أبرز التطورات السياسية في المشهد السوداني
إنهاك المراهنين على الحسم العسكري
تقرير، مركز تقدم للسياسات
ملخص:
استطاع رئيس المجلس السيادي في السودان الفريق عبد الفتاح البرهان تأمين دعم عسكري وسياسي من خلال جولاته الأخيرة في كل من الجزائر وليبيا ومصر، وعزز موقفه التفاوضي بعد تقدم ملموس لقواته في محور امدرمان , ونجاحه في إيقاف تقدم قوات الدعم السريع في الولايات الشمالية والشرقية والوسطية ، نتيجة لنجاح حملة المقاومة الشعبية ومشاركة الحركات المسلحة ، وإدارة الإسلاميين للمعركة بمسمي هيئة العمليات التابعة لجهاز الامن والمخابرات وبمشاركة إيرانية بحسب مصادر متقاطعة في الخرطوم , والاهم , حصوله علي مسيرات وأسلحة متطورة . كما نجح البرهان في شراء الوقت ب”تعطيل المبادرات” في محاولة لتقوية موقفه العسكري ومركزه التفاوضي وفرض حلفائه الإسلاميين في العملية السياسية الي جانب المحافظة علي موقعه الرئاسي ووضعية المنظومة الأمنية والعسكرية.
في التفاصيل:
• جاءت زيارة قائد الدعم السريع الفريق محمد حمدان دقلو لليبيا بدعوة من رئيس حكومة طرابلس عبد الحميد الدبيبة , بعد يوم واحد من زيارة غريمه البرهان، الامر الذي دفع المراقبين الى توقع انطلاق عملية سلمية جديدة تحت إشراف الالية الرباعية بالإضافة لمصر , علي غرار لقاء المنامة , التي كانت تحت اشراف المخابرات الإقليمية مع أول وجود رسمي لمصر, ويتزامن ذلك مع زيارة وفد الية الاتحاد الافريقي رفيعة المستوي المعنية بالسودان لمدينة بورتسودان ولقائهم البرهان الذي اشترط إعادة عضوية السودان للاتحاد وانسحاب الدعم السريع من المدن قبل استئنافه الحوار .
• أعلنت الولايات المتحدة تعيين مبعوث خاص جديد للسودان، الدبلوماسي السابق وعضو الكونجرس، بيرييلو سيبني. يأتي ذلك استجابة لطلب النواب بتعيين مبعوث مستقل قادر علي المساعدة في انهاء الازمة. من المتوقع أن يقوم المبعوث بإحياء المبادرة الافريقية والالية الرباعية بهدف تحقيق وقف إطلاق نار بمقاربات جديدة تتجاوز معضلة الاتفاق الإطاري.
• تنعقد في كمبالا، يوغندا ,الأعمال التحضيرية للمؤتمر التأسيسي لجبهة القوي المدنية الديمقراطية , “تقدم” , برئاسة عبدالله حمدوك , حيث تجري فعاليات ورشة الإصلاح الأمني والعسكري وبناء الجيش بالتزامن مع ورشة العدالة الانتقالية , وذلك في الفترة بين 3 -7 أبريل . ومن المقرر أن تكون خلاصة التوصيات للمؤتمر التأسيسي المزمع عقده في منصف أيار القادم. وقال مراقبون ان غياب اطراف أساسية عن ورش العمل التحضيرية يضعف موقف القوى المدنية مما يجعلها امتدادا لحالة الانقسام داخل القوى السياسية، وفي مقدمة الغائبين، الحزب الشيوعي وحزب البعث، الحركة الشعبية، عبدالعزيز الحلو , وحركة تحرير السودان عبد الواحد محمد نور وعدد مقدر من لجان المقاومة .
• يتحفظ الدعم السريع على الورش التحضيرية للمؤتمر التأسيسي لجبهة القوي المدنية الديمقراطية، وذلك بسبب عدم المشاركة الكافية لواجهاته المدنية في الورش، ومخاوفه من مخرجاتها بحكم سيطرة قوى محسوبة جهويا وقبليا على منظومة النظام القديم.
• تتباعد شقة الخلاف بين القوي الرئيسية المكونة والداعمة للاتفاق الإطاري، قوي الحرية والتغيير المجلس المركزي وقوات الدعم السريع، وذلك بسبب انتقاداتها العلنية لانتهاكات الحرب في ولاية الجزيرة، معقل قواعد حركات “تقدم” , التي يحمل قيادتها مسؤولية الجرائم المرتكبة من قتل وسرقة واغتصاب بحسب تصريحاتهم للدعم السريع . ولا يستبعد ان تؤدي هذه الانتقادات والحملات الى انفراط عقد الاتفاقات الموقعة بين الطرفين في اديس ابابا مطلع العام الجاري، ويتوقع أن تكون بداية انهيار العلاقة ان يؤسس الدعم السريع مقارباته السياسية القادمة بعيدة عن قوى الحرية والتغيير، وبذلك يسقط من التزاماته لهم في اديس ابابا قضية استبعاد الإسلاميين من العملية السياسية، وهي القضية التي تشكل جوهر الخلاف مع قيادة الجيش برئاسة البرهان، الامر الذي قد يفتح الباب لاستئناف مسار التفاوض مجددا.
• أعلن وزير المالية جبريل إبراهيم، أن نسبة العجز في الميزانية بلغ 80% , نتيجة لخروج الذهب من معادلة الاقتصاد الوطني والذي يقترب ان يكون المصدر الوحيد لدخل الدولة العام, بعد توقف القطاع التجاري والصناعي والاتصالات وضعف عائدات الجمارك، واعلن ميزانية للحرب مدتها 6 شهور , وكشف عن مجهودات للحصول علي قروض من خلال إجراء مسح جيولوجي تقوم به ألمانيا لمعرفة مخزون المعادن وخاصة اليورانيوم .
خلاصة
تحركات قيادة الجيش والدعم السريع في البحرين وليبيا ,تشير إلي رغبة طرفا الحرب في تحقيق السلام بعيدا عن خارطة الاتحاد الافريقي للحل , والتي تقترح مسارات سياسية مباشرة يقودها تحالف القوي الديمقراطية المدنية ” تقدم” مما يعني احتمالية ثنائية الحل بين الطرفين المتصارعين , وجعل العملية السياسية شاملة لكل الأطراف , يفرض هذا الاحتمال مخاطر تحول الصراع الي حرب أهلية والتواجد الإيراني في البحر الأحمر إلي جانب هشاشة الأوضاع في الجوار الإقليمي “تشاد ,جنوب السودان, إثيوبيا” , والأهم , طرفا الحرب باتا اكثر ميلا لإنهاءها ، بعد عام من القتال المرير , فالدعم السريع يعاني من تزايد تحدياته الداخلية وقدرته على السيطرة على المقاتلين وإدارة الحرب , كما تعاني قيادة الجيش من تغول الإسلاميين وسيطرتهم على مرافق ما تبقى من الدولة والنفوذ المتزايد داخل الجيش ، وكذا شبح الانهيار الاقتصادي الكامل في البلاد .