح وهو ضرورة توحيد الصف الفلسطيني في إطار منظمة التحرير”.
– فُهم من هذه المواقف أن موسكو تودّ أن توضح، وربما للطرف الإسرائيلي، حقيقة موقفها بعد لغط شاب العلاقة مع إسرائيل بسبب مواقف صدرت عن موسكو بعد “طوفان الأقصى” واستقبالها وفودا لحركة حماس.
– تقاطعت مصادر مختلفة تقول إن إسرائيل رفضت حتى الآن تزويد أوكرانيا بالمعدات العسكرية، رغم انتقادها لحرب روسيا في أوكرانيا وتحالفها مع إيران. ويلفت الخبراء إلى أن روسيا ترى أنه من الممكن أن تبدأ إسرائيل بإرسال أسلحة إلى أوكرانيا إذا ساندت بشكل أكبر الحليف الإيراني.
– رغم التسريبات الإسرائيلية بشأن دور روسي في اتفاق محتمل في لبنان، فإنه من غير الواضح ما إذا كانت واشنطن موافقة على منح روسيا دورا في اتفاق يؤسس لتحوّلات قد تطال مستقبل لبنان والتوازنات داخله.
– ترى بعض التحليلات أن لروسيا مصلحة في تعزيز دورها في سوريا ولبنان في أعقاب الضغوط العسكرية التي تمارسها إسرائيل ضد مصالح إيران في سوريا ولبنان. ويدعو هؤلاء إلى مراقبة موقف إيران من دور محتمل لروسيا في لبنان ومدى انسجامه مع سيناريوهات حلّ في لبنان يغلب عليه الطابع الغربي.
خلاصة:
**تلفت التسريبات الإسرائيلية عن دور تهتم روسيا بلعبه في اتفاق إنهاء للحرب في لبنان يناقش مع الولايات المتحدة.
**يتساءل مراقبون عما إذا كانت إسرائيل قد ناقشت احتمالات الدور الروسي مع موفدي واشنطن وعما إذا كانت الأخيرة موافقة على تمدد دور روسي من سوريا إلى لبنان.
**يقوم احتمال هذا الدور على احترام روسيا لتفاهمات قديمة مع إسرائيل لإدارة الصراع في سوريا، والكشف عن موقف موسكو بعدم اعتراض أي تحرّك إسرائيلي جنوب سوريا.
**بعثت روسيا من خلال مواقف جديدة برسائل توضح موقفها من حركة حماس، كما حرصها على حسن العلاقة مع إسرائيل التي لم تزوّد أوكرانيا بالسلاح.
**يطرح احتمال دور لروسيا في اتفاق لبنان أسئلة بشأن موقف إيران من هذا التطوّر وعما إذا كان منسّقا ومتّسقا مع مصالح إيران في لبنان.
**كان لافتاً أن روسيا طلبت من إسرائيل عدم ضرب اهداف نووية وبنى تحتية للدولة في إيران في إطار الردّ الإسرائيلي، وهي نفس مطالب الإدارة الأميركية في واشنطن، وأن موسكو زوّدت إيران بمعلومات استخبارية قبل الضربة قد يكون مصدرها إسرائيل.