أصدقاء إسرائيل يتقدمون في التنافس على زعامة حزب المحافظين البريطانيين
حمزة علي، مركز تقدم للسياسات
ملخص ورقة سياسات
بعد خسارة حزب المحافظين في الانتخابات البرلمانية في يوليو الماضي، والتي وصفت بالكارثية، خسر الحزب نحو ستة ملايين صوت، حملت المسؤولية لأطراف عدة ومنها الازمة الاقتصادية الخانقة بعد جائحة كورونا ثم الحرب الأوكرانية، والالتزامات البريطانية الدفاعية في إطار الناتو لوقف الاندفاعة الروسية. لكن أقسى الاتهامات وجهت الى رئيس الحزب ريشي سوناك من الأصول الملونة، ولم تخل اللغة المستخدمة ضده من إشارات عنصرية، من حزب يفتخر بان قاعدته الاجتماعية هي من ذوو البشرة البيضاء الإنجليزية.
بدأت رحلة البحث عن رئيس جديد للحزب، يحمل مسؤولية استعادة مكانة المحافظين في الحياة السياسية ومواجهة تيار نايجل فاراج اليميني المتطرف الذي بات يهدد قاعدة المحافظين ومكانتهم اللاحقة. فقد احتل روبرت جينريك وزير الهجرة الأسبق المركز الأول في الجولة الأولى من السباق على زعامة الحزب، وحصل على دعم 28 نائبًا من حزب المحافظين، مما جعله متقدمًا بستة أصوات على كيمي بادينوتش وزيرة الأعمال التي احتلت المركز الثاني.
لكن اللافت ان متصدري السباق على قيادة الحزب هم من المؤيدين المخلصين لإسرائيل والدفاع عن سياساتها وحتى جرائمها في قطاع غزة.
لكن تصدر انصار إسرائيل للمشهد لم يخل من الانتقاد والتوقف والتحليل:
– ندد وزير الخارجية البريطاني السابق السير آلان دنكان بالمرشح لزعامة حزب المحافظين روبرت جينريك ووصفه بأنه “متطرف” بسبب موقفه من إسرائيل وفلسطين، محذرا من أنه “سيكون كارثة إذا أصبح زعيما للحزب “. وأعرب الوزير السابق عن مخاوف أوسع نطاقا بشأن تأثير الجماعات المؤيدة لإسرائيل على سياسة حزب المحافظين، مشيرا إلى أن السياسة الخارجية “متأثرة بشدة بأصدقاء إسرائيل المحافظين وتدفقات المانحين التي تصاحبها”.
– أشار الان دنكان إلى أنه عندما دخل السياسة قبل 30 عاما، كان هناك 40 ألف مستوطن في الضفة الغربية، مقارنة بنحو 700 ألف اليوم. وزعم أن هذا التوسع جعل حل الدولتين “شبه مستحيل”. في عام 2011، بصفته وزيرا مساعدا مسؤولا عن المساعدات الخارجية في وزارة التنمية الدولية، شارك في مقطع فيديو حكومي قال فيه إن إسرائيل نفذت “استيلاء على الأراضي” في الأراضي الفلسطينية المحتلة. وقد استقبلت هذه التصريحات بغضب من قبل أصدقاء إسرائيل المحافظين ووبخوه على ذلك.
– كشفت صحيفة الإندبندنت مؤخرا، أن أصدقاء إسرائيل المحافظين يتباهون بأن عضويتهم تشمل 80 في المائة من أعضاء البرلمان من الحزب. ويمكنهم استدعاء وزراء الحكومة لتناول وجبات الغداء والعشاء. كما وصف المؤرخ والسياسي المحافظ البارز روبرت رودس جيمس ذات مرة منظمة أصدقاء إسرائيل المحافظين بأنها “أكبر منظمة في أوروبا الغربية مكرسة لقضية شعب إسرائيل”.
أبرز المرشحين لقيادة المحافظين:
• روبرت جينريك ، تاييد أعمى لإسرائيل
– في مؤتمر حزب المحافظين الأخير هذا العام، دافع روبرت جينريك بقوة عن الدولة الإسرائيلية وأعرب عن تشككه في الطابع المحتمل للدولة الفلسطينية المستقبلية. وقال للمندوبين: “إسرائيل هي الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط. وأتمنى ان أرى عالما فيه دولة فلسطينية ديمقراطية وليبرالية وحرة مثل إسرائيل، ذلك مستبعد بعض الشيء” حسب قوله.
– وأثناء الحرب على غزة وصف جينريك هزيمة حماس على يد إسرائيل “سيكون نعمة لهذا العالم”. وفي مؤتمر الحزب ، ظهر مرتديا قميصا كتب عليه “حماس إرهابية” وقال في المؤتمر إن نجمة داوود يجب أن تُعرض عند كل نقطة دخول إلى المملكة المتحدة لإظهار دعم البلاد لإسرائيل.
– وعد جينريك إنه إذا فاز بالزعامة، فإن بيان المحافظين القادم سوف يتضمن “اعترافا بالقدس عاصمة شرعية لدولة إسرائيل”، ويعمل على نقل السفارة البريطانية من تل أبيب الى القدس. “وإذا لم تفعل وزارة الخارجية ذلك، فسأعمل عليه بنفسي”.
– أوضح جينريك، أنه سيبقى على نضاله في البرلمان من اجل الضغط على حكومة العمال المتردد في فرض الحظر على الحرس الثوري الايراني وأعرب عن إحباطه من فشل الحكومة المحافظة السابقة في اصدرا قرار الحظر.
– ذكرت صحيفة الغارديان أنه عندما كان يشغل منصب وزير الهجرة، ورد أن جينريك تدخل لسؤال وزارة الداخلية عما إذا كان من الممكن إلغاء تأشيرة الطالبة الفلسطينية دانا أبو قمر في أكتوبر بعد احتجاجها على الاحداث في غزة في جامعة مانشستر.
– تم الكشف مؤخرًا في وسائل الإعلام البريطانية عن أن روبرت جينريك تلقى تبرعات من ملياردير يدير شركته شحن الأسلحة إلى إسرائيل. والاتهام علني موجه لعيدان عوفر الذي تبرع بحوالي 70 ألف جنيه إسترليني لجينريك في دفعتين منفصلتين. يذكر ان عوفر هو مالك شركة كينون القابضة التي تمتلك أيضا حصة في شركة زيم للشحن التي تنقل الأسلحة إلى إسرائيل.
• بادينوتش المرشحة الثانية للرئاسة مؤيدة متحمسة لإسرائيل
– منافسته في المسابقة على زعامة المحافظين، التي سيتم الإعلان عنها في الثاني من نوفمبر، هي كيمي بادينوتش: المولودة في ويمبلدون، ولكن عاشت في الولايات المتحدة ونيجيريا عندما كانت طفلة قبل أن تعود إلى المملكة المتحدة في سن السادسة عشرة.
– كانت من الداعمين النشيطين لحملة التصويت لمغادرة الاتحاد الأوروبي في عام 2016 وفي انتخابات العام التالي انتخبت للبرلمان عن مقعد سافرون والدن في إسيكس. وهي أيضًا مؤيدة قوية لإسرائيل. قالت إنها لو كانت زعيمة لهنأت رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على إصداره الأمر باغتيال زعيم حزب الله حسن نصر الله. اضافت: “حزب الله منظمة إرهابية وأعتقد أن القدرة على إزالة زعيم حزب الله كما فعلوا ستخلق المزيد من السلام في الشرق الأوسط”.
– أشارت بادينوتش إلى عدم موافقتها على القرار الأخير الذي اتخذته حكومة حزب العمال بوقف 30 من أصل 350 اتفاقية تصدير للأسلحة إلى إسرائيل، قائلة إنه كان “قراراً سياسياً”، وأعربت عن صدمتها إزاء “عدد المهاجرين الجدد إلى المملكة المتحدة الذين يكرهون إسرائيل”.
الخلاصة:
لم يكن غريبا على حزب المحافظين موقفه الداعم لإسرائيل، لكن الجديد ان غالبية المتنافسين الاقوياء على زعامة الحزب يجاهرون اليوم بمواقف تقع على يمين الصهيونية الدينية اليهودية في إسرائيل، ومن غير المتوقع ان يتمكن الليبراليون في الحزب من وقف هذا الانتقال نحو التطرف تجاه الصراع في الشرق الاوسط او تجاه المهاجرين والمسلمين، فحسابات قادة الحزب ومفكريه هي كيف يمكن الحفاظ على قاعدته الاجتماعية المحافظة واليمينية من مركزي تهديد ، الاول ، ويمثلها حزب العمال الذي غادر مواقع اليسار الاجتماعي الديمقراطي وانتقل للمنافسة على مواقع المحافظين، والأخر من حزب الإصلاح اليميني القومي والذي حصل على أربعة ملايين صوت جاء من القاعدة الانتخابية لحزب المحافظين.